إيجاد البيروقراطية والروتين في الحي المالي أسهل بكثير من إزالتهما
يفضل الجميع في قطاع الأعمال تخفيف الأنظمة، فمن ذا الذي يريد الروتين؟ وتلقت الحكومات الرسالة بأن التنظيم المتشدد يزيد من التكاليف ويمنع التجديد والإبداع، وهي تقول إنها تريد تقليص العبء. والمشكلة هي أن إيجاد الروتين أسهل بكثير من إزالته، كما تظهر ذلك الاستجابة لخطط تخفيف أنظمة صناعة الخدمات المالية البريطانية.
نشرت هذه الخطط في تموز (يوليو) الماضي من جانب سلطة الخدمات المالية بعد سنوات من تمسكها بالزيادة المستمرة في حجم قواعدها التنظيمية في الحي المالي في لندن. واقترحت جهة التنظيم تبسيط تنظيمات غسل الأموال وإنهاء تدقيق سلطة الخدمات المالية على الموظفين الذين لا يتعاملون مع زبائن تجارة التجزئة، ورفع مستوى متطلبات تدريب المجموعة ذاتها.
وبعيداً عن الترحيب بتخفيف النظم، تولت مؤسسات مالية كثيرة مهاجمة ذلك التخفيف. وتقول هذه المؤسسات إن التدقيق المركزي أكثر دقة وأعلى كفاءة من حيث التكاليف، بينما ترسي متطلبات التدريب معايير معترفا بها للقياس. وترى كذلك أن هذه المقترحات تقوضّ سمعة الحي المالي في لندن، وتسهّل النشاطات الإجرامية.
وكان رد فعل سلطة الخدمات المالية حتى الآن هو أن هذه المقترحات إنما هي لمجرد التشاور وستعاد صياغتها في ضوء ردود الفعل عليها. وبالنسبة للتدقيق المركزي على الموظفين الذين لا صلة لهم بزبائن تجارة التجزئة، سيستمر جهاز الرقابة في الترتيبات الحالية، إذا كان ذلك هو ما تريده الشركات وكانت مستعدة لأن تدفع مقابله.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها هذه المقترحات بالمعارضة على كل حال. ففي نيسان (إبريل) الماضي قالت سلطة الخدمات المالية إنها لن تطلب الإفصاح عن العمولات على بوالص تأمين الشركات، لأن الزبائن كانوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم. واحتجت شركات التأمين وأرغمت المشرّع على إعادة النظر في القرار. ومن الصعب عدم التعاطف مع جون تاينر، الرئيس التنفيذي لسلطة الخدمات المالية، حين قال في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إنه في كل مرة كان يقدم مقترحات لإزالة القواعد التنظيمية، كانت الصناعة تعارضها في الوقت الذي تئن فيه من تكلفة الأنظمة.
ويأتي معظم الشكوى من الروتين من جانب غرف مجالس الإدارة، حيث يرى كبار التنفيذيين الزيادة في تكلفتها. لكن الموظفين في إدارات التقيد بالقوانين يرون فيها quot;مرفأ آمناquot; يقيهم من الهجمات. واكتسب هذا الميل والتوجه قوة خلال السنوات الأخيرة، بالحضور المتنامي للمؤسسات المالية الأمريكية التي استوردت معها أسلوبها الأكثر قانونية. ولما كانت تكلفة التنظيم تردع الشركات الأصغر عن دخول الأسواق المالية، فإن الكبار يعرفون أن الروتين في الغالب مفيد لنشاطاتهم العملية.
ومع ذلك، يجب ألاّ ترتدع سلطة الخدمات المالية عن تشذيب الحجم الهائل لتنظيماتها. وعليها أن تؤكد الأسلوب القائم على التنظيم الذي يعزز قوة لندن مركزا ماليا. وبصورة مشابهة، على مؤسسات الحي المالي أن تجعل من الاستجابة للطلبات المتكررة من جانب سلطة الخدمات المالية لتقديم مقترحات في المجالات الواعدة لتخفيف التشريعات، أولوية لها. وفي ظل القانون الحديدي للتنظيم، فإن تعاون هذه المؤسسات أساسي في الحرب الضرورية ضد الروتين.
التعليقات