الثلاثاء: 2006.10.3
الناصرة -آمال شحادة، الرأي
كشف في اسرائيل عن اسرار احد ملفات الموساد في العلاقة السورية وفيه نجح يهودا غيل، احد كبار العملاء في هذا الجهاز، وهو من اصل ليبي ، بتمويه مسؤوليه وخداعهم خلال عشرين سنة من نشاطه الاستخباراتي من خلال تقارير كاذبة حول اتصالاته باحد كبار الجنرالات السوريين الى درجة كادت التقارير ان تؤدي الى حرب بين اسرائيل وسورية قبل عشر سنوات. ونشرت صحيفة يديعوت احرونوت تحقيقا حول هذا الملف كشفت ان اسرائيل اعتقلت غيل بعد ان تبين لها ان الجنرال السوري الذي تحدث عنه في تقاريره هو الذي كان المشغل لغيل وينتزع منه معلومات عن اسرائيل ما ادى الى سجنه .
واعتبرت قضيته م . وبرز غيل في نشاطه الاستخباراتي حول الفرن الذري العراقي الذي تم قصفه في العام 1981، وحملة جلب ما يسمى يهود أثيوبيا في منتصف سنوات الثمانينيات. لكن العملية التي كانت المهمة المركزية عنده تجنيد احد كبار الضباط السوريين والمقرب إلى المستويات القيادية العليا في دمشق. وحسب الصحيفة فقد بدأت لقاءاته مع المسؤول السوري في منتصف سنوات السبعينيات. وفي العام 1978 كتب تقريرا قال فيه أنه تمكن من جعل المسؤول السوري مصدرا للمعلومات. ومنذ ذلك الحين وحتى اعتقاله، في العام 1997، كانت تقارير غيل بعد لقاءاته مع المسؤول السوري المدماك المركزي في تقديرات شعبة الإستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي بشأن نوايا السوريين تجاه إسرائيل. ويقول ضابط استخبارات سابق، والذي كان على صلة بالتقارير التي كان تصل من غيل نقلا عن المصدر السوري، أن التقارير كانت مثيرة وغنية بالتفاصيل. ويضيف: كنا نعتبر المصدر السوري قيمة استيراتيجية. فالمواد التي كانت تصل تشير إلى أنه على صلة بما يدور في سورية. وكانت المواد التي تصل تبدو موثوقة وتتماشى مع الصورة الإستخبارية العامة. واتضح قبل 9 سنوات أن كل ما جاء في تقارير غيل كان من محض خياله، وأن كل شيء نبع من إحباطه ورغبته بأن يواصل لعب دور الأفضل من الجميع، ورغبته الجامحة في الوقوف جانبا ليراقب قادة الموساد وهم يبتلعون لعابهم من الذهول لدى قراءة تقاريره. وفي المحكمة ادعت النيابة العامة أن غيل كان قد أدرك أن دوره على وشك الإنتهاء، ولما لم يزوده المصدر السوري المذكور بالمعلومات، قرر أن يخترع هذه المعلومات. وفي هذا السياق يعتقد كبار المسؤولين السابقين في الموساد أن غيل لم يجند المصدر السوري المذكور. وفي أعقاب المحاكمة، أصدر الموساد وثيقة رسمية طلب فيها من جميع العاملين في المكتب قطع علاقاتهم مع غيل. وعندما كان على وشك الخروج إلى التقاعد،و طلب منه الموساد تأهيل شخص آخر ليحل مكانه في لقاءاته مع المصدر السوري، إلا أنه رفض ذلك بشدة. ورفض أيضا اقتراحا بضم شخص آخر إليه. وعلل ذلك بأن المصدر لن يتحدث إلى أحد سواه. وواصل غيل علاقاته مع المصدر حتى بعد أن خرج إلى التقاعد في العام 1989.
وبينما كانت الإستخبارات العسكرية تتلقى تقارير غيل، بدأ الموساد بالتشكك، وفي مرحلة معينة طلب رئيس الموساد في حينه، شبتاي شافيط، قطع العلاقات مع غيل، إلا أن إصرار الإستخبارات العسكرية (أمان) جعلت شافيط يتراجع عن قراره. وعندما طلب منه تسجيل إحدى محادثاته مع المصدر السوري، عاد ومعه شريط لم يصدر منه سوى ضجيج الشوارع وتمتمات بكلمات غير مفهومة، وادعى غيل عندها أن آلة التسجيل معطوبة. ورغم الشكوك فقد واصل غيل عمله كالمعتاد. وفي هذه الأثناء تبلورت لدى الموساد فكرة أن المصدر السوري المذكور هو من يستخدم غيل وليس العكس. وفي اتصال مع المصدر، أجراه عناصر الموساد بطريقتهم، أثناء إحدى جولاته في أوروبا، توصلوا إلى نتيجة أذهلتهم، وهي أن الرجل لم يكن قط مصدرا.. وبحسب كبار المسؤولين السابقين في الموساد فإن المصدر لم تنطبق عليه هذه المواصفات أبدا. ربما اعتاد غيل مقابلته، ولكنه لم ينجح في تجاوز الخطوط معه وتحويله إلى مصدر يزوده بالمعلومات. وفي أعقاب هذا الكشفـ، الذي وصف بهزة أرضية في الموساد، تقرر القيام بحملة لفحص مدى صدقية غيل. ولم يكن يعلم بذلك سوى 4 أشخاص، هم رئيس الموساد، ورئيس شعبة تسومت (الوحدة التي كان يعمل فيها غيل)، وإثنان آخران تم اختيارهما للعمل الميداني.
وفي سفرته الأخيرة إلى أوروبا للإجتماع بالمصدر، في إحدى العواصم الأوروبية، كان غيل تحت المراقبة منذ اللحظة التي غادر فيها البلاد.
ولاحقه عناصر من الموساد حتى اجتماعه بالمصدر في أحد المقاهي. وبحسبهم، فإن اللقاء دام أربعين دقيقة، ولم يتفوه الجنرال السوري بأية كلمة تقريبا، بل كان يهز برأسه، وبين الفينة والأخرى ينطق بكلمة، في حين لم يتوقف غيل عن الحديث للحظة. وبالطبع لم يشك غيل بأن هناك من يراقبه على الطاولة المجاورة. وعن هذا اللقاء، قدم غيل تقريرا يشير إلى أنه قد التقاه 3 مرات، في لقاءات دامت 7 ساعات. وعن تفاصيل اللقاءات عبأ غيل عشرات الصفحات بخط يده وقام جهاز الأمن العام (الشاباك) باعتقاله لحظة هبوطه من الطائرة في البلاد، وسط ذهول عناصر الموساد.
التعليقات