عبد الرحمن الراشد
بعد ايام من إطاحة الاميركيين بتمثال صدام ونظامه في بغداد قتل طعنا بالسيوف اشهر رجل ديني عراقي معارض في الخارج السيد عبد المجيد الخوئي. مات في النجف في اول يوم من منفاه. تلك الجريمة البشعة تاريخيا كانت اول معركة عراقية عراقية بين المنتصرين. كانت أول مؤشر على المستقبل المظلم الذي طالما حذر منه نظام صدام وخوف به خصومه من ان اسقاط النظام يعني حربا بين كل الطوائف والقيادات، على كل شبر في العراق، وانه بقسوته الضامن الوحيد لوحدة العراق واستقراره.
بكل أسف نبوءة صدام بالاقتتال اكدها السيد مقتدى الصدر قبل ثلاث سنوات في العاشر من ابريل يوم صفّى حسابه ضد خصمه الخوئي في صحن المسجد. مقتدى من اسم غير معروف للخارج الى جزء أساسي من المشهد العراقي السياسي المضطرب حتى اليوم. تنبأ مراقبو الشأن العراقي بأنه سيقود ثورة من الشباب والفقراء وسيكون مفاجأة العهد الجديد. وبالفعل صار سببا في الاضطراب.
ادخلت جماعاته الخوف في كل مكان حيث عاركت ضد الحكومة، وهاجمت مناطق شيعيه منافسة، وذبحت المئات من السنة، واغتالت بعثيين قدامى، واستمرت تشتبك مع الاميركيين. ومع أن السيد الشاب كان شوكة في طريق الجميع إلا ان احدا لم يحاول الوقوف في وجهه بشكل حازم إلا في وقت رئيس الوزراء الأول اياد علاوي الذي تحداه في عقر داره وفي نفس الوقت هاجم التكفيريين في الفلوجة السنية. وباستثناء المداهمات الامنية العراقية والعسكرية الاميركية الصغيرة فقد بقي السيد مشكلة لا احد يعرف كيف يمكن علاجها. احد اعوانه السابقين الذي تخلى عنه يعتقد ان المواجهة مع الصدر آتية لأن الأكثرية صارت تراه مشكلة، والبعض الذي يدافع عنه يقول ان مقتدى شخصيا لا يسيطر على اتباعه الذين ينفذون عمليات اجرامية لصالح أطراف داخلية وخارجية وهو يضطر للدفاع عنهم كلاميا.
تذكرته عندما قرأت تصريحا منسوبا للصدر قبل اسبوعين يعلن فيه انه يتبرأ من أي من اتباعه يقتل الغير بلا حق. كلام يشرع قانون الغاب ولا ينفيه بدليل انه قبل يومين برر جرائم احد منسوبيه من قادة فرق الموت الذي ذبح اشخاصا في منطقة سنية في بغداد مدعيا بانه ضد مجرمين تكفيريين، وهو كلام يلغي الحكومة ويؤكد على خطورته. وعندما هاجمت القوات العراقية وكرا لجماعة الصدر تدير فرقا للموت سمى القوة الحكومية العراقية بالفرقة القذرة وزعم ان جماعته يدافعون عن انفسهم!
والصدر ربما هو من افتتح القتل السياسي يوم طعن رجاله الخوئي، لكنه لم يعد وحده يمزق العراق بالتقاتل. عدد كبير من الجماعات طائفية العداء، او ذات ثأر شخصي لا يرتوي من الدم، او القاعدة الارهابية، او عصابات مستأجرة. ومنذ ان اتضح للجميع ان جريمة تصفية رجل بحجم الخوئي ذهبت بلا عقاب عم شعور بأن القتل اهون ذنبا من اللصوصية. فقد دافع عن الصدر في البداية متطرفو السنة والبعثيين وأضفوا عليه القاب الوطنية الى أن استدار عليهم. لم تعد المشكلة حصرا في اشقياء مدينة الصدر بل صار بلدا من الاشقياء من مختلفي الطوائف والانتماءات السياسية.
التعليقات