اليمن: فرنسا تقلد أمة العليم السوسوة وسام جوقة الشرف وسط حفاوة بالغة تقديرا لإمكانياتها

صنعاء ـ القدس العربي ـ من خالد الحمادي:
وسط حضور كبير من الشخصيات الرسمية والحزبية والدبلوماسية والإعلامية قلّد السفير الفرنسي بصنعاء ألان مورو وزيرة حقوق الإنسان في اليمن أمة العليم السوسوة الوسام الفرنسي (جوقة الشرف الفرنسي) الذي أسسه نابليون بونابرت في العام 1802 ويعد من أعلي الأوسمة في فرنسا.

وقد امتدح السفير الفرنسي الوزيرة اليمنية امتداحا مستفيضا، قبيل تقليدها الوسام الرفيع، وعبّر عن عميق احترامه لهذه المرأة اليمنية التي استطاعت بناء شخصيتها من العدم إلي أن وصلت إلي أعلي منصب يمكن أن تصل إليه المرأة في اليمن، وذلك بجهدها الذاتي وبشخصيتها الديناميكية وبمثابرتها الدائمة وقبل ذلك كله وقوف والدتها إلي جانبها وتشجيعها في كل خطوة تخطوها.
السفير الفرنسي قلّد وسام بلاده للوزيرة السوسوة في ذات حفل الاستقبال الذي أقامته سفارته بذكري الثورة الفرنسية، غير أنه خصص كلمته بالكامل تقريبا لمدح السوسوة وأغفل الحديث عن ذكري ثورة بلاده، رغم عظم شأن تلك الثورة في العالم، إجلالا لهذه المرأة اليمنية، التي حظيت من جانبه بكل هذا التقدير والاحترام ولم يكن الوسام الفرنسي الرفيع إلا تعبيرا عن ذلك التقدير.
وأصرت الوزيرة وأيضا السفير علي حضور والدة أمة العليم حفل التكريم وتقليد الوسام لتشهد الأم ـ رغم كبر سنها ـ هذا الحفل الذي يعبر عن قطف الثمار لما زرعته يداها، في سبيل تربية ورعاية أمة العليم السوسوة التي عاشت يتيمة الأب منذ صغرها، ليضع بين يديها أمانة الأمومة التي نادرا ما تقوم بها امرأة حق القيام بها.

وظل الان مورو في كلمته التي استغرقت نحو 20 دقيقة يعدد مناقب السوسوة ومناقب والدتها أيضا، حتي تسمّر حضور فعالية التكريم وأصغوا إليه باندهاش من هذه الشخصية النسوية اليمنية التي استحقت هذه الحفاوة والتكريم باقتدار، وأعرب السفير الفرنسي عن إعجابه الشديد بوالدتها الصبورة وبالمدينة التي وُلدت فيها واحتضنت مقتبل عمرها وهي مدينة تعز، التي كشف عن حبه لها أيضا.
والسوسوة هي ثاني يمني يحصل علي مثل هذا الوسام الفرنسي بعد رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، الذي يعيش الآن في المنفي خارج اليمن منذ انتهاء الحرب اليمنية في صيف 1994.

ولم يكن هذا الوسام الوحيد للسوسوة فقد تقلدت العديد من الأوسمة والجوائز الخارجية أبرزها جائزة المنظمة الأمريكية (أصوت هامه) في مجال القيادة السياسية النسوية علي مستوي العالم ضمن خمس شخصيات نسائية، والجائزة الدولية لمنظمة (ماريسا بيليساريو) الإيطالية تقديراً لنشاطها في حماية ودعم حقوق الإنسان والحقوق المدنية في اليمن، وجائزة المرأة العام في الشرق الأوسط عام 2003، ووسام تكريم من الشيخة فاطمة، حرم الرئيس السابق لدولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سـلطان آل نهيان، لدورها المتميز في الإعلام العربي لعام 2002.
وتعد من أكفأ وزراء الحكومة الحالية ومن أكثرهم احتراما وتقديرا من قبل الجمهور، لما تبذله من جهود كبيرة في سبيل تحقيق الأهداف السامية التي تطمح إلي تحقيقها في مجال حقوق الإنسان، والتي تعمل بجهود مضنية وكأنها تسير ضد التيار الحكومي والاجتماعي العام في بلد يعاني من التخلف الإدراكي والوعي الجمعي في مجال حقوق الإنسان ويعمل في الاتجاه المعاكس له تماما، حتي أن أحد قادة المعارضة قال نتمني تعيين السوسوة رئيسا للوزراء، لما تمتلكه المرأة من حكمة ومن إنصاف وتعامل راق مع الجميع.
وقبل تعيين السوسوة وزيراً لحقوق الانسان في آذار (مارس) 2003 كانت سفيرا لليمن لدي مملكة هولندا منذ أيلول (سبتمبر) 2000 ووكيلا لوزارة الإعلام منذ 1997.

وأمة السوسوة شخصية وطنية عرفتها محافل الفكر والإعلام والثقافة في اليمن رصينة في أطروحاتها، متوازنة في مواقفها، واعية بواقعها، تتعامل مع مختلف ألوان الطيف السياسي بمساواة ودون تعصب أو ضيق أفق، كانت ولا تزال تمثل أنموذجا للمرأة اليمنية الحكيمة.
في عملها الوظيفي داخل وزارة الإعلام، ظلت وفية لمبدئها في الدفاع عن حقوق الإنسان في الاختلاف بوجهة النظر، ورفضت أن تتحول إلي أداة لقمع الصحافة والصحافيين، وشهدت الوزارة في عهدها أفضل مراحل الحريات الصحافية في اليمن وعندما انتقلت إلي هولندا كسفيرة لليمن هناك قدمت نموذجا جيدا للدبلوماسية اليمنية وصورة متميزة عن شخصية المرأة في بلادها، فهي شخصية بارعة في إقناع الآخرين بمواقفها، عميقة الثقافة، قوية الطرح ومتحدثة بامتياز وتجيد اللغات العربية والإنكليزية بطلاقة والروسية والفرنسية بشكل جيد مما اهلها لكل المناصب التي تقلدتها حتي الآن.