جيمس زغبي


لن نسمع في أي سباق من السباقات الانتخابية القادمة على مقاعد مجلس النواب ومجلس الشيوخ حواراً ينخرط فيه المرشحون بشأن السياسة الأميركية الفاشلة في العراق. هناك عدد من تلك السباقات كان العراق موضوعا للحوار فيها ولكن هذا الحوار كان يدور حول نقاط مثل كيف دخلنا هذه الحرب. والأخطاء التي ارتكبناها. وكيفية الخروج منها. أما العراق ذاته، أوعواقب سياستنا الخاصة بالشرق الأوسط الكبير، فلم تكن أبداً موضوعاً لأي من تلك الحوارات. كيف يمكن هذا؟ على الرغم من حقيقة أن سياساتنا قد ترتبت عليها آثار رهيبة على شعوب المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية.
لقد خلقنا حالة من الفوضى الرهيبة في العراق الذي تحول إلى مرجل يغلي بالعنف وجعلنا معظم الدول المجاورة لهذا البلد تعيش في خوف من امتداد ما يحدث في العراق إليها. وهكذا فإن إيران متشجعة في ذلك بإخفاقنا في العراق قامت بدمج خطابها التهييجي بتحديها النووي، كما انقسم لبنان الذي لم يفق بعد من تأثيرات الهجوم المدمر على نفسه لدرجة أن شبح الحرب الأهلية أصبح يلوح في الأفق هناك. أما الفلسطينيون فقد عانوا من إهمال الولايات المتحدة لعملية السلام وتواصلت معاناتهم من الممارسات الإسرائيلية الوحشية ما أدى في مجمله إلى تنامي التطرف داخل المجتمع الفلسطيني وتحلل بنيانه. أما إسرائيل، فهي لم تربح شيئاً إذ أدى احتلالها وهجماتها الوحشية إلى استمرار عزلتها الدولة وإحساسها بعدم الأمان.

كل ذلك يؤشر على فشل واضح، ومع ذلك، فإننا نجد أن هذا الموضوع المتعلق بالآثار المدمرة لسياستنا لم يكن محوراً لأي حملة من حملات المرشحين لانتخابات التجديد النصفي الوشيكة.
بدلاً من الحوار والمناقشة يسود صمت رهيب كأن فظائع الصيف الماضي لم تحدث، وكأن سياستنا لم تكن هي السبب في كل ذلك.
وعلى ما يبدو أن هناك إجماعا بين الحزبين على هذا الصمت لدرجة يمكن معها القول إن هناك مجالين فقط هما اللذان يتم فيهما مناقشة مسألة الشرق الأوسط: الأول، هو ذلك المتعلق بالطاقة حيث يقوم البعض في الحزبين بإظهار عزمنا على quot;إنهاء اعتمادنا على نفط الشرق الأوسطquot;، وهو موضوع الهدف من مناقشته في رأيي هو التغطية على مشكلة الإرهاب، والهموم البيئية، والعواطف المناوئة للعرب.

أما المجال الثاني الذي يبرز فيه الشرق الأوسط كموضوع للنقاش في بعض الحملات، فهو موضوع شركة موانئ دبي العالمية. فبعض الحملات quot;الديمقراطيةquot; تسعى إلى استثمار quot;النصرquot; الذين ادعوا أنهم قد حققوه في هذا الشأن من خلال منشورات الحملات الانتخابية والمكالمات الهاتفية المتباهية للناخبين.
إنه لأمر مشين في الحقيقة..فالشرق الأوسط يحتوي على بعض من أهم التحديات كما يضم العديد من المصالح الحيوية التي تحتم عدم التعامل معه بهذه الدرجة من الاستخفاف والرخص على الرغم من أن الولايات المتحدة، ومنذ انتهاء الحرب الفيتنامية لم ترسل مساعدات خارجية، ولا شحنت أسلحة، ولا أرسلت قوات، ولا حاربت حروبا، ولا خسرت أرواحا(حتى قبل حرب العراق) أكثر مما فعلت في الشرق الأوسط. على الرغم من ذلك كله لا يحظى الشرق الأوسط بأي حوار في نطاق الحملات الانتخابية باستثناء المجالين اللذين أشرت إليهما.

كثيرا ما كان يقال لي إن السبب في ذلك هو الخوف من إغضاب بعض المصالح الخاصة القوية(اليمين الديني- والجماعات اليهودية المتشددة الموالية لإسرائيل)، بيد أن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه في حين أن الكثيرين من الأميركيين يؤيدون إسرائيل، إلى أنهم يريدون من الإدارة في الوقت نفسه أن تتبع سياسات متوازنة، وتدعم التوصل إلى تسوية سلمية، وتدخل تغييراً على سياستها هناك وهو ما لا يبدو أنه سيحدث هذا العام.

لقد أصبح الوقت متأخراً كثيراً لتوقع حدوث أي حوار ذي معنى خلال عام 2006 غير أنه لم يتأخر بعد على قيامنا بالمطالبة بتضمين مثل ذلك الحوار على أجندة عام 2008.
إننا لا نستطيع أن نقوم ببساطة بإبعاد أنفسنا عن الشعوب التي تسكن هذه المنطقة ذات الأهمية الحيوية الفائقة من العالم. كما أنه ليس بوسعنا الاستمرار في العمل على هذا النحو الأعمى في منطقة لا نفهم شعوبها ولا ثقافتها ولا تاريخها، كما لا نستطيع أن نسمح لهؤلاء الذين يسعون لتولي زمام قيادتنا برفض مواجهة المشاكل والسكوت عليها على هذا النحو المريب بدلا من ذلك.
لقد كان يفترض أن نتحاور بشأن سياستنا في الشرق الأوسط منذ سنوات، ولكننا لم نفعل ذلك، ومن الأهمية بمكان أن نبدأ هذا الحوار الآن.