إيلاف من بيروت: نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية ما قالت إنه مضمون مقابلة مع الطبيب اللبناني غسان أبو ذياب، مؤسس المنتدى العالمي للأديان والإنسانية، والمستقر في الولايات المتحدة، وهو على شكل رسالة، عنونها أبو ذياب "من أجل أولادي"، يدعو فيها إلى السلام بين الشعبين اللبناني والإسرائيلي.

ترجمت "إيلاف" الرسالة كاملة، كما نشرتها الصحيفة الإسرائيلية، وكما نشرها أبو ذياب نفسه على صفحته الرسمية في موقع "لينكد إن"، وهذا نصها:

اسمي الدكتور غسان بو دياب، وأريد أن أنقل رسالة سلام من أرض الأرز إلى الشعب الإسرائيلي.

بعد 75 عاماً من حروب لا معنى لها بين لبنان وإسرائيل، حان الوقت لنفكر جميعًا في توجه مختلف. حان الوقت لنتأمل في ما قاله الراحلان الشجاعان (مناحيم) بيغن و(أنور) السادات في (معاهدة) كامب ديفيد تحت رعاية الولايات المتحدة: "لا لمزيد من الحرب، لا لمزيد من سفك الدماء، لا لمزيد من الدموع".

فلماذا أحارب إسرائيل أصلاً؟ لماذا لا أتعامل مع إسرائيل أو أستمتع بحقيقة أنني جار لإسرائيل؟ لماذا عليّ الإشادة بالحرس الثوري الإيراني وملالي طهران الإرهابيين؟

كم من اللبنانيين يجب أن يموتوا من أجل إيران؟ ولماذا أكون أداة في يد علي خامنئي؟

لماذا تسفك دماء اللبنانيين في سبيل مشروع نازيي نظام الملالي الجدد؟ لماذا علينا أن نتعامل مع أجندة خارجية تأخذ كل اللبنانيين رهائن؟

إنها ليست قضيتنا، وليست مصلحة وطنية بالنسبة إلينا.

أنا اللبناني الحر، لا أريد ذلك، بل أريد السلام، وأريد أن أمد يدي إلى الجانب الآخر من الحدود، آملًا في أن تقابلني يد من يشاطرني رأيي.

إننا بحاجة إلى شريك من الجانب الآخر من الحدود لبناء السلام للغد، لما بعد القضاء على الإرهابيين وهزيمتهم.

لإسرائيل الحق الكامل في الدفاع عن مواطنيها والتمتع بحدود آمنة. لا شيء يبرر اعتداء 7 أكتوبر الإرهابي ولا المغامرة المجنونة التي لا معنى لها التي يقود حسن نصر الله وشريكه رئيس حركة أمل (نبيه بري) لبنان نحوها.

لو تعرض لبنان للهجوم نفسه فماذا سيكون رد اللبنانيين؟ أنا لا أسعى إلى تبرير القتل غير الضروري للمدنيين، لكن ألا يحق لإسرائيل أن تدافع عن نفسها ضد هذا الشر؟

إننا نواجه معضلة.

إنّ تعرض بلدنا الحبيب للقصف أمر محزن، لكن العيش رهينة للشيعية السياسية الإرهابية التي تقوده الجمهورية الإسلامية، والتي بدورها تحتل إيران، يشكل في حد ذاته تحدياً كبيراً. لا يمكن أن نتعايش مع التشيع السياسي الذي لا يتوافق إلا مع ما يريده الفقيه، «الزعيم الحكيم» في طهران. يقولون صراحة إن حزب الله هو إيران. مع ذلك، فإن حزب الله منظمة إرهابية تأخذ لبنان رهينة.

إسرائيل ذكية بما يكفي لتعرف أنه لا يمكن توقيع سلام مع طائفة لبنانية واحدة، بل يجب توقيع السلام بين الأمم والشعوب. انهيار اتفاق 17 مايو 1983 مثال تاريخي على ما أقول. والاتفاق الأخير على ترسيم الحدود البحرية، والذي لم يمر في البرلمان اللبناني ولا في الكنيست، كان مثالاً سيئاً. إننا نريد سلامًا بين دولتين وليس سلامًا مع الطوائف. نريد سلامًا بين الدولتين برعاية الولايات المتحدة وزعماء عرب آخرين.

ما كان آباؤنا المؤسسون في لبنان من أنصار التشيع السياسي. كانوا موارنة ودروزًا مثل الأمير فخر الدين الثاني. العقد الاجتماعي الدرزي - الماروني أنشأ دولة لبنان الكبير. والعلاقات بين لبنان وإسرائيل تعود إلى ما قبل قيام الدولتين الحديثتين، لبنان وإسرائيل، إلى زمن الفينيقيين والملك سليمان الذي جلب أرز لبنان لبناء هيكله، وإلى زمن الملك حيرام وآخرين. لا علاقة لهذا الماضي المجيد بالنظام الإرهابي الذي يحتجز بلادنا رهينة.

ما الذي يمنع (الإسرائيلي) من القدوم إلى جونيه، أو يمنعني من التجول في تل أبيب؟ لماذا أقاتله؟ لا معنى لهذا كله. المنطقي هو السلام الدائم والدبلوماسية بين الناس. إننا نقاتل عدوًا مشتركًا يسمى النظام "الإسلامي" الذي يحتل إيران، ووكلائه الإرهابيين.

ليس ضروريًا أن تكون إسرائيل في حالة تأهب كل سنتين أو ثلاث لمجرد أن خامنئي يريد إثارة المشكلات وحجز مقعد على طاولة المفاوضات مع الإدارة الأميركية. لا أريد أن تكون حدودي سبباً لأية تهديدات. أريد مشاريع سياحية مشتركة بين الشركات الإسرائيلية واللبنانية في الناقورة. أريد أن يزور أطفالي مقام النبي شعيب المقدس في حطين. إسرائيل دولة متنوعة. لماذا لا أستطيع زيارة قبر السيد المسيح أو المسجد الأقصى؟ لماذا يبني أي شخص أيديولوجيا كاملة على الكراهية والقتل؟ لماذا يحتفي أي شخص بمقتل أشخاص كانوا يحتفلون؟ الفاشيون أو النازيون هم من يحتفلون بهذا القتل.

أنا مستعد للعمل مع كل من هو مستعد للحفاظ على مستقبل مبني على الحب والعلاقات الاقتصادية والمصالح الوطنية، بدلا من الكراهية. أنا جار إسرائيل، ولي مصالحي الوطنية، والسلام هو مصلحتي الوطنية.

ستجد بالتأكيد أشخاصًا يسموننا جواسيس وخونة صهاينة. لا أهتم. أنا أفعل ذلك من أجل مستقبل الشعبين اللبناني واليهودي. لا أريد أيديولوجية الكراهية. 75 سنة تكفي.

حان الوقت لمنح السلام فرصة. علينا أن نفكر في الوحدة والتنوع، وأن نعلن هذا السلام؛ مثلما تتطلب الحرب أشخاصًا شجعانًا وعقولًا قوية. لسنا في الستينيات. إنه عام 2024. المفهوم الكامل لمحاولة إنشاء حدود عديمة الفائدة هو مجرد مزحة. هل يمكنهم حقاً منعي من التحدث معك؟

لماذا؟ إذا اختلفنا، دعونا نتحدث عن ذلك. هناك كلمة سرية - حوار – وهي كلام وتفكير بين اثنين. وأنا لا أريد أن أمنعني أحد من التفكير.

كل قطرة دم وذرة تراب ثمينة. بصفتي مواطنًا لبنانيًا، مصلحتي الوطنية هي أن تكون لدينا أفضل العلاقات مع جيراننا. لا وقت للحرب. كل الوقت للسلام والازدهار والتكنولوجيا.

إننا نجيد التسويق، وأنتم تجيدون الإنتاج. فلماذا يجب أن أضيع هذه الفرص؟ ليست مصلحة بلدي في السلام مع إسرائيل فحسب، بل في الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل. لن أطالب بغصن زيتون كما فعل (ياسر) عرفات آنذاك. يتطلب القرن الحادي والعشرين نهجًا مختلفًا. ما أفعله هو مد يد قوية بالسلام، الشيء الوحيد الذي يحمله هذا السلام هو السلام، لكي يقابلني أشخاص ذوي تفكير مماثل من المثقفين الإسرائيليين والجمهور الذين يعتقدون أنه إذا كنت شجاعًا بما يكفي لخوض الحرب، فكن شجاعا بما يكفي للقتال من أجل السلام. بالطبع، بعد هزيمة الإرهاب.

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وعلى شخص ما أن يبدأ هذه الرحلة.

فلنشعل شمعة صغيرة، بدلاً من أن نلعن الظلام.