بورتريه:

... أميركا كرّمت «عبقريته» ولبنان رعاها والـ C.N.N ... «التقطتها»

بيروت ـ من عبدالله ذبيان:

عندما تجالسه، فتدهشك نظراته الثابتة الثاقبة المتلألئة ثقة واعتداداً بالنفس، تحدثه فتقع على محاور لبق ذي ثقافة واسعة الافق,,, يتقن فن النقاش و«المناورة», وبعد عملية كر وفر فكرية تصل الى اقتناع مفاده ان هذا الفتى,,, «عبقري», ولم لا؟ فأنت في مجلس أصغر كاتب في العالم وضع مؤلفه الأول وهو بعد في الـ 13 من عمره ليقتحم موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية من الباب العريض, من هو راندي نحلة الصغير في السن والكبير في الموهبة ؟
الطفولة,,, هي الأساس
راندي، النجل الوحيد للدكتور اللبناني الاختصاصي في تقويم العمود الفقري غازي نمر من مدينة النبطية الجنوبية، ووالدته بولين عبدالله جبور الحائزة على ماجستير في العلوم الاجتماعية وإجازة في الفلسفة العامة.
من مواليد 14 سبتمبر 1985 (لوس انجيليس ـ كاليفورنيا)، حرص ذووه ومنذ نعوّمة اظافره على زرع التنمية الفكرية لديه اضافة الى التربية الكلاسيكية التقليدية, ففي الرابعة من عمره ادخل الى مدرسة الرسم وخصص له استاذ لتعليم الموسيقى في المنزل ، حيث ترعرع مع مكتبة ضمت جميع انواع الكتب والقصص لتشجيعه على القراءة وسط جو هادئ ومريح,,, والأهم من ذلك كله ان أهله تعاملوا معه كصديق وليس كولد يتلقى الأوامر.
«تمكن راندي من حفظ الأحرف الأبجدية وهو في عامه الثاني مشكّلا الكلمات على اساسها وكنت أعلقها له على باب الثلاجة في المطبخ, وما ان اتم عامه الرابع حتى بات قادراً على قراءة الكتب! وأولى قراءاته كانت بوليسية» بحسب والدته بولين.
هذا المناخ إنعكس تفوقاً مدرسياً لراندي الذي كان يملك القدرة على مناقشة اساتذته ورغبته في المعرفة والحصول على اجابات مقنعة معززة بالتفسيرات والتعليلات, وفي العام 1992 نال معدل 99,9 في المئة واحتل المركز الأول في مدارس لوس انجيليس, وعندما انتقل مع عائلته للعيش في لبنان نهائياً العام 1993 لم يكن ملّماً بالعربية ولا يعرف الفرنسية فالتحق بمدرسة الراهبات في غزير (شرق بيروت) وسرعان ما تفوق في اللغتين المذكورتين فكان الأول على صفه، ورافقه هذا التفوّق في مسيرته الدراسية، وكان في كل عام يحصل على منح كاملة فضلاً عن الإعفاءات من الامتحانات النهائية.
كتبت أول قصة وأضعتها!
في الثامنة لمعت في رأسه فكرة لاقت التشجيع والاحتضان من الأهل وهي محاولة تأليف قصة، وبالفعل دأب على ذلك واستفاد من مطالعاته التي توقدت داخله ابتكاراً, وبالفعل كتب أول قصة وطبعها على الكمبيوتر لكنه اضاعها ويقول «كنت في العاشرة عندما كتبت اول قصة كاملة ولكنني «اضعتها للاسف على الكمبيوتر، ولكن ذلك لم يشكّل عائقاً بالنسبة إليَّ، فكتبت قصة ثانية وشعرت بانها ضعيفة بعض الشيء ، الى ان وصلت الى تأليف كتاب «الانتقام» (Revenge ) في يونيو 1998 وهو عبارة عن سلسلة قصص بوليسية صدرت منشورة بعد شهر حيث وضعت لها دفتر تطبيق و«كتاب المعلم» ودُرّست في عدد من المدارس, وروت القصة الأولى حكاية رجل ثري جداً يعيش في بيفرلي هيلز (الولايات المتحدة) وبعد فترة قصيرة من زواجه بدأ يتعرض للتهديدات من مجهولين يطالبونه بالانفصال عن زوجته ودفع مبالغ مالية ,,, فتسلمت عائلة هوك القضية وباشرت التحقيقات, اما الشخصيات فهي متعددة وأبطالها أشقاء ثلاثة في عمر الشباب».
حطمّت رقم الكاتبة الفرنسية !
كان هاجس راندي تحقيق حلمه كأصغر مؤلف لتحطيم رقم الفتاة الفرنسية التي كتبت قصة في الـ 16 من عمرها ودخلت موسوعة «غينيس», ومع انجازه روايته اتصل بموسوعة «غينيس» في لندن وأبلغ المعنيين فيها بأنه انجز تأليف روايته باللغة الإنكليزية ثم أرسلها والكتب المرافقة لها.
وفي انتظار «الجواب ـ الحلم» صدرت لراندي روايته الثانية في اغسطس 1999 بعنوان «الشبه» قبل ان يكمل الرابعة عشرة من عمره ثم كانت رواية (Mirror Image) والتي شكلّت الجزء الثاني من سلسلة «محفوظات عائلة هوك» والتي نشرت في فبراير 2000 .
وفي اغسطس 2000 منحت «غينيس» راندي شهادة أصغر مؤلف في العالم ، وتسلّم فيما بعد نسخة العام 2001 من الموسوعة وكان اسم راندي مدرجاً فيها كأصغر مؤلف: ويقول: «كنت بانتظار موافقة «غينيس » متوقعاً ان ينزل اسمي في الموسوعة ولكن عندما تبلّغت الموافقة على ذلك فرحتُ كثيراً، فالأمل في حصول امر ما شيء ورؤيته يحصل شيء آخر ,,, وخصوصاً اني حققت حلمي بتحطيم رقم المؤلفة الفرنسية»!.
ويتحدث راندي عن نفسه بلغة الواثق من قدراته والمعتّد بما انجز: «قرأت العديد من الكتب قبل تأليف روايتي الأولى وصل عددها الى 500 كتاب غالبيتها روايات بوليسية، وخصوصاً أغاثا كريستي التي تأثرت بها كثيراً، وكنت اشعر بان هناك اشياء كثيرة في داخلي لا تترجم الا بالكتابة,,, لذلك تراني ألتهم الكتب التهاما وأطالع خمس عشرة ساعة يومياً.
جوائز,,, وحكم لمسابقة عالمية !
أقيمت لراندي احتفالات تكريمية في الولايات المتحدة ولبنان ودول اخرى ، ونال العديد من الجوائز نذكر منها: الدرع الفضية من جمعية خريجي جامعات الولايات المتحدة الأميركية، الدرع التقديرية من لجنة ملكة جمال السلام ـ جائزة المسابقة في الشعر من «اطباء بلا حدود» في دبي ـ تمثال تذكاري من نادي «الليونز» ـ تكريم من لجنة «ملكة جمال الإنترنت» ـ ميدالية مؤسسة الحريري الذهبية الخاصة بالمبدعين ـ عيّن تكريماً لتميزه حكماً لمسابقة الشعر العالمي في واشنطن عبر الإنترنت ـ جائزة سعيد عقل الأسبوعية.
لراندي باع طويل في مجال النشاطات ايضاً، فهو ناشط بيئي واجتماعي مهم في المدرسة وخارجها، وفي العام الفائت بدأ العمل مع شبكة الـ «C,N,N» وبالتعاون مع «اليونيسف» لتأليف ريبورتاجات وكان له دور المنتج والمشرف, وقد نفذّ ثلاثة ريبورتاجات وقبلت جميعها وكان من المفترض ان يمثل لبنان من خلال ريبورتاج «عمالة الأطفال» في مؤتمر للأمم المتحدة في نيويورك لكن أحداث 11 سبتمبر اجلّت انعقاد المؤتمر, حاز على جائزة مجلة «Educational LeaderShip» الأميركية في الشعر, ورغم كل ذلك لم يهمل دراسته فبقي متفوقاً حيث نال 800/800 في امتحان الـ (SAT) الأميركي البالغ الصعوبة وكان الأول على العالم ، ونال مجموع 1520 علامة لدخول جامعة «هارفرد» بموجب منحة كاملة، علماً ان المعدل المطلوب لدخول هذه الجامعة هو1300 علامة .
يؤمن «العبقري الصغير» ان انتماءه الى حضارته الشرقية وعالمه العربي ووطنه لبنان ونشأته في كنف الحضارة الغربية ساهما في إغناء اسلوبه، وهو ان كان يؤلف بلغة شكسبير الاّ انه تدّرب على الكتابة بلغته الأم العربية وايضا الفرنسية ويقول: «هدفي الوصول الى ثقافة شمولية تمتد الى كل ميادين الثقافة والعلوم».
نابغة عربي تفوق وبرع وتعبقر في بلاد «العم سام»، وها هو يفتح ذراعيه لوطنه العربي الكبير من المحيط الى الخليج,,, راندي نحلة يطمح الى «تغيير نظرة مجتمعنا إلى الفتى واظهار ان الصغار قادرون على تحقيق انجازات كبيرة في جو من التشجيع والدعم».