الأحد:08. 01. 2006
صحافة فرنسية
الأجندة السياسية الدولية الكسولة المنتظرة لعام ،2006 والغياب المحتمل لشارون وأثره على المشهد السياسي الإسرائيلي، ومن ثم على عملية السلام، وإطلاق صافرة البداية لـ''حروب الغاز'' بين روسيا والغرب، موضوعات ثلاثة نتوقف عندها في جولة سريعة في الصحافة الفرنسيةmiddot;
middot;middot;middot;2006 بنظارات غائمة:
في عموده الأسبوعي بمجلة الإكسبريس اعتبر الكاتب جاك أتالي أن هذه السنة ستكون حافلة بالضجر، وبالتلكؤ في مواجهة التحديات التي تواجه العالمmiddot; فسنة 2006 لن تشهد أية انتخابات أو استحقاقات سياسية مهمة في أي من الدول الكبرىmiddot; وربما يكون الحدثان الدوليان الوحيدان المنتظران فيها هما عقد قمة مجموعة الثماني بقيادة روسيا، واختيار خلف للأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنانmiddot; وفيما عدا ذلك، فلا شيء آخر يستحق الذكرmiddot; وليس معنى هذا أن العالم لن يواجه تحديات لا حدود لها، بل على العكس، فستستمر الولايات المتحدة في حالة سقوط حر، بفعل عجز في النمو متفاقم، وسياسة تزداد وهناًmiddot; ونفس الشيء بالنسبة لأوروبا التي يبدو انتعاش اليورو كما لو كان خداعا بصريا يعميها عن رؤية ما تعانيه من خلل اقتصادي فادح، لا يوازيه سوى ''الانتحار'' الديمغرافي الجماعي الذي ترزح فيهmiddot; وفي العالم ستظل أسعار الطاقة تضرب في عنان السماء بفعل الشره الصيني الهندي للبترول الذي لا يشبع ولا يرتويmiddot; وستتحول الصين إلى ممول من الباطن لاقتصاد ''العم سام''، وإلى منافس صاعد في نفس الوقت للغرب عامةmiddot; وفي العراق، يرجح أن تزيد 2006 الشقة بين الطوائف الثلاث، وربما تقربها من أجواء الحرب الأهليةmiddot; أما في صراع الشرق الأوسط، فيبدو أن كلمة القوى المتطرفة ستكون هي الأعلى خلال العامmiddot; وفي أفريقيا سيقضي الإيدز على دول عن بكرة أبيهاmiddot; وستزداد نسبة من يعيشون تحت خط الفقر، كما ستزداد حالة المناخ تردياًmiddot; وينهي الكاتب هذه البانوراما المتشائمة، ليقول إن حلول وسبل مواجهة كل التحديات موجودة ومتيسرة، ولا ينقصها سوى توافر الإرادة لدى متخذي القرار على مستوى العالم، ولكن المشكلة هي أن هذه الإرادة غير موجودةmiddot;
شرق أوسط بدون شارون:
في صحيفة لوفيغارو كتب بيير روسلين افتتاحية بعنوان ''إسرائيل يتيمة من شارون'' اعتبر فيها أن ''خسارة'' شارون ستؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية الإسرائيلية، وبالطبع على مسيرة العملية السلمية في الشرق الأوسطmiddot; فالمبادرات التي اتخذها خلال الفترة الأخيرة وتوجها بالانسحاب من غزة، ربما لن تجد من يرعاها من أجيال الحكام والسياسيين الإسرائيليين الذين سيأتون بعدهmiddot;
أما في صحيفة لوموند فقد جاءت الافتتاحية بعنوان ''إسرائيل بلا بوصلة''، وقد اعتبر كاتبها أن غيابا محتملا لشارون، عن المشهد السياسي، حتى لو ظل على قيد الحياة، سيؤدي إلى ارتباكات سياسية لا حصر لها في إسرائيل نفسها، فحزبه الذي أسسه باسم ''كاديما'' ما زال في طور النشأة، وفوق ذلك يجمع في صفوفه طيفا واسعا من السياسيين من أقصى اليمين المتطرف، وأقصى اليسار المتطرف، وكانت ''كاريزما'' شارون وقسوته الشديدة هي العنصر الضاغط على الجميع، ولذا يتوقع أن يؤدي غياب مؤسس ''كاديما'' إلى نتائج يصعب التنبؤ بها فيما يتعلق بمستقبل الحزبmiddot; أما في المشهد الإسرائيلي العام، فإن خلفاء شارون سيجدون صعوبة شديدة في تقليد خطواته لما كان يتمتع به من قدرة على التنكر وإدارة الظهر لكل الوثوقيات السياسية، التي طالما ''آمن'' بها حتى هو نفسهmiddot; وبصفة عامة فإن إسرائيل والمنطقة، تقول لوموند، مقبلتان على مرحلة أكثر ما يسمها هو عدم الوضوح وعدم اليقينmiddot;
وفي صحيفة لومانيتيه كتب كلود كابان افتتاحية بعنوان ''الحدث والتاريخ''، قال فيها إن كل محبي السلام يخشون الآن أن تكون صفحة دموية من المواجهات ستنفتح الآن بين الشعب الفلسطيني وإسرائيل، فتركة الضبابية واللايقين التي سيتركها شارون وراءه من شأنها أن تعزز أسباب العنف والمواجهة بين الطرفينmiddot; فشارون لن يترك وراءه الآن تركة واضحة، والأخطر من ذلك أن هذه المنطقة من العالم لا تحتاج عادة إلا لأقل الأسباب لكي ترتمي في أشد الصراعات عنفاً وصخبا ودمويةmiddot; وإذا عرفنا أنه على رغم ما يقال عن رغبة دفينة لدى شارون في تحقيق السلام مع الفلسطينيين، فإن الرجال، يقول الكاتب، يحكم عليهم بما فعلوا لا بما ظلوا يدعون أنهم يخفونه في خبايا قلوبهمmiddot; فما نراه هو أن انسحاب شارون كان من طرف واحد، وأن علاقاته مع ''السلطة'' ظلت في أضيق حدودmiddot; كما أن خطواته كلها تشي بأن قيام الدولة الفلسطينية بات مستحيلا بفعل جدار الفصل العنصري، وضم القدس عملياًmiddot;
رسائل من روسياmiddot;middot;middot; مع التحية:
صحيفة لوموند استخدمت عبارات حادة تذكر بلغة وأيام الحرب الباردة في افتتاحية خصصتها لـ''حرب الغاز'' التي بلغت ذروتها خلال هذا الأسبوع بين روسيا، وأوكرانيا ومن ورائها أوروبا الغربيةmiddot; فقرار شركة ''غازبروم'' الروسية العملاقة زيادة سعر الغاز خمسة أضعاف، ودون سابق إنذار، بدا للمراقبين نوعا من العقوبة الغليظة وغير المستحقة لحكومة كييف، بسبب توجهها منذ سنة نحو اقتصاد السوق، ونحو الغرب بصفة عامةmiddot; وما يزيد من تناقض حجج الرئيس بوتين في هذا الشأن أن حكومته كانت وقعت عقدا مع أوكرانيا يمتد بالأسعار السابقة حتى عام ،2009 ولكنها تتجاهله الآنmiddot; والغرض، حسب لوموند، هو توجيه رسالة إلى الأوكرانيين، مؤداها أن عليهم عدم نسيان تبعيتهم الاقتصادية لروسيا، وأن عليهم أن يتصرفوا وفق قواعد اللعبة التي يضعها قيصر روسيا الجديدmiddot; غير أن الرسالة مزدوجة أيضاً، فجزء منها موجه لأوروبا الغربية كلها لاعتمادها على الغاز الروسي، والتي يتعين عليها تنويع مصادرها حتى لا تظل تحت رحمة موسكو وضغوطها إلى الأبدmiddot;
وفي مجلة لوبوان كتب أتيين جيرنيل، مقالا عنوانه ''غاز برومmiddot;middot;middot; كريملين آخر''، خصصه للنفوذ المتعاظم لعملاق الغاز الروسي وترجمة نفوذها الاقتصادي الآن إلى تعبيراته السياسيةmiddot; وفي مجلة الأكسبريس كتب برنار جيتا مقالا عن ''الانبعاث الروسي'' خلص فيه إلى أنه أصبح مستحيلا الآن الحديث عن روسيا باعتبارها إمبراطورية منهارة، فها هي تقف على قدميها من جديد، ويبدو أنها ستعرف كيف تركع الأوروبيين وحتى الأميركيين بفعل ما تمتلكه من ثروات هائلة في مقدمتها مصادر الطاقة التي يزداد ظمأ العالم إليهاmiddot;
أما في صحيفة ليبراسيون فقد كتب جاك أمارليك مقالا ذا صلة، يقرأ من عنوانه تماما:''الدبلوماسية الروسية تصفي حساباتها عن طريق حنفيات الغاز''middot;
إعداد: حسن ولد المختار
التعليقات