ايه صدام، نعنشت آمال ايتامك العروبيين برفضك ذكر اسمك للقاضي العراقي في محكمة العصر. ... نعنشت آمالهم بعدما نعنشت جيوبهم بكوبونات النفط سابقا. ولماذا تذكر اسمك؟ اسمك هز اميركا... قض مضاجعها... زلزل ايران... ارعب الكويت... هدد سورية... ازعج تركيا... دمر العراق... لماذا تذكره؟هو مرتبط بوجدان كل عروبي صفق لك واستفاد من عطاءاتك ايها القائد الضرورة... لفواتيره. هو مرتبط بجرائم الدجيل والانفال والجنوب وحتى بتكريت، مرتبط بكل مجزرة حصلت في العراق وحول العراق، بكل هزيمة ونكسة وانتكاسة، بكل صف عربي تمزق وتقارب قومي انهار وأمل بقوة تحطم. مرتبط بكل منديل اسود وضعته سيدة عراقية على رأسها حزنا على ابنها الجندي الذي قتل في حروب الشرق والجنوب، او حزنا على ابنها الذي قتلته السلطة بتهمة الخيانة ورفض المشاركة في قتل شعبه واشقائه، او حزنا على زوج وشقيق واب وعم غرقوا في طوفان المقابر الجماعية ومناجم الجماجم حيث تكرم النظام بعطاءاته فوضع امام كل قبر كلمة «بلا» (اي بلا اسم او عنوان او هوية) حتى تتضاءل الاسماء ما امكن ولا يبقى سوى اسم صدام صادما صادحا مرعبا. لن يخيب صدام ظن العروبيين اليتامى المنتظرين اي امل ضد الاميركيين فهو لم يفعل سابقا ولن يفعل لاحقا. هاجم ايران دفاعا عن الجبهة الشرقية ونكاوة بالاميركيين، غزا الكويت لتوسيع قاعدة الوحدة العربية وابعاد الاميركيين نهائيا عن المنطقة، احتل الخفجي وهدد الامارات وارسل صواريخه الى البحرين والسعودية لبث الرعب في اسرائيل واجبار اميركا على اقامة الدولة الفلسطينية، دمر العراق كي لا يدمره الاميركيون، وضع بلاده في مواجهة مع العالم وتصدى ببسالة غير مشهودة للقوات الغازية، وكان القائد الاوحد في التاريخ الذي استطاع باقل من 19 يوما تحويل «جيش القدس» من سبعة ملايين مقاتل الى سبعة ملايين حبة رمل بنى بها حفرة محصنة وقاد منها عمليات القراءة وتربية اللحية والشعر ثم حير المعتدين بتركهم يبحثون عن اسلحة الدمار عبثا في شعره وبين اسنانه. كان البطل الوحيد في بحر «الخونة» العرب والعراقيين، أولم تقل ابنته رغد في حديثها الشهير انها وبينما ارسل والدها لها سيارة لتهرب رأت جنودا عراقيين «خونة» يهربون... هروبها وهروب والدها «بطولة» وهروب العراقيين «خيانة». ايه صدام ... عفيا، ايتامك العروبيون عادوا الى صباهم وهم يرونك «مشبشبا» رغم كل ما فعلته لامتك وبلدك ونظامك، احبوا صبغة شعرك واجتاحوا الاسواق لشرائها، لا تلمهم على حبهم لك، فعدي لم يغتصب بنتا لهم، وقصي لم يسحل اشقاءهم، وعلي حسن لم يبدهم بالغاز او يحرق منازلهم، وحسين كامل لم يخنقهم بالدوس على رقابهم بقدمه، وبقية الرفاق لم يروا منهم غير الكوبونات والهدايا والدعم وخطب الرجولة ضد «العلوج». ايه صدام... أعدت لايتامك العروبيين سياسة التصدي القائمة على ان مسايرة الانظمة للاميركيين وتقديم اكثر مما يريدون من تحت الطاولة وفوقها هو «تكتيك» وذكاء ومواجهة بطرق متقدمة، وان استمرار قمع ابناء البلد والمواطنين اذا غردوا خارج النظام واجب وطني وقومي، فالقرار للنظام الذي يختزل الارض والشعب بوكالة تاريخية واحيانا دينية عمقتها الحروب والتجارب و...المؤامرات. ايه صدام، في عراق ما بعدك، كان العشرات يتظاهرون خلال محاكمتك، يحملون صورك ويهتفون باسمك الذي رفضت ان تقوله لقاض عراقي وقلته بكل «عنفوان» لجندي اميركي صغير، وكان رجال الامن العراقيون يواكبونهم بكل هدوء ولا يرشون عليهم الكيماوي او يطلقون النار... منظر يزعجك ولا يليق بالسلوك الذي حاولت جاهدا زرعه في الجميع، فرجل الامن في مفهومك يجب ان يطلق النار على الناس كي يبقى العراق العظيم عظيما. ها هم ايتامك العروبيون يرفعون كأسك في مجالسهم ويشربون نخبك في احزابهم، يرقصون «الهوسة» على وقع هتاف : «ويا عروبة مين حماكي غير البعث الاشتراكي». يعتبرون رفضك ذكر اسمك امام «مواطن عراقي» جسرا ينقلهم من «الاحباط» الى «النعنشة»، وتصديك اللفظي للاحتلال والباطل وما بني عليه جسرا ينقلهم من «النعنشة» الى «الزهزهة» ولو تركك القاضي تسترسل في استعراضك وتصل الى مرحلة «فليخسأ الخاسئون» التي ختمت بها كل خطابات الصمود السابقة لكنت نقلتهم من «الزهزهة» الى النشوة، لكن الوعد في 28 نوفمبر وانت لم تخيب أملا لهم ولن تخيبه وعسى ان تكون التكنــولوجيا الاميركية افضل حالا آنذاك ليستمع عشاق البعث الاصيل الى «فليخسأ...» وهم في قمة السلطنة.

[email protected]