كلــمة أخــيرة
سوسن الشاعر
الضبابية التي تغلف الموقف الرسمي تجاه المعهد الديمقراطي الأمريكي تظهر النظام السياسي بصورة سيئة، تبرزه كنظام متردد في اتخاذ القرار، مرتبك يحاول إيجاد مخرج من ورطة تورط بها من دون دراسة أبعادها (كعادة متكررة)، وكلها صورة لا نودُّها لنظامنا الذي نحن حريصون على استقامة علاقته بالجميع داخلياً وخارجياً.
فإما أن يكون هناك مستمسكٌ قانونيٌ يمنع المعهد من مواصلة عمله في الدولة، وبالتالي مع السلامة نعتذر منك، ابحث لك عن موقع آخر، وإما فليصدر تصريح قانوني يسمح له بالعمل.
ما نعرفه من قراءة المعطيات العلنية في صحافتنا أن التوجس العام من التوجهات الراديكالية للحزب الديمقراطي الأمريكي تجاه التغييرات في العالم العربي، بشكل عام، هي المحرك الاساسي لموقفه من المعهد، وأنه يرى - كغيره من الأنظمة العربية- أن الحزب الديمقراطي مستعد، نكايةً بالجمهوريين، للتحالف مع أحزاب المعارضة العربية ومساعدتها على الانقلاب على أنظمتها، طالما أن الجمهوريين على علاقة جيدة بتلك الأنظمة، أياً كان اتجاه هذه الأحزاب المعارضة، إسلامياً سنياً متطرفاً أو شيعياً ثورياً، وحتى إن كانت لدى تلك الأحزاب نياتٌ للقفز على كرسي الحكم، وحتى لو أدى الأمر الى اختلال واضطراب كما حدث في العراق، وهي توجهات تقلق أي نظام، والبحرين ليست استثناء!
ومن المعروف أن المعهد يمول من قبل الحزب الديمقراطي، ومعروف أن كتلة المعارضة الأكبر في البحرين - كواقع -هم شيعة ''الوفاق'' بحكم العدد والنشاط، و بالتالي فإن من الطبيعي أن تكون أكبر كتلة مستفيدة من الخبرة التي يوفرها المعهد هم ''الوفاق''، وهذا ما تعلنه صراحة الصحيفة الحزبية الوفاقية التي لا ترى البحرين الآن إلا بعيون ''وفاقية''!
فإن كان النظام يعتقد بأنه يخدم نفسه بقطعه الطريق على تلك الاستفادة فتلك مصيبة، ولجوئه من خلال معهد التنمية السياسية لإثارة جدل عقيم حول ''رخصة'' المعهد الأمريكي كوسيلة لوضع عراقيل تقف أمام تحركاته مصيبة أكبر لم تنجح في إخفاء الدوافع الحقيقية التي تقف وراء التحرك المتخبط للسلطة وتظهره كنظام نام نومة أهل الكهف لمدة ثلاث سنوات، كان المعهد أثناءها يعمل في العلن وأمام الجميع، ثم أفاق فجأة واكتشف سياسة الحزب الديمقراطي الراديكالية، واكتشف فجأة أن أكبر كتلة انتخابية ستدخل المجلس هي كتلة شيعية!!
عدا عن كونها تدين المعهد البحريني أكثر مما تخدمه، وتدل على عجز مبكر في إدراك فلسفة مهمته الأساسية كبديل عن الـ ''ان دي اي'' (وهي بالمناسبة فكرة نؤيدها).
وغدا نكمل.
تنويه: وردت خطأ في مقال أمس عبارة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، والصحيح النائب الأول، وهو خطأ لا يفوت على فطنة القارئ.
التعليقات