الأحد:15. 01. 2006

صباح الخير
ابن الديرة


تجربة منطقة الخليج العربية مع عبدالحليم خدام منذ نحو ثلاثين عاماً، تجربة غير سارة، ولا تثير الاطمئنان، وإنما فرضت على أهلها، أن يتلفتوا حولهم في كل خطوة يخطونها، إذا ما كان خدام حاضراً.

تجربة منطقة الخليج العربية مع عبدالحليم خدام منذ نحو ثلاثين عاماً، تجربة غير سارة، ولا تثير الاطمئنان، وإنما فرضت على أهلها، أن يتلفتوا حولهم في كل خطوة يخطونها، إذا ما كان خدام حاضراً.

وقد دفعت دولة الإمارات العربية المتحدة، وطناً وشعباً وحكومة، دم أحد أعلامها الكبار، وهو يودع عبدالحليم خدام في مطار أبوظبي.

لم يكن المرحوم سيف غباش وزير الدولة للشؤون الخارجية في ذلك اليوم من صيف عام ،1977 يعلم أن فريق الموت الذي يلاحق خدام من عاصمة خليجية الى أخرى، سينتهي بارتكاب خطأ ويصيبه في مقتل، وينجو خدام من غير أن يرف له جفن.

كان خدام مفرطاً في قسوته مع خصومه وحتى أصدقائه، وكانت لغته في المجالس الرسمية تفتقد المعادل الأخلاقي، في تعامله مع منطقة الخليج بخاصة.

نعم، إن حصاد تاريخ خدام، حصاد شوكي بامتياز، وبأبسط البديهيات، فإن مشهد رؤيته في دول الخليج مشهد غير مرحّب به، ويصعب التستر عليه أو الدفاع عنه.

إن خيل عبدالحليم خدام الجديدة، تستطيع أن تحمل سروجها في أمكنة أخرى غير الخليج، لها حساباتها ولهاrdquo;أجنداتهاrdquo;.

أما نحن أبناء الخليج العربي فلسنا بحاجة إلى المشاركة في سيرك جديد مغشوش، ذكرياته مريرة. وأحياناً ملتبسة ومقنعة، خاصة أن التاريخ لا يرحم الجاهلين بنواميسه، ومن لا يقرأ التاريخ مرشح قبل سواه لأن يكون ضحيته، ليس لمرة واحدة، بل لمرات عدة.

المواطن العربي في الخليج يصلي من أجل لبنان، ومن أجل سوريا، ولا يقاوم الدمع وهو يستذكر ظلال ما قدم لبنان وسوريا من شهداء نيابة عن الأمة في حروب الاستقلال والتحرر ودحر العدوان، ويستشعر الخطر من ارتفاع وتيرة الفراق وتربويات الثأر والنكاية والقتل الأعمى واختلاط نابل العدو بحابل الشقيق.

المواطن العربي في الخليج يرى المشهد الآن ساطع الوضوح إلى درجة أن الإضاءة المسلطة عليه تكاد تحرق الوجوه، وتكشف الخطاب المطاطي الحاذق في الإفلات من المسؤولية تجاه ما وصلت إليه أقطارنا وأمتنا العربية.

نعم، إن المواطن العربي في الخليج لا يبالغ حينما لا يرحب بالسيد عبدالحليم خدام، ليس لأن ذاكرته غير رملية فحسب، بل لأن ظاهرة خدام هي كوميديا سوداء متعددة الصفات، لا تضمد جرحاً، ولا تمنع زكاماً دونه زكام الطيور.. ويخشى أن تكون مثل هذا النوع من الزكام.


[email protected]