سمير منصور

هل يمكن أن يستمر quot;الوزراء المقاطعونquot; في مقاطعة جلسات مجلس الوزراء الى ما لا نهاية؟ وإلامََ يمكن أن يؤدي استمرار هذه المقاطعة؟

المساعي الجارية لحل المشكلة تراوح مكانها رغم تسريبات بين حين وآخر عن quot;بداية حلحلةquot; واجواء انفراج. والغموض الذي يلف هذه المساعي والاتصالات الجارية بين هبة باردة وأخرى ساخنة أدى الى جملة تساؤلات لعل أهمها: هل نحن مقبلون على أزمة حكم؟

مع استمرار الوزراء المقاطعين في مزاولة أعمالهم بشكل طبيعي في الوزارات الموكلة اليهم واقتصار المقاطعة على الامتناع عن حضور جلسات مجلس الوزراء، فإن الأمور لا تبدو متجهة الى تصعيد من أي طرف. وكذلك فإن استمرار الاتصالات دون انقطاع لحل المشكلة وإن تعثرت يؤكد نية الجميع تجنب التصعيد أو الذهاب أبعد من الواقع الراهن، وعليه فإن مساعي الوصول الى حل لم تصل الى طريق مسدودة والحل لن يكون بالأمر الصعب او المستحيل إذا تمكن الجميع من تجاوز أزمة ثقة تكاد تختصر حقيقة المشكلة!

وبديهي القول انه من غير الممكن ان تستمر المقاطعة الى ما لا نهاية، إلا اذا اتجهت المرجعيات السياسية للمقاطعين الى التصعيد وهذا مستبعد أي الى قرار منها، من quot;حزب اللهquot; وحركة quot;املquot; بسحب الوزراء من الحكومة عبر تقديم استقالاتهم، وبالتأكيد لن يقبلها الرئيس فؤاد السنيورة وقد أكد ذلك تكراراً مع الاصرار على استمرار الاتصالات والمساعي وصولاً الى إزالة الاسباب التي أدت الى المقاطعة وكانت quot;شرارةquot; بدايتها الانسحاب من جلسة لمجلس الوزراء قبل نحو شهرين احتجاجاً على مناقشة خطاب للرئيس السوري بشار الاسد هاجم فيه رئيس الحكومة اللبنانية وقيادات سياسية quot;من خارج جدول اعمال الجلسةquot; وقد تزامن الخطاب مع جلسة لمجلس الوزراء في اليوم نفسه، ثم بالاحتجاج على طلب لبنان إنشاء محكمة دولية أو ذات طابع دولي، وصولا الى الموقف من القرار 1559. ولكن في النهاية، الجميع محكومون بالوصول الى حل ينهي المقاطعة إدراكاً منهم ان التصعيد لن يؤدي الا ا لى مزيد من التعقيد الذي يؤدي بدوره الى ازمة حقيقية. فأقصى درجات التصعيد هو الاستقالة، وبعدها لن يكون أحد في quot;واردquot; تعيين بدلاء من الوزراء المستقلين، فليس هذا هو الحل وإن quot;تواضعquot; البعض ودعا الى مثله في موازاة مواقف لرجال دين وquot;فتاوىquot; تحذر من مغبة قبول quot;التوزيرquot; في حال الاستقالة. البديل من الحل اذاً، هو أزمة حكم، وأحد أطراف هذا الحكم وهو رئيس الجمهورية، انضم الى المقاطعة في انتظار الحل الآتي...

ولئن رأى البعض أن أزمة الحكم لن تقتصر على استحالة قيام حكومة جديدة اذا استقالت الحكومة الحالية بل انها ستضع مصير رئيس الجمهورية أكثر فاكثر على المحك، فإن البعض الآخر يرى ان ازمة حكم ناجمة عن تعذر قيام حكومة جديدة، من شأنها أن تعزز موقع رئيس الجمهورية وتصرف الانظار عن المطالبة باستقالته. وكان لافتاً ان quot;تسريبةquot; هبطت فجأة ذات يوم قبل عطلة الأعياد ومفادها ان الحكومة ستستقيل وان حكومة أخرى ستكون قريباً برئاسة نجيب ميقاتي الذي لم يشأ التوقف عند quot;الخبرquot; ولم يعلق عليه، وكذلك فعل الرئيس السنيورة.

وفي خضم الخلاف على النصوص بين حذف كلمة من هنا واضافة اخرى من هناك، فإن الأزمة تبدو اكثر فأكثر أزمة ثقة، وهذا ما سمعه كبير مستشاري الرئيس فؤاد السنيورة السفير محمد شطح من الرئيس سليم الحص لدى استقباله إياه موفداً من رئيس مجلس الوزراء ومعه quot;مشاريعquot; النصوص المتبادلة بعدما تناهى الى السنيورة ان quot;الصورة غير مكتملةquot; عند الحص وهو أحد أبرز دعاة ايجاد حل للمأزق الحكومي في أسرع وقت تلافياً لأزمة حكم ترتسم يوماً بعد آخر مع استمرار الواقع على حاله. فهل أن المطلوب هو الوصول الى مثل هذه الازمة؟ وأي طرف سيكون مستفيداً من وقوعها؟ وهل تقتصر على أزمة quot;حكومةquot; أم تتعداها الى ما هو أبعد... الى الاستحقاق الرئاسي؟

لعل تعذر ايجاد اجوبة قاطعة عن هذه التساؤلات هو ما أدى الى ما يشبه quot;توازن رعبquot; سياسياً بين الجميع!