دوت في قرية محيبيب الحدودية، الواقعة جنوب لبنان، انفجارات ضخمة، الأربعاء 16 أكتوبر/تشرين أول 2024، أثارت الجدل والغموض.

وتحولت القرية إلى محور اهتمام بين النشطاء العرب على منصات التواصل الاجتماعي، وتحتضن القرية مقاماً تاريخياً يُعتقد أنه لبنيامين ابن النبي يعقوب، وفقاً لسكانها.

وتقع قرية محيبيب على بعد 115 كيلومتراً من العاصمة بيروت، و30 كيلومتراً من مركز قضاء مرجعيون التابعة لمحافظة النبطية، وتشتهر بموقعها الذي يطل على مناطق واسعة من جنوب لبنان والشمال الإسرائيلي.

وتقول الجمعية العاملية لإحياء التراث في لبنان، إن المقام الموجود في القرية يعود تاريخه إلى أكثر من 2000 عام، وهو مزار ديني ومقام تراثي وتاريخي في جبل عامل.

ولا يوجد تأكيد إلى الآن، فيما إذا كان المقام قد دُمر بسبب التفجيرات التي طالت القرية أم لا.

وتضيف الجمعية في تعريفها للموقع، "لمقام بنيامين شأن كبير في التاريخ الديني والثقافي، فهو الابن الأصغر للنبي يعقوب وشقيق النبي يوسف، ويُعتبر بنيامين أحد أسباط بني إسرائيل الـ12، وكان له دور في قصة يوسف الشهيرة التي ذكرت في القرآن".

وتذكر الجمعية أنه لا توجد مصادر تاريخية ودينية واضحة تبين كيف وصل بنيامين بن يعقوب إلى لبنان، وتضيف "إلا أن هذه المناطق عرفت عبر التاريخ بإنسانيتها ووفائها وتدينها، لذا كان الكثير من الصالحين يجدون فيها مأوى لهم وقد يبقون فيها إلى حين وفاتهم".

وتعتبر العديد من شخصيات الأسباط الـ 12، محط احترام في الديانات الإبراهيمية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلامية، ولا يُعرف متى بُني المقام، لكن المصادر تشير إلى أن جمعيات وشخصيات من لبنان وإيران والعراق اهتموا في المقام وعملوا على تحسينه ورعايته.

وسارع نشطاء عرب إلى اتهام إسرائيل بالوقوف خلف التفجير، معتبرين "أنه جزء من حملة تدمير ممنهج تستهدف البنية التحتية والرمزية للقرى الجنوبية اللبنانية".

وقالت إحدى الناشطات التي تنحدر من القرية، إن محيبيب تُعد القرية الأصغر مساحة في جنوب لبنان المجاورة للحدود.

على الجانب الآخر، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تدمير ما وصفه بمسار نفق يمتد "تحت منازل مواطنين لبنانيين"، دون أن يسمي القرية. الفيديو الذي نشره الجيش يوضح لحظة التفجير، وسط حديث عن أن النفق يُستخدم في العمليات العسكرية التابعة لحزب الله.

ولا يعرف بعد إذا ما كان فيديو الجيش الإسرائيلي الذي يُظهر تفجير مسار نفق، هو ذات التفجير الذي طال قرية محيبيب الذي تداول النشطاء مقطع مصور له.

ونشرت منصات إعلامية لبنانية فيديو يجمع بين المقطعين، في إشارة إلى أنه المكان المستهدف هو ذاته.

هذه التطورات أثارت حفيظة البعض الذين وصفوا ما يجري بأنه "تدمير متعمد"، وأنه "يحول لبنان إلى غزة ثانية".

وكتب العديد من النشطاء عن زياراتهم للمقام ووصفوا المشهد بأنه "صعب" عليهم.

فيما استعاد آخرون ذكريات زياراتهم إلى القرية التي يراها البعض كرمز تاريخي وثقافي، مع بعض الشرح عن موقعها المطل على مناطق واسعة في المنطقة.

وقلل نشطاء من "الأهمية العسكرية" للمكان المستهدف، واعتبروا أن هذا الفيديو "يهدف إلى التأثير على وعي الجمهور".

في المقابل، انتقدت أصوات أخرى حزب الله واعتبرته عاجزاً عن حماية مناطق نفوذه. وتساءلوا عن "مفهوم الانتصار" لدى حزب الله في ظل تفجير القرى اللبنانية.

وكان البيت الأبيض قد حذر من تحوّل الوضع في لبنان إلى سيناريو مشابه لما يحدث في غزة. وقال في بيان رسمي يوم الثلاثاء 8 أكتوبر/تشرين أول 2024: "لا نريد أن نرى لبنان يتحوّل إلى غزة أخرى".

فيما يظل الوضع في محيبيب مشوباً بالحزن والتخوف من تحويل لبنان إلى غزة ثانية، يبدو أن هذا التفجير يفتح الباب أمام تساؤلات أكبر، لتطال مستقبل العلاقة بين لبنان وإسرائيل، ودور حزب الله في الجنوب. ليتساءل الناس: هل تعتبر هذه التفجيرات مجرد "عمليات عسكرية" كما تصفها إسرائيل، أم أنها خطوات ضمن سياسة أوسع تهدف إلى تغيير طبيعة الصراع في المنطقة؟