نواكشوطـ المختار السالم:
ان ما يمكن أن يوصف بـrdquo;السطوةrdquo; التي تتمتع بها هذه الحركات السياسية الأربع في موريتانيا، هو ما يقلق مرشحي الرئاسة المقبلة في موريتانيا وكذلك الأحزاب السياسية الموريتانية الكبيرة ذات البرنامج الوطني شبه المستقل، ولا شك في أن رهان الفوز بقيادة موريتانيا في المرحلة المقبلة سيخضع لمصفاة هذه الحركات أو بعضها، قبل أن يخضع لعامل المال والقبيلة والجهوية والطائفية، ولذلك فان المرشحين الجديين لاستحقاقات المرحلة الانتقالية، غارقين في مغازلة ldquo;عاطفيةrdquo; حارة مع هذه الحركات يتوخون من ورائها الجمع بين ما أمكن منها. ldquo;الخليجrdquo; كانت سباقة الى استكشاف آراء الحركات الأيديولوجية الموريتانية، حول تمفصلها وتموقعها في الساحة السياسية الآن، وآفاق التحالف فيما بينها، وما تبقى من خطابها الأيديولوجي القديم، وموقف القوى الغربية والفرانكفونية منها. وكما يقول المثل الموريتاني ldquo;الكلام من فم صاحبه أحلىrdquo;،لذا التقينا بقيادي بارز من كل تيار، في محاولة لرصد مواقفها والتعرف اليها عن كثب.
وقد طرحنا على القيادي الناصري محمد الأمين ولد الناتي السؤال التالي:
محمد الأمين ولد الناتي
كيف توضحون للقارئ العربي موقع التيار الناصري الموريتاني في الخريطة الحزبية الحالية؟
- التيار الناصري لم يعد كما كان كغيره من التيارات، حيث أنه اذا جاز الحديث عنه انما يجوز على أساس أن أهم أطره السابقين هم الآن منخرطون في حزب التحالف الشعبي التقدمي، وهذا لا ينفي ldquo;الصفةrdquo; الناصرية عن الأطر والمجموعات الأخرى المنضوية تحت عناوين حزبية أخرى، فهناك مجموعة كانت وما زالت تعمل ضمن الحزب الجمهوري ldquo;المرممrdquo;، ومجموعة في حزب ldquo;اتحاد القوى الديمقراطيةrdquo; وأخرى ثالثة تعاني منذ بعض الوقت نوعا من التسيب، ومجموعة رابعة انضمت الى تكتل يقوده تنظيم ldquo;فرسان التغييرrdquo;. ولعل التصنيف الأهم من الناحية العددية ومن حيث الحفاظ على تراث الحركة الناصرية ينسحب أكثر على المجموعة التي توجد في حزب ldquo;التحالف الشعبي التقدميrdquo;، ولكن حين نتعامل مع الناصريين أو غيرهم من المجموعات وفق التصور السابق فانما يكون هناك شيء من مجانبة الحقيقة، فهناك فقط أناس اعتنقوا في الماضي الناصرية وتعاطوا المنظومة الفكرية اذ ذلك، ولكن الأمر الآن لم يعد كما هو في السابق، لم تعد الناصرية كغيرها من الحركات هي هي بكل مقولاتها، وبكل رؤيتها الفكرية، وهذا ليس معناه أننا نتنكر لماض معين، ولكننا لا نقر أن الأمور كما هي من حيث الاعتقاد والاستعداد والصيغ الانضباطية وما الى ذلك.
وما آفاق التحالف مع غيركم من القوى الوطنية الموريتانية؟
- قلت لك اننا لا نقر الآن هذه الصفة، ولا هذا الاطار الذي يجعلنا كمجموعة فكرية منغلقة أو ذات خصوصية تنظيمية متمايزة، انما نحن جزء من حزب وطني معين. صحيح أن أطروحات هذا الحزب وأفكاره هي مزيج من التصور الوطني بشكل عام، الذي تشكل التصورات الناصرية جزءا منه، ولكننا لا ندعي ذلك النقاء المعتقدي القديم، فنحن في حزب ذي رؤية وطنية تشكل التصورات الكبرى عن مجمل القضايا الوطنية الأساسية همومه المركزية، ومجموعة المقولات الناظمة لتصوراته المستقبلية؛ ووفق هذا، ومن هذا المنطق، نحن مستعدون للتحالف مع أي قوى وطنية تؤمن بالتغيير المنشود لتجاوز الاختلالات المجتمعية التي كانت نتيجة الممارسة الماضوية ولحقائق تاريخية لا تتجاهلها، ومن خصوصيتنا أننا لا نمارس اقصاء مسبقا لأي كان، ونفتح صدورنا لأي كان مستعدا لأن يتعاطى معنا هذه المواقف بشكل عملي في اطار تكتل وطني عريض نعتقد أنه ضرورة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ موريتانيا.
ماذا بقي ملائما من خطابكم السياسي القديم لمخاطبة الساحة الموريتانية اليوم؟
- كما سبقت الاشارة فان خطابنا القديم كغيره من الأطروحات السياسية المماثلة؛ كان التصور السائد أنه منظومة فكرية الى حد ما تكاد تكون ذات نسق شبه مغلقة، مع أننا لا نرى أن الناصرية كانت أبدا على هذا النحو، انما كانت مفاهيمها ومواقفها محكومة بشيء من الديناميكية، والتجاوز، وشيء من الانفتاح، ذلك ما نجد مسوغاته في التجربة الناصرية نفسها، التي كانت محكومة بالتغير وفق مفهوم الدوائر الذي كانت تتحرك فيه.. الدائرة العربية، والدائرة الافريقية، والدائرة الاسلامية، كما أنها أيضا كانت منظومة فكرية استأنست بها أطراف أخرى حتى خارج هذه الدوائر، مثلا في أمريكا اللاتينية، وبحكم ذلك يظهر أنها أطروحة فكرية لم تكن ضيقة، وأننا نحن الناصريين لم نكن منغلقين ولن ننغلق، ومن هنا فان المعطى الثابت في هذه المنظومة هو الحرص على تحرير الانسان وانعتاقه، والحرص أيضا على تجاوز الاختلالات المجتمعة، والحفاظ على الخصوصية الثقافية وفق المفهوم الديناميكي للهوية الثقافية. أطروحتنا الفكرية تؤمن بالخصوصية الثقافية الحضارية المتميزة، وهي الى جانب ذلك متفتحة على تجارب الآخرين، وعلى الحضارة الانسانية بشكل عام، ونحن الآن في عالم يعيش (عولمة كونية) وتلك حقيقة تفرض نفسها، ولكن هذه العولمة في جانبها المهيمن المدمر للخصوصيات الثقافية، والملغي للتميز الوطني انما نقف في وجهها ونقاومها، كما هو شأن شعوب العالم اتجاهها، والكل يلاحظ الآن المسيرة التي تجوب العالم كله محتجة على الطابع القسري المهيمن للعولمة الذي لا يحترم الخصوصية الحضرية، ومن هذا المنظور فنحن ضدها ولا نقرها كحقيقة لا مناص منها في هذه الحدود التي تتبين من خلال هذا التحليل.. فنحن يتحدد موقفنا من الآخر انطلاقا من موقفه هو ومن ثوابتنا الحضارية والثقافية واحترامه لها، وبشكل عام فنحن مع مبدأ الانسجام الإنساني بين شعوب العالم على نحو يلغي أفكار الهيمنة والتسلط واقصاء الآخرين، ويقر المساواة بين الشعوب وتحقيق الاستفادة المتبادلة من التجربة الثقافية والانسانية للجميع.
أحمد ولد الوديعة
وطرحنا على القيادي الإسلامي أحمدو ولد الوديعة السؤال:
كيف توضحون للقارئ العربي تموقع التيار الاسلامي الآن في الساحة الموريتانية؟
- بداية أشكر صحيفة ldquo;الخليجrdquo; على اهتمامها المستمر والمتجدد بالشأن الموريتاني بخصوص السؤال، التيار الاسلامي الموريتاني كما هو معروف كان من أكثر التيارات التي عانت من ظلم نظام العقيد ولد الطايع، الذي أطيح به في الثالث من أغسطس/آب الماضي، كما أنه كان من أكثر التيارات التي ناضلت ضد النظام البائد، وقدمت تضحيات كبيرة من أجل تحرير موريتانيا من نظام خرب ثرواتها، ودمر قيمها، وعزلها عن محيطها الاسلامي. وحين وصل الحكام الجدد كان التيار الاسلامي من أول المرحبين بالانقلاب، وعبروا وما زالوا يعبرون عن استعدادهم للمساهمة الايجابية في انجاح المرحلة الانتقالية، لكن ورغم ذلك منع الاسلاميون وبصفة تعسفية من حقهم الدستوري في التجمع، رغم أن الحزب الذي تقدموا به كان حزبا وطنيا بامتياز يضم الكثير من القوى السياسية المتنوعة ايديولوجيا وجهويا، وكانت المسوغات التي قدمها العسكريون لقرارهم التعسفي هذا أبعد ما تكون من المنطقية.
ورغم كل ما سبق، ونظرا لتقدير الاسلاميين الكبير للمصلحة الوطنية العليا، قرروا التعاطي بمستوى عال من المرونة مع قرار منعهم من حقهم السياسي، فاكتفوا حتى الآن بالاعلان عن مبادرة سياسية سموها ldquo;لجنة الاتصال والمتابعة للإصلاحيين الوسطيينrdquo;، وقد بدأت للتو نشاطها وهي تهدف ضمن أمور أخرى الى القيام بدراسة متأنية للساحة السياسية من أجل انضاج موقف سياسي واع للحركة الاسلامية في موريتانيا؛ موقف يناسب وزنها السياسي والانتخابي الذي أظن أن جميع المراقبين اليوم يتفقون على أنه وزن معتبر ومقدر، خاصة بعد الدور الريادي الذي لعبته في تحرير موريتانيا من نظام ولد الطايع.
ما آفاق التحالفات المستقبلية بين التيار الاسلامي الموريتاني وبقية القوى في الساحة السياسية الوطنية؟
- أظن أنها آفاق كبيرة، فالتيار الاسلامي الموريتاني على علاقة حسنة بمختلف القوى السياسية الوطنية، وهو صاحب سجل سياسي نظيف يجعله مرغوبا لدى مختلف القوى السياسية الوطنية، كما أن وجوده حاليا خارج الأطر الحزبية يجعله على مسافة واحدة من مختلف القوى السياسية.
وعموما أتوقع أن اللجنة ستقوم باتصالات مع مختلف القوى السياسية، وستقوم بدراسة موضوعية للساحة الوطنية وعلى ضوء حصيلة الاتصالات ونتيجة الدراسة، وتأسسا على المصلحة الوطنية العليا، سيتخذ الاسلاميون موقفهم الذي سيكون ان شاء الله في خدمة موريتانيا.
ماذا بقي ملائما الآن من خطابكم السياسي القديم لمخاطبة الساحة الموريتانية في الوقت الراهن؟
- الخطاب السياسي كما هو معروف يتجدد بتجدد الظروف، وأي حركة سياسية لا تجدد خطابها هي حركة مهددة بالموت، لأن الحياة في تغير لا يتوقف، والتيار الاسلامي ليس استثناء من هذه القاعدة، وهو أكثر من ذلك يقوم من حين لآخر بمراجعة خطابه، حتى يكون ملائما لمقتضيات المرحلة.
الثابت في خطاب الاسلاميين هو قناعتهم الراسخة بأن الاسلام هو وحده القادر على توحيد موريتانيا التي تفرقها الأعراق واللغات والثقافات، كذلك الثابت في خطاب الاسلاميين هو ايمانهم القوي بأن الوحدة الوطنية يجب أن تصان، والثابت في خطابنا هو أن موريتانيا يجب أن تحافظ على هويتها العربية الافريقية الاسلامية، وأن تكون دولة ديمقراطية تصان فيها حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم وأعراقهم وتوجهاتهم. تعتبر التيارات السياسية الأكثر انتشارا في الساحة الموريتانية غير مرغوبة لدى القوى الفرانكفونية الموريتانية ولدى الغرب أيضا، هل ترون ضرورة تجاوز هذه الوضعية وكيف؟
- مع أنني أتحفظ على مفهومي ldquo;الفرانكفونية الموريتانيةrdquo; و ldquo;الغربrdquo;، وأظن أنهما يحتاجان لشيء من التحديد، فأنا موافق على أن القوى السياسية الموريتانية جميعها مدعوة اليوم الى وعي اللحظة التاريخية التي يمر بها البلد، والاسهام كل من موقعه في تأسيس موريتانيا جديدة، موريتانيا تفتح صدرها لكل الموريتانيين، موريتانيا تتصالح مع ذاتها وتاريخها، وتؤسس لمستقبل واعد في ظل موريتانيا واحدة موحدة.
لمرابط ولد السيد
وقال القيادي البعثي لمرابط ولد السيد، رداً على سؤال حول موقع التيار البعثي الموريتاني في الخريطة الحزبية الحالية:
بادئ ذي بدء أنبه الى أن حزب البعث قد أصبح في موريتانيا منذ بداية التسعينات تيارا فكريا، وليس كيانا منظما، حيث قرر سنة 1991 حل تنظيمه الحزبي السري مفضلا الاندماج في مختلف التشكيلات الحزبية العلنية التي ظهرت مع ولوج عهد التعددية الحزبية، ليقطع صلته تماما بأساليبه التي كانت مألوفة في الماضي من حيث التنظيم والانسجام السياسي، فأصبح تيارا بلا تنظيم موحد، يوجد أشخاصه وأفكاره في مواقع عديدة في نسيج البنية السياسية الوطنية. أما بخصوص تموقع البعثيين في الخريطة السياسية في موريتانيا حاليا، فهم بحكم كونهم قد توغلوا طيلة العقود الماضية في المجتمع الموريتاني وفي كل شرائحه وفئاته، انما من شأن ذلك أن يمكنهم من الانتشار في كل التشكيلات السياسية الموجودة حاليا، فليس ثمة حزب سياسي في الساحة الوطنية الآن الا وتوجد فيه جماعة أو أشخاص من حزب البعث، الى درجة صعود بعض البعثيين الى مواقع قيادية في بعض الأحزاب الوطنية، فأطر حزب البعث اليوم بعد تغيير الثالث من اغسطس/آب الماضي يحتلون مراكز مهمة ومتقدمة في مختلف الأحزاب الوطنية الرئيسية الثلاثة: في حزب ldquo;اتحاد القوى الديمقراطيةrdquo; وrdquo;الحزب الجمهوري للتجديدrdquo;، وrdquo;حزب الصوابrdquo;... الخ، كما يقودون ويديرون، الى جانب الناصريين الموريتانيين، أكبر تجمع سياسي وطني ظهر بعد انقلاب 3 اغسطس/آب وهو ldquo;تجمع قوى الاصلاحrdquo; الذي انضوت تحت لوائه أكثر من 20 مبادرة سياسية، لتشكل تحت ظله أضخم كيان سياسي تشهده الساحة الموريتانية الآن. هذا الوجود المكثف للبعثيين في شتى مواقع الخريطة السياسية لموريتانيا له دلالته التاريخية المهمة، وهي أن الساحة الموريتانية في عهود المد القومي والثوري تقبلت أطروحات الفكر البعثي واحتضنت تنظيماته، ما ترك علاقة جدلية حميمة بين البعث والشعب الموريتاني، ضمن انسجام بين الاثنين نحو تحقيق الغايات الكبرى للفكر الانساني، وفي طليعتها الرقي بالمجتمع الى مستوى الوعي بالذات والهوية، وتحقيق التقدم والنماء الذي يراعي ويواكب المستوى الحضاري للأمم والشعوب في المرحلة الحاضرة.
وحول آفاق التحالفات المستقبلية بين التيار البعثي الموريتاني وبقية القوى في الساحة السياسية الوطنية، قال: من مميزات السلوك السياسي للبعثيين الموريتانيين أنهم يملكون مرونة فائقة من حيث الاستجابة لضرورات المرحلة بكل ما تقتضيه من مواقف سياسية، بما في ذلك التحالف مع أي جهة وطنية تفرض متغيرات الظروف التحالف معها بصرف النظر عن الاختلاف الفكري أو الخلاف السياسي مع هذه الجهة أو تلك. وقال ان الذي يجب أن يميز أسلوب الخطاب السياسي في جديده اليوم عند البعثيين وغيرهم هو أن تغيير الثالث من اغسطس/آب ،2005 قد جعل الأطر القانونية لممارسة العمل السياسي حقيقة واقعية، بما يفتح الباب واسعا أمام أصحاب الرؤى السياسية للعمل بالطرق الشرعية المستمدة من النصوص التي أصبحت ذات مدلول على صعيد الممارسة السياسية.
وأشار لمرابط ولد السيد الى أنه لا توجود قوة سياسية حقيقية ذات موقع على الخريطة السياسية الموريتانية تطلق عليها ldquo;قوة وطنيةrdquo; خارج دائرة القوى المعروفة (الناصريون، الاسلاميون، البعثيون، الشيوعيون) فلا يوجد تيار فكري متماسك اسمه الفرانكفونية المحلية، انما يوجد أشخاص متأثرون بدرجات متفاوتة بالفكر الغربي، وبالحضارة الغربية، وهؤلاء الأشخاص ليس من بينهم الا من هو محسوب أصلا على احدى تلك الحركات المشار اليها، وهناك مفاهيم سياسية في الساحة الوطنية خاطئة جدا، مثلا يحسب فرانكفونيا كل من كانت ثقافته فرنسية، وكل من هو ليبرالي في رؤيته للاقتصاد، أو من يتأثر بالنهج الديمقراطي لدى الغرب، هذه ليست هي الفرانكفونية كمذهب وكأيديولوجيا تحاول ابتلاع العالم، فتلك مسألة أخرى، ولا يوجد تيار فكري محض يعتنق هذه الأيديولوجيا مطلقا، فالانسان الموريتاني وان تأثر بحضارة الغرب، الا أنه يظل متمسكا بحضارته الاسلامية العربية والافريقية.
المصطفى ولد بدرالدين
وقال القيادي البارز في الحركة الوطنية الديمقراطية المصطفى ولد بدر الدين، في معرض شرحه لموقع التيار الشيوعي (الحركة الوطنية الديمقراطية) في الخريطة الحزبية الموريتانية:
قبل الاجابة عن السؤال مباشرة أود أن أعود الى الوراء لالقاء نظرة على الظروف التي اكتنفت ورافقت نشأة هذا التيار الذي عرف في السبعينات بحركة الكادحين ثم بالحركة الوطنية الديمقراطية وعرف مع بداية المسلسل الديمقراطي ب ldquo;اتحاد القوى الديمقراطيةrdquo; لأنه كان جزءا من هذا الاتحاد وقبل عدة سنوات عرف ب ldquo;حزب اتحاد قوى التقدمrdquo;.
هذا التيار تشكل في نهاية الستينات وبالذات في فاتح ابريل/نيسان 1968 كاحدى النتائج التي أسفرت عنها نكسة ،1967 وكنتيجة لتفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية في البلد، ونتيجة لسنوات الجفاف الذي اجتاح البلاد بدءا من 1968 والذي أهلك المواشي وأصاب المزارع بكارثة مدمرة، وأدى الى هجرة سكان الريف الى المدن لأن الاقتصاد الريفي كان الى غاية أواسط الستينيات ينفق أكثر من 80% من السكان، وكنتيجة أيضا لسيطرة الاقتصاد الأجنبي على الاقتصاد المحلي المتمثل آنذاك في المعادن التي كانت تحت سيطرة الشركة الفرنسية ldquo;ميفرماrdquo;، في حين كان مجال التجارة تحت سيطرة شركتين فرنسيتين، وهكذا عندما توافد سكان الريف الى المدن لم يجدوا أي ملجأ، فأدى ذلك الى استياء عام كان من شأنه ظهور مستوى جديد من الوعي السياسي لدى المثقفين بهذا الواقع، فشكل ذلك ارهاصات أولى لظهور هذا التيار. ثم ان هذا التيار قد جاء امتدادا تاريخيا لحركة المقاومة الوطنية على مر الأزمنة ابتداء من الحركات أو الدعوات الأولى التي وقفت في وجه الاستعمار بقيادة الشيخ سيديا الكبير والشيخ ماء العينين والشيخ محمد فاضل وبكار ولد أسويد أحمد وأحمد ولد الديد... هذه الحركات التي قادها هؤلاء شكلت المرحلة الأولى لحركة المقاومة الوطنية التي منيت بالفشل نتيجة لسببين، الأول عدم تكافؤ الأسلحة، والثاني التحالف الذي عقده المستعمر وقتها مع بعض القوى المحلية العميلة التي استطاعت أن تعزل المقاومة وتمكن الاستعمار من تحطيمها، بعد المرحلة المشار اليها من تاريخ المقاومة، قامت حركة أحمد ولد حرمه ولد ببانا في الأربعينيات حيث قادت حركة الاصلاح داخل السيطرة الأجنبية، وقد نجح في انتخابات 1946 كنائب في البرلمان الفرنسي، ولكن نتيجة لرفعه لشعارات التحرير وموقفه المناوئ ل ldquo;اسرائيلrdquo; داخل البرلمان الفرنسي تم عزله بالتعاون بين الاستعمار وعملائه في الداخل.
في اكتوبر/تشرين الثاني سنة 1977 اتصلت بنا جماعة تعتزم القيام بانقلاب عسكري، ومن أهم هذه الجماعة البعثيون وطلبوا منا المشاركة التي رفضناها لأننا ضد مبدأ الانقلابات العسكرية، الا أننا حفظنا لهم سرهم واحتفظنا بصلتنا بهم حتى وقع الانقلاب يوم 10 يوليو/تموز ،1987 وفور قيام الحكم العسكري طلبوا منا المشاركة فرفضنا أيضا لكننا ساندناهم بعد أن شرحوا لنا برنامجهم الذي تضمن وضع حد للحرب وتحقيق السلام مع الشعب الصحراوي، الا أن نظام العاشر من يوليو/تموز لم يدم طويلا حيث استولى ضباط نظام ولد داده على السلطة بقيادة العقيد أحمد ولد بوسيف في 9 ابريل ،1979 وكادت الحرب تعود لولا رحيل ولد بوسيف حيث آلت السلطة بعد ذلك الى المقدم محمد خونا ولد هيدالة الذي وقع اتفاقية السلام مع الصحراويين في 5/8/1979 وقام في نفس الوقت بحل مقبول من طرفنا للمشكل النضالي الذي كان مطروحا وحادا وقتها، فأرسى النظام التعليمي على أسس سليمة اذ أقر بسيطرة اللغة العربية وكتابة اللغات الوطنية وهمش اللغة الفرنسية كلغة أجنبية، وقد دعمنا هذا التوجه مع مطالبتنا باصلاحات أخرى كالمشكل العقاري الذي تم اصلاحه سنة 1983 الى جانب اصلاحات أخرى منها الغاء الرق مثلا.
بعد انقلاب معاوية ولد الطايع سنة 1984 لم نضع الثقة بما وعد به من اصلاحات ديمقراطية، فشكلنا مع بعض القوى ldquo;الجبهة الوطنية الموحدة من أجل التغييرrdquo; واعتقلنا في نفس اليوم الذي أعلنا فيه عن بيان الجبهة، وبعد المصادقة على الدستور أسسنا حزبا مع بعض القوى الوطنية هو ldquo;حزب الاتحاد القوى الديمقراطيةrdquo; الذي خاض الانتخابات الرئاسية في يناير/كانون الثاني 1992 وحال تزوير ولد الطايع دون فوز مرشحه أحمد ولد داداه الا أنه بعد تلك الانتخابات حصلت أزمة في حزبنا، اذ لم يكن هناك بد من تفكك هذا الحزب، فخرجت ldquo;حركة الحرrdquo;، وrdquo;لجنة الصنواري الزنجيةrdquo;... وأخيرا ونتيجة للصراع بين حركتنا ورئيس الحزب أحمد ولد داداه انفجرت الأزمة سنة 1998 فانسحبنا نحن في ldquo;الحركة الوطنية الديمقراطيةrdquo; وكونا حزباً ومن ذلك الوقت أصبحت الحركة تشكل حزبا مستقلا اسمه ldquo;اتحاد قوى التقدمrdquo;، وبعد تشكيل حركتنا لحزب خاص بها قمنا بتنظيم الحوار مع النظام السابق فأدى ذلك الى قيامه باصلاحات في المسلسل الديمقراطي تمثلت في اعتماد نظام النسبية في الانتخابات وبوضع حالة مدنية سليمة وأسفر ذلك عن دخول المعارضة في البرلمان، والى سيطرتها على المجموعة لأول مرة ولكن النظام آنذاك لم يتقبل المضي أكثر من ذلك، وبالتالي ظل البلد يتخبط في أزمة أدت الى عدة محاولات انقلابية انتهت بانقلاب 3 أغسطس/آب الماضي.
اضاف المصطفى ولد بدرالدين: ان حزبنا الآن هو من أهم الأحزاب الوطنية، ومن الناحية الموضوعية نحن نمثل الخط الجماهيري الذي يكون مدى الاقتراب منه والابتعاد عنه معيارا للحكم على مدى شعبية هذا التيار أو ذلك.. حزبنا متمسك بالخط الفكري لتيار حركتنا كما تعرف بالحركة الوطنية الديمقراطية، وباختصار مسار الحركة الوطنية هو العمود الفقري لاتحاد قوى التقدم.
وقال: نحن في الواقع حلفاء طبيعيون لكل القوى الوطنية التي تناضل من أجل اقامة نظام وطني تعددي يؤمن للجماهير الحريات الفردية العامة ويقبل مبدأ التناوب على السلطة، كما أننا حلفاء أيضا لكل القوى الوطنية التي تؤمن بالعدالة الاجتماعية وبضرورة اعادة التوزيع العادل للثروات وتؤمن بالوحدة الوطنية وتحترمها وتنبذ التمييز العنصري والرق، وتناضل من أجل قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
هذه المبادئ هي الثوابت التي نلتقي عليها مع كل من يؤمن بها ويعمل على التمسك بها، وآفاق التحالفات الآن واسعة مع القوى الحزبية المناضلة في الساحة الآن مثل حزب ldquo;اتحاد القوى الديمقراطيةrdquo;، وrdquo;التحالف الشعبي التقدميrdquo;، الذي يضم ldquo;حركة الحرrdquo;، وجماعة من الناصريين، وحزب ldquo;الصوابrdquo; الذي يضم جماعة البعثيين، وغير ذلك، وما زالت الساحة تتشكل وستخرج قوى جديدة على بعض قوى الفساد الآخذة في التفكك بعد تغير ال3 أغسطس/آب الماضي مثل الحزب الجمهوري الذي كان حاكما ومهيمنا على السلطة في عهد ولد الطايع. وأشار الى أن خطاب الحزب في جوهره هو خطاب وطني ديمقراطي على مر التاريخ وتمحور في هذا السياق - واليوم أيضا- حول المحافظة على استقلال البلد وسيادته، وحماية مصلحة الشعب وخصوصا الجماهير المستضعفة، والمسحوقة، ونؤكد أننا نطالب أيضا دائما بمراعاة المصلحة الجماهيرية عند التعامل مع المنظمات الدولية وندعو الى مراجعة الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لأن التعامل معهما أتى بكارثة أصابت الشعب وأضعفت قواه الشرائية ودمرت قيمة العملة الوطنية وأدت الى فقر بطيء ومستمر للطبقات الفقيرة.
التعليقات