روستي فندلي


تسببت العمليات الانتحارية العشوائية في افغانستان في الآونة الاخيرة في موت العديد من المواطنين الافغان الابرياء. وتعيد هذه الهجمات، مرة اخرى للضوء، الطبيعة اليائسة لشبكة القاعدة وطالبان الارهابية التي تستغل الاغلبية المعتدلة في افغانستان وفي غيرها من الدول في المنطقة. ولا يوجد نموذج اكثر دقة على ذلك من العملية الانتحارية التي وقعت في 17 سبتمبر ضد القوات الكندية التي توزع الحلوى على الاطفال، وقد أدت العملية الى مقتل 4 من القوات الكندية، بالاضافة الى عدد من الاطفال الابرياء.

نعم نشعر باليأس، ولكن يجب علينا المثابرة في وجه هذا العنف والإرهاب. فأحداث السنوات الخمس الماضية قدمت للمواطنين الافغان أملا جديدا للحرية، فالاغلبية المعتدلة بينهم تريد لأمتهم الخروج من سنوات القمع على يد نظام طالبان. والارهابيون، وهم قلة ارهابية داخل النظام، لا تريد اكثر من القضاء على هذا الامل. وعلى أي حال، فإن جهودهم تفشل بسبب العنف العشوائي والإرهاب الذي يفرضونه على الافغان وشعوب الدول الاخرى في المنطقة. ويعترف الارهابيون انفسهم بفشلهم كما اوضح جيمس فالوز في تقرير نشرته مجلة اتلانتيك، فقد ذكر متطرف مصري وهو محمد اسعد دربالة مؤخرا يقول laquo;. . . لقد ادى الجهاد من اجل الجهاد الى نتائج عكسية. . . والى عكس النتائج المرغوبة مثل سقوط نظام طالبان وذبح الآلاف من الشباب المسلمينraquo;.

وبالرغم من التقدم المنتظم في افغانستان، فإن هذه الهجمات الارهابية التي تحظى بدعاية واسعة تسيطر على الاخبار وتدعم الادراك بأن الموقف الامني يتدهور، وان طالبان تستعيد سيطرتها، وان المسألة مسألة وقت قبل عودتهم للسلطة. الا ان هذه ليست هي القضية. فهذه الهجمات الارهابية لم تكن بلا ثمن. فقد ادت الى معاناة وآلام شخصية بالنسبة للافغان الذين خرجوا من حروب استمرت لمدة 27 سنة. ولكن عزيمة وتصميم الشعب الافغاني واضحة. فمع استمرار مساعدة الولايات المتحدة والناتو وغيرهم من شركاء التحالف، سيستمر الافغان في الانتصارعلي التصرفات الجبانة لنظام حكم قائم على الخوف والارهاب. فبعد الانتخابات الوطنية التاريخية في عام 2004 التي شارك فيها 10 ملايين مواطن، فإن هذه الديموقراطية الناشئة تشكل، من البداية تقريبا مؤسسات الحكومة والمجتمع المدني وتطور اقتصادها. ومع استمرار مساعدة المجتمع الدولي لا يوجد ادنى شك في ان البلاد ستنجح.

ومن بين الامثلة الاكثر وضوحا على مرونة الافغان، هي انهم يفهمون الان ويحترمون ويمارسون حرية التعبير. ويتحدث المواطنون ضد العمليات الانتحارية الارهابية. فقد ذكرت صحيفة laquo;الفجرraquo; الباكستانية انه بعد الهجوم الاخير، قال محمد حيدر نانغاهاري وهو من سكان العاصمة كابول: laquo;هذا عمل يتسم بالجبن يقوم به الارهابيون دائما، وهم لا يهتمون بما اذا كانت العملية في منطقة سكنية او منطقة حكومية او عسكريةraquo;. بينما ذكر نويد بيدار وهو في الوحدة والثلاثين من عمره، ان قتل الاطفال والنساء والرجال في عمليات ارهابية تصرف غير انساني وحمّل الارهابيين الذين يعبرون من باكستان مسؤولية تلك الاعمال.

من هنا فعلاج عقود من الاضرار الجسدية والعاطفية يعني ان تأسيس المبادئ الديموقراطية وحكم القانون يحتاج الى الصبر والشجاعة، فيما يملك الشعب الافغاني وقوات التحالف والمجتمع الدولي تلك الشجاعة ولديهم رؤية ايجابية للمستقبل.

اما طالبان فمستمرة في تقديم نفس الشيء: الشمولية والعنف الاهوج والحرب والفقر والموت. وما اصبح واضحا هو ان شعب افغانستان سينتصر. فقد تعرضوا للآلام والمعاناة من هذا النظام غير الانساني، فاصبحت كل عملية انتحارية تذكرهم بالماضي وتقوي عزيمتهم من اجل مستقبل افضل.

* رائد بالقيادة الوسطى الاميركية مدير الاستراتيجية والتخطيط والسياسة