الخميس: 08. 09. 2005
منذ عصور اقلع الناس عن عادة تقديم قرابين بشرية أو غير بشرية للتهدئة من روع الطبيعة ولتخفيف غضب النهر في فيضانه. لكن إقلاع الناس عن هذه العادات لم يغير في الجوهر ميزان القوى بينهم وبين الطبيعة.
لا توجد في مواجهة الطبيعة في حالاتها المتطرفة دول عظمى. كل الدول دول عالم ثالث امام الطبيعة.
ومع ذلك ليست دول العالم سواسية في التعامل مع آثار كارثة بعد ان تهدأ الأرض والسماء. لذلك تفاجأ الأميركيون وتفاجأ معهم العالم الذي عرفهم جيوشاً منظمة على بوارج وحاملات طائرات، أو علماً على أكياس طحين وسكر من «الاميركان ايد» تصلح لتفصيل ألبسة داخلية لأبناء الفقراء في المخيمات بعد استهلاك ما تحوي، أو أبطالاً في الأفلام ينقذون العالم قبل اصطدام جرم سماوي به بدقيقة تكفي لضغط زر تسبقه نكتة، فالأميركي، مثل بوش، لا يفقد روحه الفكاهية قبل دمار العالم بدقيقة. والأبطال المصطفون لإنقاذ البشرية مرة ابيض ويهودي، ومرة ابيض واسود، ومرة ابيض وامرأة... تغيرت الأسماء والوجوه بموجب التقليعة الدارجة ولكنهم لم يغيروا عادتهم في الاستبسال لإنقاذ البشرية.
اعتقدوا أنهم دولة عظمى قادرة على اخلاء الملايين وايوائهم وقادرة على تجنيد ونقل ملايين الشباب للقيام بعمليات انقاذ، بشرط ان الشباب جنود وان الاخلاء والايواء يتمان خارج البلد في عملية حربية او في فيلم. أميركا هي دولة بالحد الأقصى من مواصفات الدولة خارج أميركا امام العدو وفي الحرب. اما داخل أميركا فالدولة كلمة بذيئة بنظر ربابنة المحافظين الجدد النيوليبراليين، وبنظر المعجبين فيهم في بلادنا، دولة بالحد الادنى في قطاع الخدمات والصحة والرفاه والاقتصاد. «دولة مكسيمالية» نحو الخارج و»مينيمالية» نحو الداخل. لا شك ان القارئ النبيه قد انتبه الى ان اميركا الدولة تحضر وحداتها من العراق للقيام بعملية انقاذ في لويزيانا. فالدولة الكبيرة وقدرتها التنظيمية موجودة في الخارج، وما تخلفه وراءها في الداخل هو دولة صغيرة.
ليست المسألة شحة مصادر فهذه ليست دولة عالم ثالث، ولا شحة غذاء، بل شحة في الدولة بالمؤسسة في الداخل... الى أن جاءها 11 ايلول فقررت ان تقيم وزارة أمن الوطن، او الأمن الداخلي بمقدرات وسلطات غير محدودة. وحتى رئيس هذه الهيئة، وزير امن الوطن، السيد مايكل شيرتوف (أنظر «الاوبزرفر» البريطانية عدد 4 ايلول/ سبتمبر) لم يضبط نفسه وأطلق تصريحاً «داروينياً اجتماعياً» (البقاء للاصلح في المجتمع كما في الطبيعة) عندما قال انه كان على السكان أن يخرجوا، ملقياً باللوم على الضحية متناسياً ان بعضهم لا يعرف الى اين يذهب، او لا يدرك مدى الخطر الماثل، او ليس لديه الوسائل لاخلاء ذاته. تجاهلت ادارته الفرق، كما تجاهلت دور الدولة الذي قد يعوض عن هذه الفجوة بالخدمات التي يقدمها للفقراء. وتستطيع هذه الوزارة ومعها «فيما» (الوكالة الفيديرالية لإدارة الطوارئ) ان تتحجج بأنها تستعد لحرب كيماوية، انتراكس من الجو مثلاً، او ارهاب نووي او تفجيرات واسعة النطاق. ولكنها لم تنتبه الى أن الاعصار جاء بعد انذارات ومهل زمنية للاستعداد لا توفرها عملية تفجير. فقد تقدم الاعصار ببطء من خليج المكسيك نحو لويزيانا الى درجة ان رئيس البلدية وجد يوم الأحد الوقت الكافي لتحذير سكان نيو اورليانز ان عليهم مغادرة منازلهم قبل وصول الإعصار ومن بعده الفيضانات وانهيار السدود والموانع.
ليس الاعصار عدواً وليس له صورة العدو، وليس ضحاياه شهداء، وهو لا يعبأ للتضامن بالحقد والهاب المشاعر القومية، بل بالتعاطف فقط.
ولا تتعامل المجتمعات الحديثة مع الطبيعة بصفتها آخر. و الآخر حتى لو كانت تهديداً ثابتاً كما في حالة الهزات الارضية في كاليفورنيا واليابان وغيرها، لا يستثير طقوساً تستحضر الروح الجماعية والجماعة في مواجهته او في التقرب منه وخطب وده وفي صنع تحالفات مع آلهة أعلى درجة منه.
فقط في المجتمعات البدائية كما في حالة مصر القديمة والديانات الهندوسية تحولت الطبيعة الى آخر، اما في عصرنا فقد اختبر تقدم المجتمعات بمدى تحويلها الطبيعة الى موضوع بحث وسيطرة من جهة وموضوع أدبي من جهة اخرى، والاثنان وجهان للعملة نفسها تحولها الى موضوع للذات الانسانية، او لشطب اغتراب الذات الانسانية عن الطبيعة. لم تعد الطبيعة مجهولاً غامضاً مخيفاً الى درجة تطوير الديانات التي تقوم على الخوف منها ومن مجهوليتها في نفس الاطار الطبيعي. في المجتمع الحديث حل العلم محل الاسطورة والتكنولوجيا مقام القرابين. ولكن التسونامي المحيط «الهادئ»، (وهي مفردة اقتحمت جيلنا قبل أقل من عام ولم نسمع بها قبل ذلك، ولكنها وجدت من يسخرها ويستخدمها بسرعة في السياسة حتى بدا كأن مستخدميها قد فطموا عليها) والإعصار في أميركا والزلزال في إيران ذكَّرت بحيوية الاسطورة وحتمية القرابين.
منذ ان انهارت السدود التي تحمي نيو اورليانز من فيضان المسيسبي جنوباً وبحيرة بنشارترين شمالاً صباح يوم الثلثاء 30 آب (اغسطس) تطورت الامور من سيء الى اسوأ ثم الى كابوس. تغطت غالبية المدينة بالماء. واكثر من مئة الف عزلوا في بيوتهم ولم يعرف منهم عدد الضحايا، ولكن الجثث انتفخت وطفت على وجه الماء وشوهد بعضها لعار أميركا والجرذان تقضمه. وبقي اكثر من عشرين ألفاً في مدرج رياضي وقاعة مؤتمرات اربعة ايام بين اكوام القذارة والرائحة النتنة دون ان تصلهم حافلات لنقلهم وايوائهم.
عرفت الكاميرات طريقها اليهم منذ اليوم الأول، ولكن الغذاء والدواء وسيارات الإخلاء بقيت وعداً ينتظرونه. سمع هؤلاء السياسيين في العاصمة يخطبون خطابات مطمئنة، حتى قال رئيس بلدي نيو اورليانز: «بدل الغذاء انهم يطعمون الشعب سطراً من الخداع... عليهم ان يحركوا مؤخراتهم لنفعل شيئاً». عار أميركا أن الخبر يفوق الغذاء أهمية، وأن التسابق على الصورة يسبق التسابق على تزويدهم بالدواء، وتنظيم البث أسهل من ترتيب أمر الإيواء. إن المشهد ليفيض حتى على الفيضان.
رأينا صور من يتلفع ببطانية مصنوعة كلها بألوان العلم الأميركي، ورأينا أيضاً شارون يتكلم في حكومته عن وفد إغاثة لدعم أميركا. ونحن نعرف كيف يتمخض مثل هذا الوفد في كل مرة عن مؤتمر صحافي يتكلم فيه كلب قصاص اثر أنقاذ طفلة ويرفرف وراءه علم اسرائيل. عار العالم الأميركي، عالم الصحافة المعولمة، عالم الاهتمام بتصريح كاسترو وكوريا الشمالية بين الشماتة واللياقة السياسية واستغلال الحدث لتحسين صورتهم، عالم نفاق اعلامي خلقته أميركا على صورتها ومثالها.
لم يتلخص عار أميركا بأن أحداً في المؤسسة الحاكمة لم يفعل شيئاً من اجل التعساء الفقراء، بل اكتشفت أميركا في اليوم الرابع أن رئيس «فيما» المذكورة أعلاه في مقابلة مع الـ «إي بي سي» لا يعلم بوجود الناس هناك، أي انه لم يشاهد حتى التلفزيون. او شاهده كمشاهد وليس كمسؤول، لم يبلغ الرجل رسمياً. دليل آخر على استقلال المشهد الاعلامي عن الواقع كعالم قائم بذاته.
وعار أميركا الثالث أن الشرطة أولت اهتماماً لمكافحة أعمال السرقة من الحوانيت المنهوبة حفاظاً على القانون يفوق اهتمامها بمصير الفقراء المحجوزين في المدرج او في بيوتهم. لقد حرستهم من بعيد ببنادق مشرعة خوفاً منهم. وبدا في العلاقة مع الشرطة كأن المنكوبين مصابين بالجذام. ولم تفرق المؤسسة بين من يسرق حانوت مأكولات لتزويد الناس المحجوزين بالماء والغذاء، عندما تقاعست الدولة عن تزويدهم، وبين من يسرق حانوت ادوات كهربائية.
تصرفت أميركا بعد الكارثة وبعد ان توقف الطوفان راكداً في الشوارع كمياه آسنة تنقل الأمراض والأوبئة كدولة عالم ثالث من ناحية الفوضى وغياب التنسيق بين أذرع الدولة المختلفة، وبين الولاية والحكومة المركزية في واشنطن، ومن حيث سلم الأولويات والمبالاة بحياة البشر ومصيرهم خاصة الفقراء منهم. لم يكن احد ليتناسى مصير عشرين الف ابيض ميسور الحال بين أكوام الزبالة بالعطش والجوع في مدرج رياضي. ولم تكن الحكومة لتنسى نجماً واحداً اعلامياً كان ام سياسياً ام فنياً أم رجل أعمال يلاقي مصيره بين مياه الفيضانات عدة ايام من دون مساعدة.
تساءلت الصحف عن تأثير منسوب مياه الفيضان على منسوب شعبية بوش وعلى سعر النفط خاصة ان القسم الأكبر من البترول يستورد عن طريق خليج المكسيك وهو أيضاً مصدر الغاز الاول. وتساءل الناس عن تأثير الإعصار على معدلات النمو التي بدأت ترتفع في نهاية عهد بوش. وذكرت الصحف المختصة انه من سخرية القدر ان معدلات النمو ترتفع بعد الكوارث نتيجة للصرف على إعادة بناء البنى التحتية المهدمة (على وزن ولا تكرهوا أمراً عله خير لكم)، وانه في هذه المرة ستتوازن هذه النزعة الاقتصادية ما انخفاض معدلات النمو الناجم عن ارتفاع سعر النفط وذهبت «الايكونوميست» (2 ايلول) حد التحذير من شتاء بارد اذا رفع ازدياد الطلب الأميركي على النفط في أعقاب الأعصار الاسعار اكثر. ووازنت الدول العربية صاحبة الشأن كل ذلك بالتسابق على التبرع لأميركا بالمال، كأن المشكلة مشكلة مال، قبل ان يتذكر المصاب بالإعصار ارتفاع اسعار النفط فيختلط فيضان الغضب على أسعار النفط بالغضب على الإعصار. ولذلك خرقت العادة وتبرعت بعضها بمئات الملايين قبل ان تبدأ المملكة السعودية بذلك. أي على غير ما جرت العادة من تحديد الاخيرة لسقف الكرم العربي.
تمت كل هذه التقييمات وبقي الأساس من دون تقييم، بقي مصير البؤساء التعساء. بغض النظر عن شعبية بوش وعن تصفية الحساب السياسي معه، وبغض النظر عن أسعار النفط ومعدلا ت النمو، هل لمصير التعساء بحد ذاته من معنى؟ كل المؤشرات تشير الى ان معناه لا يقف على رجليه، ليس قائما بذاته، بل يشتق من أمور أخرى في عالم الاقتصاد والسياسة، هذا في حالة حسن الحظ وتزامن مفارقات سعيدة مثل النقمة الحالية على بوش الذي أمضى شهر آب متهرباً من مقابلة ام لحوحة لجندي قتل في العراق ترابط باب مزرعته في تكساس وتنقسم الصحافة حول سماكة جلده بهذا الشأن. حتى أتاه ايلول... ولو سأل العرب لأخبروه عن أيلول، وما ادراك ما أيلول.
لو كانوا «ضحايا الارهاب» او الحرب لاشتق معنى معاناتهم من الكبرياء القومي و»الدفاع عن نمط الحياة الاميركي المعرض للخطر»، او مجازاً من العلم الذي يلفون به والموسيقى النحاسية التي يحملونهم على إيقاعها، واستيتيكا السياسة ومارشاتها السخيفة التي توقف زغب شعر اليد الأسخف في لحظات خشوع أسخف واسخف (هكذا تبدو بعد يومين على الاقل) مصطنعة ومعدة خصيصا لتحويل جلد الإنسان الى جلد طيور بعد ما يسمى بالقشعريرة التي تذكر الإنسان بتفاهته وسهولة تحكم السياسيين به بالمؤثرات الصوتية وغيرها، وباخراح وتمثيل باللازوردي والخمري والسيتان الأزرق والموسيقى الحزينة والطقوس التي تفصل عالم «ضحايا الارهاب» و»شهداء الوطن» في مواجهة «أشرس عدو» للبشرية الخ... إزاءها تظهر روائح والوان ورطوبة الجثث الطافية على ايقاع صوت تكسر الخشب وتكوم الاوساخ الطافية دونما سبب، او تلك التي تقضمها الجرذان من عالم آخر. والفرق هو نفاق البشر، نفاق عالم الاستهلاك الذي يستهلك حتى مشهد الموت، وينتج فظاعة الفرق في المشهد. تعددت الأسباب، ولكن الموت ليس واحداً. قد يقتنص البعض معنى لمعاناة هؤلاء من تناقص شعبية بوش وارتفاع اسعار النفط والمس بمعدلات النمو. كنت سأعزيهم لو يفهمون عقد شرقي عربي بأنه قد فاتهم لحسن حظهم وهم غارقون في المياه رؤية زفة ملكة جمال مسلمة بالولادة لبريطانيا، حولت هويتها التي لم تخترها الى ايديولجية وامتياز وما رافق ذلك من نقاش وحوار حول أهمية الموضوع يحتاج الى معد حديدية لتحمله، وفاتهم أيضاً تبجح من رأى وشاركنا في رؤيته رغماً عنا أن ما حصل في أميركا هو «عملية انتقامية» من بوش شنها الخالق سبحانه وتعالى لكي يخطب حضرته فينا خطاباً.
وحده جورج بوش يتبلد امام هذا كله. قال بعض الصحافيين الاميركان أنه لو احتلت لويزيانا جماعة ارهابية او فيلق من جنود «دولة مارقة» لربما وجد بسرعة فائقة القوة اللازمة وادوات نقل هذه القوة للإغارة عليها. ولكن لا، هذا مجرد استنباط متعلق بردود الفعل على الموت وتسييسه أتينا عليها. فبوش متبلد مثابر في ساعات الأزمات عموما كما يبدو. هكذا كان رد فعله على ما جرى بعد عمليات 11 ايلول في البداية، عندما استخدم مصطلح folks في وصف الارهابيين «عرضياً ولا مبالياً وغير رسمي casual الى درجة الاسفاف» على حد تعبير «نيويورك تايمز».
الرجل سبورت، ولا ينفع معه شيء. لا يمكن ان تضبطه يتكلم دون ورقة مكتوبة الا وتفلت منه تعابير تصلح لجلسة احتساء الجعة ورواية النكات القذرة الذكورية. وعندما تحرك وأدرك حجم ما خلفه الاعصار لم يستطع الا ان يستخدم مثل هذا التعبيرات: «لا اتطلع الى هذه الرحلة» مستخدما مصطلح trip الترفيهي تقريبا في وصف زيارته المقبلة للويزيانا، أو «علينا ان ننظف هذه الفوضى» مستخدماً تعبير to clean up this mess.
ثم عاجل العامية بالكذب من بعدها مباشرة، تماماً كما في حلسة ذكورية على كأس. هذا اسلوب الرجل في الخطاب السياسي. ولا حول ولا قوة الا بالله، فقد قال انه ما كان بإمكان أحد ان يتوقع ان السد الذي يحجب مياه الفيضان عن نيو اورليانز لن يصمد (مقابلته مع ديانا سوير يوم الخميس). في هذه الأيام قيل الكثير في الصحافة عن سيناريوات رعب متوقعة قدمت للإدارة في آب 2001 من قبل «الوكالة الفيديرالية لادارة الطوارىء»، «فيما»، التي اقامها كارتر حول ضربة ارهابية في نيويورك وزلزال مدمر في سان فرانسيسكو وفيضان في منطقة اورلينز المنخفضة المعرضة لمياه النهر والبحيرة. كانت هذه كلها تشخيصات عامة لأسوأ كوارث ممكنة يجب الاستعداد لها. ولكنها لا تقترب في عينيتها من التشخيص الثاني الهام الذي تكرر لسنوات بحسب مجلة الـ «بزنس ويك» هذه الاسبوع، وهو ان سدود المدينة لا تصمد حتى امام إعصار درجة ثالثة. وما حصل هو درجة رابعة. ولم توجد الميزاينات الكافية لاصلاحه ولم تقر. لان الدولة كلها كانت منشغلة باولوية واحدة هي الحرب في الخارج ومكافحة الارهاب نحو الداخل.
يستطيع المعادون لادارة بوش اتهامه حتى بالتسبب بالإعصار ذاته برفضه النوقيع على اتفاقات كيوتو ضد تسخين الغلاف الجوي. فقد ثبتت علاقة حقيقية بين حجم الاعاصير القادمة من المحيط وارتفاع درجات الحرارة. ومع ان النضال ضد سياسة بوش البيئية هام مثل النضال ضد سياسته بشكل عام، الا انه من الواضح ان العلاقة بين بوش والتسبب بالإعصار كظاهرة طبيعية هي اقرب الى السباب منها الى العلاقة السببية.
ومع ذلك لن يتوقف أحد من نقاده عند حد. فالرجل المنشغل في مزرعته بالحرب وبتعيين قضاة محافظين إضافيين للمحكمة العليا، والذي يحل كل قضية بالديماغوغيا الوطنية والمعادية للآخرين وبالكذب البواح زود خصومه باسباب النقمة والهجوم عليه. ولن يرحمه احد بعد ان لم يرحم أحداً تارة بالتحريض الفصيح على الآخر، عندما يكون الخطاب مكتوبا، سلاحه للتهرب من غبائه الذي لا يرحم، وطوراً باللكنة العامية اللامبالية الساخرة دائماً بابتسامة أزعر الحارة وبعينين زجاجيتين مؤججاً كل صراعات الطوائف في منطقتنا ومخرجاً كل الشياطين من كل قمقم. العلاقة هنا بين سياسته والاعصار الاقليمي سببية فعلا لا سبابية. على كل حال ذكرى 11 ايلول على الأبواب وسوف لا يفوت مساعدو بوش أن ينصحوه باستخدامها لغرض إعادة تشكيل وحدة الأمة وللربط بين الإعصار والإرهاب. وما على القارئ إلا ان يستعد بالستر الواقية وأقنعة الاكسجين وأن يحني رأسه باتجاه ركبتيه، كما تنص التعليمات في الكراسة تحت المقعد، فسوف يتكلم الرجل يوم 11 ايلول.
كاتب عربي.
التعليقات