عندما وقف الشاعر الخطيب بين يدي المغفور له الملك عبدالعزيز ملقياً احدى قصائده وحين قال شطر هذا البيت:
وأخشى الذي أخشاه من مصر أنها..

اشرأب اليه الجميع يعصف بهم سؤال.. ما الذي يخشاه من مصر على الملك عبدالعزيز.. أو ما الذي يخافه، لكنه حين أكمل الشطر الثاني قائلا:

تنافسنا فيك الهوى فنضيع

ابتسم الجميع متذوقين براعة الاستهلال ثم الالتفاف على المعنى بالمفهوم الأرقى حين أوضح شخص عبدالعزيز محبوبا لدى الطرفين بل هما يتنافسان..

لن أعيد تشطير البيت فأوجهه إلى خادم الحرمين الملك عبدالله قائلاً «وأخشى الذي أخشاه من واشنطن أنها..» لأنها لن تنافسنا فيه لكن نحن من أصبحنا السعداء حيث كانت أكثر الدول بصفة عامة اهتماماً بالتأبين واحتفاءً بالمبايعة وتقديراً لشخص الملك عبدالله مع أن أهم الشخصيات العالمية أتوا إلى هنا..

كيف استطعنا - معاً - أن نحمي جذور الصداقة القديمة التي تمتد لأكثر من نصف قرن فلا يحرقها لهب الطائرات في المركز التجاري ولا تخيفنا منها اعتداءات الإرهاب في المدن السعودية..

إذا كانت الصحف السعودية تمتلئ بآلاف التهاني يومياً والمبايعات فإننا أيضاً نستشعر التقدير الدولي من خلال نوعية الاهتمام ولعل موقف واشنطن هو المعيار الأوثق والأقوى لما كان عليه الموقف الدولي من ترحيب بالفارس العربي.. عبدالله بن عبدالعزيز ملكاً..

أمريكا أتى منها رئيس دولة سابق هو جورج بوش الأب ووزير خارجية سابق هو كولن باول ونائب الرئيس حالياً الذي لا يتحرك بسهولة هو ديك تشيني.. ونوعية القادمين ليست هي كل شيء ولكن الفارس العربي العائد منذ بضعة شهور من تكساس يتلقى الدعوة مجدداً لزيارة أمريكا توثيقاً لتقدير المبايعة وتوثيقاً لتصاعد احترام الفارس العربي..

لا نريد أن نذكِّر الأمريكيين بالوقت الذي كانت فيه سحب الجهل المنتشرة في الشرق الأوسط قبل أربعين عاماً تعتبر صداقة أمريكا تهمة وكان يخفف هذا الادعاء أنهم أيضاً كانوا يعتبرون رأس المال ظاهرة اجتماعية مرضية وأن رجل الأعمال شخص موبوء.. لقد احترم الملك فيصل رحمه الله الصداقة الأمريكية وعمل على مضاعفة رأس المال واحتضن صعود أهمية رجل الأعمال.. وصاعد الملك فهد ذلك.. وتعامل الفارس العربي.. خادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز مع حقائق أوسع وأكبر وأكثر خطورة في المنطقة فلم ينفصل عن الصداقة الأمريكية ولم يفرط بالحق العربي وبالذات الفلسطيني.. وكانت أمريكا في شخص أصحاب القرار.. في شخص المتعاملين مع مصلحة الشعب الأمريكي واستراتيجيات مستقبله يختلفون تماماً عن بائعي الأوهام في الإعلام لأنهم هم أيضاً لم يفرطوا بالصداقة السعودية ولم يعتبروها تهمة ولكن الرئيس جورج بوش سمَّى المملكة بالحليف الشريك.. وطور مع الملك عبدالله علاقة التعاون بإيجاد لجنة تعاون تجتمع سنوياً ويرئسها وزيرا الخارجية من الجانبين وتتولى اللجنة بشكل مستمر دراسة مختلف أوجه التعاون..

لقد كان الملك عبدالله.. وجهاً براقاً عرفت فيه واشنطن صلابة الرجل الذي يُعتمد عليه ناشراً للإصلاح وبانياً للاقتصاد ومنفتحاً على أجواء السياسات الدولية..

كثيرون من هناك اهتموا بما يحدث هنا بينهم أيضاً بيل كلينتون وجيمي كارتر وجيرالد فورد وهؤلاء رؤساء سابقون ومادلين أولبرايت وجيمس بيكر وبوب دول جميعهم تحدثوا ل «الرياض» بما هي عليه المملكة من مكانة وما هو عليه الفارس القادم بنا إلى مجد آخر من تأهيل وقدرة..