كابل من ديفيد رود: يتذكره الصحافيون باسم جاك، وهو جندي سابق في القوات الخاصة الأميركية، غريب الاطوار، مدرع بسلاحه، وفي بعض الأحيان يبدو هذا الشخص متوسط العمر غير متوازن على نحو خطير، وكان قد ظهر في أفغانستان خريف عام 2001.
وسرعان ما برز هذا الشخص المحاط بالحراس الأفغان المسلحين والاشاعات التي تقول انه كان يعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية "سي. آي. إيه". وفي العامين التاليين أجريت معه مقابلات من جانب شبكتي تلفزيون "فوكس" و"سي. بي. إس نيوز" الأميركيتين. وساعد في تأليف كتاب حمل عنوان "ملاحقة بن لادن" وقال انه اكتشف دليلا في أفغانستان يربط العراق بـ"القاعدة".
ومؤخرا ألقي القبض على الشرير جاك، واسمه الحقيقي جوناثان كيث ايديما، مع شخصين أميركيين واتهم بادارة حملته الخاصة المضادة للارهاب في كابل للاقتصاص ممن يسميهم "الارهابيين". وقال مسؤولون أفغان وأميركيون ان ايديما، 48 عاما، والأميركيين الاخرين ادعوا انهم مسؤولون حكوميون وقاموا باعتقال غير قانوني لما لا يقل عن ثمانية من الرجال الأفغان الابرياء لمدة عشرة ايام او يزيد.
وقال دبلوماسي غربي كبير، يبدو ان حملة ايديما كانت محاولة لجعل الوكالات الاستخباراتية الأميركية تأخذه على محمل الجد. وقال مسؤولون أميركيون انه لم تكن لديه صلات بالحكومة الأميركية. وقال الدبلوماسي انه اذا قام بعمل ما ناجح "فإن الحكومة قد توليه اهتماما".
وفي مقال حول اعمال الاستغلال التي قامت بها مجموعة ايديما ارسلت بالبريد الالكتروني الى مؤسسات اعلامية في كابل قبل اعتقاله، كتب صحافي باسم محمد هاشمي ان "مجموعة في غاية السرية من الخارجين على القبعات الخضر كانت قد قررت شل خطة ارهابية كبيرة في كابل بدون دعم الولايات المتحدة وتمويل الحكومة". لكن الصحافيين الأفغان المحليين قالوا انهم لم يسمعوا أبدا بهاشمي هذا ولم يأت رد على رسالة ارسلت الى البريد الالكتروني الذي جاء منه المقال. وقال المقال ان افراد الكوماندوز السابقين، الذين احبطهم عجز الحكومة الأميركية، كانوا قد اطلقوا على انفسهم اسم "فرسان فريق المهمات" واعتقلوا، منذ وصولهم الى أفغانستان قبل ثلاثة اشهر، 13 شخصا مشتبها في مشاركتهم في اعمال ارهابية. وتضمن المقال، الذي بدا وكأنه مكتوب من جانب شخص أميركي، وصفا دقيقا لعمليات الاعتقال غير الشرعي التي ادت الى اعتقال ايديما.
وجاء في المقال ان "افراد القبعات الخضر، الذين كانوا يقودون سيارات من طراز السيارات الرياضية القديمة، ويتمنطقون بأحزمة مسدسات شبيهة بتلك التي يرتديها نجم أفلام رعاة الغرب كلينت ايستوود، ولديهم شعر ولحى طويلة ويضعون وشاحا أفغانيا، كانوا يتصرفون بالطريقة ذاتها التي كانوا يتبعونها في الحرب عامي 2001 و2002 بدون قواعد وبدون مراقبة وبدون خطة". ويضيف المقال: "يبدو انهم، بتغييرهم المدن والبيوت والقواعد خلال كل فترة من ايام عدة، كانوا يظهرون ويختفون بإرادتهم".
وما يزال مسؤولون اميركيون وافغان يحققون في عدد الأفغان الذين اعتقلهم ايديما خلال فترة نشاطه، وكم استغرقت مدة الاعتقال، وهل ألحق أضرارا بأي منهم. وقال الدبلوماسي الغربي ان ملابس ملطخة بالدماء عثر عليها في بيت بكابل حيث حررت السلطات الأفغانية خمسة من الأفغان الذين كان ايديما يعتقلهم.
وما تزال ستائر سوداء معلقة في غرفتين خلفيتين حيث كان يحتجز السجناء في بيته بكابل. ويبدو ان السجناء قد ربطوا الى كراس في المطبخ والحمام، وفقا لما قاله مسؤولون أفغان. وفي مكتب كانت هناك ساعتان معلقتان على جدار، احداهما تعلن عن الوقت في كابل والثانية عن الوقت في فورت براغ، القاعدة العسكرية التي تستخدمها قوات العمليات الخاصة في نورث كارولاينا. وكانت هناك قطعة من الورق تحمل عنوان "مهمات للاستكمال" وفيها سجل عدد من المهمات المتنوعة. وكانت المهمة الثانية "كرازاي" والمهمة الرابعة "غسيل الملابس".
وقال احد السجناء، وهو الميكانيكي محمد حنيف، 19 عاما، في مقابلة معه انه عندما اعتقلته مجموعة ايديما، كانوا قد اقتحموا البيت الذي كان يعمل فيه واطلقوا النار على السقف. وقال أفراد الشرطة المحلية الذين وصلوا الى المكان، ان الأميركيين المسلحين قالوا انهم يعملون مع الجيش الأميركي. وعندما اخذ وسبعة سجناء اخرين الى بيت ايديما، وجدوا أفغانيا اسمه شير علي، قال انه اعتقل هناك قبل ذلك بستة ايام، وفي اليوم التالي غادر علي.
وقال حنيف انه حرم من الطعام والماء خلال الايام الثلاثة الأولى من اعتقاله، وفي مرحلة معينة بات ضعيفا الى الحد الذي فقد وعيه. وقال انه خلال عشرة ايام من الاعتقال كانت يداه موثقتين ووضعت حقيبة على رأسه. واضاف انه عندما سأل المعتقلون سجانيهم عما ان كان بوسعهم الصلاة، اجاب أحد الأميركيين: "أنتم ارهابيون. لماذا تصلون ومن اجل ماذا"؟
وقال مسؤولون أفغان انه يبدو ان كل الاشخاص الذين اعتقلهم ايديما ابرياء. وكان ايديما قد نشأ في بوكيبسي بولاية نيويورك، والتحق بالجيش عام 1975، وكان مكلفا بمهمة لمدة ثلاث سنوات قبل ان يعمل بوحدة قوات الاحتياط الخاصة في نيويورك.
وتساءل علي احمد جلالي، وزير الداخلية الأفغاني، عن كيفية تمكن ايديما من العمل بدون ان تلاحظه وكالات الاستخبارات الاجنبية. وقال انه في اعقاب فضيحة سجن أبو غريب يمكن ان يثير نشاط ايديما شكوك الافغان بالقوات الأميركية. وقال: "هناك اشخاص يحاولون ايجاد ذرائع لإلقاء اللوم في كل شيء على الأميركيين. لقد كان يدير سجنا في كابل".