السبت:07. 01. 2006

rlm;دrlm;.rlm; أنور عبدالملك

هذا العام الجديدrlm;2006rlm; يمثل لحظة بداية تفكك النظام العالمي حول القطب الامريكي المهيمن الأوحد لحظة بداية صياغة عالمنا الجديد متعدد الاقطاب والمراكز والثقافاتrlm;.rlm;

الداخل والخارجrlm;,rlm; مرة أخريrlm;,rlm; المرة تلو المرةrlm;.rlm; أن ينتقل الكشاف بين ضفتي النهر الأوحدrlm;,rlm; بين الداخل والخارجrlm;,rlm; ثم من الخارج إلي الداخلrlm;,rlm; يبدو أنه أقرب منهج يمكن أن يضيء بعض النواحي الغامضةrlm;,rlm; أو المغيبة عن ساحة وعينا السياسي المحاصرrlm;.rlm;

في الداخلrlm;,rlm; سمح الحراك الذي نحياه منذ شهور بأن يرتفع مستوي إدراك قطاع واسع من الناس بأننا بلغنا نقطة تحول لما يري البعض أنها نهاية مرحلة سياسية بأكملهاrlm;,rlm; بينما يؤكد الآخرون أنها بداية إصلاح وتغيير للنسق العام لحياتنا القومية وعلي كلrlm;,rlm; فإن الشعور بثنائية النهاية والبداية منتشر بين الناسrlm;.rlm;

حسنا ولكن كيف يمكن تفسير ظاهرة أخري مواكبة يبدو أنها تعم معظم الأجواءrlm;,rlm; ألا وهي عدم إدراك أن الخارجrlm;,rlm; أي النظام العالمي قائم وكأنه مستقرrlm;,rlm; بل وأزلي أبديrlm;,rlm; لا يتصور معظم المعنيين بالشأن العام أنه هو أيضا يمر بتقلبات النهاية ومفاجأت البداية؟ وكأن النبهاء في بلادنا آمنوا بأن مسيرة التاريخ قد توقفت منذ الحرب العالمية الثانية مثلاrlm;,rlm; أي أن تاريخ العالم قد بلغ نهايتهrlm;,rlm; وهذا ما يفسر انتشار مقولة المفكر الأمريكي فوكوياما حول نهاية التاريخrlm;.rlm; والغريب في الأمرrlm;,rlm; الغريب المستغربrlm;,rlm; هو أن نظام العالم في تفكك عالم يتنكر يوما بعد يوم لفكرة النهايةrlm;,rlm; ويؤكد أن التحرك والتجديد هو رمز السنوات التي نحياها منذ بداية هذا القرن الحادي والعشرين التي وضعت حدا للجمود النسبي الذي أصاب النظام العالمي في العقد الأخير من القرن العشرين بعد نهاية نظام القطبية الثنائية الغربية بينrlm;1989rlm; وrlm;1991.rlm;

أحد مفكري النهاية يعترف
التاريخ بلغ مرحلة النهايةrlm;,rlm; حسب زعم أنصار النهاية دونما بدايةrlm;,rlm; مادام أن العالم أصبح قرية واحدة يتولي إدارتها مأمور المركز الأمريكي بطبيعة الأمرrlm;,rlm; وتأتمر جميع الأحياء وسكانها بطبيعة الأمر بأوامره ـ مادام أنه ليس هناك قري أخريrlm;,rlm; دعنا من المدن أو العواصم أو الأمم والدول لاقدر اللهrlm;.rlm; أفلم نصل معاrlm;,rlm; يدا في يد إلي ساحة النهايةrlm;,rlm; نهاية التشتت والصراعات والحروب والانحدار أو النهضة؟ وصلناrlm;.rlm; استرحناrlm;.rlm; ملأت البهجة قلوبنا الساكنة الطيعة بعد طول تشتت وسعي وراء المستحيل الذي أطلقنا عليه خطأ أسماء بالية مثل المثل العليا أو المشروع أو رؤي الخيالrlm;.rlm; أخيرا بلغناrlm;,rlm; وانحنيناrlm;,rlm; واسترحناrlm;.rlm;

هل سمع النبهاء في بلادنا عن حوليات المدعو كيشور مهبوباني؟
الرجل مواطن في دولة سنغافورة من دولة هندية الأصل ظهر فجأة علي المسرح منذ عشر سنوات بوصفه مؤلف كتاب حمل عنوانا غريبا مستغربا لم يسمع العالم به من قبل يتساءلrlm;:rlm; هل يمكن للآسيويين أن يفكروا؟ أي أن رجلا أسيويا يخصص كتابه الأول لطرح السؤال الذي طالما ورد علي لسان وأقلام المستعمرين العنصريين منذ القرن الثامن عشرrlm;(rlm; المفكر الفرنسي مونتسكيو مثلا يتساءلrlm;:rlm; كيف يمكن للانسان ان يكون فارسيا؟ والذي يري أن الرجل الأصفرrlm;(rlm; أي الأسيويrlm;)rlm; بعد الرجل الأسود في إفريقيا في القديم والرجل قمحي البشرة في الشرق اللا آسيوي لا يستطيع أن يرتقي إلي مستوي الفكرrlm;.rlm; نعمrlm;:rlm; إنه يعبر عن الأفكار ولا شكrlm;,rlm; بل ويكتب عنها أحياناrlm;.rlm; ولكنها أفكار واردة من الناس اللي فوقrlm;,rlm; أي من مجتمعات وأمم ودول الرجل الأبيض كماكانوا يقولون أيام الاستعمارrlm;,rlm; أي الغرب في أوروبا وأمريكا الشماليةrlm;.rlm; وليت الأمر كانrlm;,rlm; ومازال حتي الأن يقتصر علي قدرة شعوب الشرق في الأساسrlm;,rlm; أي القارات الثلاثrlm;(rlm; أسياrlm;,rlm; إفريقياrlm;,rlm; أمريكا اللاتينيةrlm;)rlm; في الإبداع الفكري أو إنتاج النظريات الرائدة في مجال العلوم وخاصة العلوم الإنسانية والاجتماعيةrlm;,rlm; مادام أن اختصاصها أن تنتج فنونا شعبية وزخارف ومجموعة من الأدبيات والفنون التشكيلية ذات الألوان البهية تناسب مقامها المتخلف بين الأممrlm;.rlm; وكذا يتيح للعالم المتقدمrlm;,rlm; العالم الأولrlm;,rlm; أو الأول والثاني كما كانوا يقولون في عقود سابقةrlm;,rlm; أن يرحبوا بألوان وأجواء تتجاوب مع ماتتصور موجات السياحة المتدفقة من الغرب أنه فنون شعبية فولكلورية تمثل خصوصية عوالم التبعية والتخلفrlm;.rlm; من هنا جاء التساؤل عما إذا كان من الممكن لهؤلاءrlm;,rlm; سواء أكانوا آسيويين أو أفارقة أو شرقيين أن يفكرواrlm;,rlm; فإذا كان الفكر أيضا من صلاحياتهم لكانوا من خلق الله أسوة بشقيقاتهم وأشقائهم في دول المركزrlm;.rlm; وهو الأمر الذي لا ترتضيه رؤية المركز أو المراكز المحيطة به في الغربrlm;.rlm;

ثم انتقل الأستاذ مهبوباني من هذا الكتاب الأول إلي لقب السفير لدولة سنغافورةrlm;,rlm; بل وارتفع اسمه حتي كاد يبلغ قمة الساحة الدولية في مطلع هذا القرن الجديد الذي نحياهrlm;,rlm; إذ ورد خبر إمكان ترشيحه أمينا عاما لهيئة الأمم المتحدة بعد كوفي أنان الأمين العام الحاليrlm;.rlm;

المهم في الأمر أن السفير المرشح لمقام الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة انتقل إلي مقام رفيع ثالثrlm;,rlm; إذ تم تعيينه عميدا ولم يكن ابدا لا استاذا ولا حتي دكتورا لمدرسة السياسة العامة في جامعة سنغافورة الوطنيةrlm;,rlm; بعد أن أنتج كتابه الثاني ذا العنوان الدالrlm;,rlm; ما بعد عصر البراءةrlm;:rlm; إعادة بناء الثقة بين أمريكا والعالمrlm;:rlm; من البراءة إلي الثقة حتي العمادة ولم لا؟

تعالي بنا نقرأ ما يكتبه الرجلrlm;:rlm; إن النظام العالمي الأمريكي البريء الذي ابتدعه روزفلت وتشرشلrlm;,rlm; ثم أطلقه الرئيس هاري ترومان عامrlm;1945rlm; كان المسئول عن السلام العالمي والرغد غير المسبوق خلال السنوات الستين الماضيةrlm;.rlm; ذلك أن هذا النظام العالمي يبدو أنه يسير إلي نهايته خلال سنوات حياتناrlm;,rlm; وذلك رغم إسهامه الهائل للانسانيةrlm;.rlm; حسناrlm;.rlm;

ثم يضيف عبارة لم يكن ينتظرها العارفون بالأمر منهrlm;.rlm; يقولrlm;:rlm; إننا نتصور أن استمرار النظام العالمي أمر بديهيrlm;,rlm; تماما كما نتصور أنه من البديهي أن الشمس سوف تشرق صباح كل يومrlm;.rlm; ولكن قوانين الفيزياء هي التي تجعل الشمس تشرقrlm;.rlm; أما في عالم الانسان فإننا نحتاج إلي المبادرة الانسانية لكي تستمر الأمورrlm;.rlm; والمأساة هنا أن المبادرة الانسانية التي تصب في مجال الحفاظ علي النظام العالمي وتحديثه قليلة جداrlm;.rlm; هذا علي نقيض كون عدة عوامل تعمل ضد استمرارية الأمورrlm;.rlm;

ثم يعد الكاتب خمسة عوامل تعمل ضد استمرارية النظام العالميrlm;:rlm; أولها إنما هو فشل الحارس الرئيسي لهذا النظام العالميrlm;,rlm; أي الولايات المتحدةrlm;,rlm; في القيام بالمسئولية الرئيسية في الحفاظ علي هذا النظامrlm;.rlm; حتي يخلص إلي نتيجة تأثير هذه العوامل الخمسة التي لا يتسع المجال هنا لعرضها بالتفصيل بقولهrlm;:rlm; الناتج الصافي لكل ذلك هو نزع مشروعية العديد من المؤسسات العالميةrlm;,rlm; وكذا الأمناء علي النظام العالمي القائم في نظر غالبية سكان العالمrlm;.rlm; وبعد هذه المقدمة يتصور الكاتب أن هناك أربعة أشكال للنظام العالمي المقبلrlm;,rlm; هي علي حد تعبيره نظام ترومان العالميrlm;,rlm; ثم نظام عولمة السوق العالميrlm;,rlm; ومن بعده النظام العالمي للمحافظين الجدد وأخيرا نظام أسامة بن لادن العالمي ثم يواصل العرض بما يراه من تصوراتrlm;,rlm; أو ربما خيالrlm;.rlm;

المهم في الأمر أن حتي الرجل الذي بلغ إيمانه بنهاية التاريخ أنه آمن بأن شعوب قارته الآسيوية لن يرتقو إلي مستوي إنتاج الفكر منذ عشر سنوات وجد نفسه مضطرا في نهاية ديسمبرrlm;2005rlm; إلي أن يبرهن علي أن تغيير النظام العالمي قادمrlm;,rlm; وأنه آت نتيجة لعجز دولة المركز في الأساسrlm;,rlm; إلي حد أنه تجرأ وقام بتقديم أربعة بدائل لنظام عالمي مرتقبrlm;,rlm; وهي طفرة عقلية عند السفير العميد الشاب تحسب لهrlm;,rlm; ولو من باب مراجعة الذات تحت وطأة تغيير العالمrlm;,rlm; والتي جعلت منه عميدا أيضاrlm;.rlm;

ما بعد التغييبrlm;..rlm;
ما القول إذن عن أحوال الدنيا في بلادنا المحروسة؟ ولماذا لايدرك معظم النبهاء المتطلعين إلي صفوف الطلائع أن تغيير العالمrlm;,rlm; تغيير النظام العالميrlm;,rlm; أصبح واقعا يعم المعمورة ويتداخل في جميع نواحي حياة مجتمعاتنا العربية ومصر في قلبها؟