كلــمة أخــيرة
سوسن الشاعر

حملت الصفحة الأولى لجريدة‮ ''‬الحياة‮'' ‬أمس أخباراً‮ ‬حافلة بـ‮ ''‬الانجازات‮'' ‬للمحسوبين على العالم الإسلامي‮!! ‬فعلى‮ ‬يمينها جاء الخبر الأول‮: ‬القبض على ‮٣١ ‬عربياً‮ ‬مسلماً‮ ‬في‮ ‬لبنان‮ ‬ينتمون لتنظيم‮ ''‬القاعدة‮''‬،‮ ‬وفي‮ ‬قبضتهم أسلحة وأوراق ثبوتية مزورة،‮ ‬كانوا‮ ‬يخططون لعمليات تفجيرية انتحارية‮. ‬وعلى‮ ‬يمين الصفحة‮: ‬الأمير نايف بن عبد العزيز‮ ‬يناشد علماء الدين التيسير على حجاج بيت الله‮ ‬،‮ ‬كما تفعل القيادة السعودية في‮ ‬كل عام بعد أن‮ ‬يموت المئات والآلاف نتيجة فتاوى لا تريد أن تتغير‮.‬
الخبر اليميني‮ ‬في‮ ‬منتصف الصفحة كان حول إصرار إيران على امتلاك الطاقة النووية‮ (‬الإسلامية‮)‬،‮ ‬وملفها‮ ‬يبدو في‮ ‬تصاعد‮ ‬يهدد أمن المنطقة‮. ‬وأسفل هذا الخبر ورد خبر عن عراقيي‮ ‬الأنبار السنّة الذين بدأوا‮ ‬ينضمون للقوات المسلحة العراقية،‮ ‬لكنهم‮ ‬يسجلون في‮ ‬مراكز خارج الأنبار والرمادي‮ ‬خوفاً‮ ‬من الزرقاوي‮ ‬الذي‮ ‬يقتلهم باسم الإسلام‮. ‬
وعلى‮ ‬يمينه خبر عن حكومة الخرطوم الإسلامية ترفض وجود قوات سلام دولية في‮ ‬دارفور المنكوبة بمرضى‮ ‬وقتلى‮ ‬ومغتصبات‮. ‬وحده الخبر الذي‮ ‬ورد في‮ ‬أسفل الصفحة كان منوعاً‮ ‬رومانسياً،‮ ‬لكنه لم‮ ‬يبتعد عن الصبغة الإسلامية‮! ‬إذ تناول علاقة حب قوية بين سيف الإسلام،‮ ‬ابن العقيد القذافي،‮ ‬وممثلة إسرائيلية بدأت حياتها الفنية بتصوير أفلام العري‮! ‬
هل رأيتم النعيم الذين نعيشه؟ هل رأيتم ماذا نضيف للحضارة الإنسانية؟ هل رأيتم ماذا نعطي‮ ‬للعالم وما نقدمه للبشرية باسم الإسلام وفي‮ ‬يوم واحد فقط؟ اننا لا نقدم سوى الموت،‮ ‬ها هي‮ ‬أخبار‮ ‬يوم واحد فقط من أيام الناس في‮ ‬لبنان‮ ‬والعراق و السعودية و السودان وإيران،‮ ‬كلها أخبار قتلى وموتى وجرحى،‮ ‬فإن رحمنا العالم من شرنا وخففنا الوطأة،‮ ‬كانت أخبار التهديد والتخطيط للقتل،‮ ‬أية رسالة هذه التي‮ ‬نحملها للبشرية؟ المصيبة أنها باسم الإسلام،‮ ‬جميعها دون استثناء تحمل أخبار الموت باسم الله‮.‬
متى اقرأ عن تريزا إسلامية؟ متى اقرأ عن أطباء بلا حدود إسلامية؟ متى نقرأ عن منظمة حقوقية إسلامية إنسانية؟‮ ‬
هل حقاً‮ ‬هذا هو الإسلام؟ هل هذه هي‮ ‬رسالة محمد؟ هل مكانة الإنسان الرفيعة التي‮ ‬كرمها القرآن مكانة حقيقية أم وهم؟
المصيبة أن القلة هي‮ ‬التي‮ ‬ترى في‮ ‬تلك الأخبار مصيبة‮! ‬الغالبية اليوم ترى في‮ ‬تلك الاخبار فرحة و إنجاز وصحوة،‮ ‬ترى في‮ ‬تلك الأخبار قوة و ثأراً‮ ‬وعزة،‮ ‬ألا ترون أننا بدأنا نعشق الموت ونمجده؟ هل بدأتم تستوعبون أننا نرى في‮ ‬قتل الآخرين طريقاً‮ ‬للخلود،‮ ‬لقد تحولنا لدراكولا إسلامية‮!! ‬

[email protected]