عبدالرحمن الراشد


يقول اسماعيل هنية إنه ضحى بمنصب رئيس الوزراء من أجل فك الحصار، ولم ار بعد أحدا يذرف الدموع على رحيله. فهو الذي يقول إنه ضحى بكرسيه، نسي انه من تسبب في الحصار كله، وهو الذي منح اسرائيل فرصة ضرب الفلسطينيين، وهو الذي اعطى اسرائيل دليلا على ان الفلسطينيين لا يحترمون المواثيق، وهو الذي تسبب في تجويع مليون فلسطيني. إن أحدا لا يريد أن يرى هنية يغادر منصبه، لأنه لا يوجد خلاف حول حقه في تمثيل الاغلبية، لكن لم يكن من حقه الغاء اتفاقيات هي التي جاءت به الى الحكم. لا أحد يريده أن يترك كرسيه، لأنه جلس عليه عن حق انتخابي، ممثلا لأغلبية الشعب الفلسطيني، لكن المؤسف أنه أوصل الأمور مرحلة خطيرة جعلت بقاءه ينذر بوقوع أول حرب أهلية فلسطينية، او انقلاب عسكري، الذي يعني الغاء المشروع الديموقراطي الفلسطيني، او استمرار المعاناة، جوعا وعدوانا اسرائيليا من الخارج.

حقا هنية اثبت في اشهر قليلة عدم نضجه السياسي، او عجزه بسبب الصراع داخل حركة حماس، بين موالين لايران وحماس الداخل. فقد كان بامكانه ان يقود الشعب الفلسطيني نحو مشروع سياسي كبير، مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة. مشروع لا يقف عند الفذلكات اللغوية او المجاملات لدمشق او ايران او غيرها. بدون ان يدري أفسد هنية واحدة من اهم المراحل السياسية العربية. جاء انتصار حماس في الانتخابات حدثا تاريخيا مهما ليس لكونه يعني وصول معارضة الى سدة الحكم ديموقراطيا لاول مرة في العالم العربي فقط، بل أيضا لأنه يؤسس للفلسطينيين والعرب جميعا نموذجا جديدا مهما.

بكل أسف سيغادرنا هنية، كما وعد، من أجل فك الحصار من دون أن نعرف بعد ان كان من سيخلفه من حماس مستعدا لاحترام ما وقعت عليه السلطة الفلسطينية أم لا. لكن خروج هنية قد يحول دون تطور التوتر الذي تسبب في بداية الصدام وسقط بسببه ابرياء في ساحة القتال الخاطئة.

وسنشهد بعد خروج هنية فرصة أخرى لحماس للعمل على تلافي اخطائها الماضية بالعمل المشترك مع القوى الفلسطينية كمحلل في زواج تبريري هدفه استمرار علاقة حماس بالحكم. حماس غزة تدفع ثمن علاقتها بدمشق وطهران، في وقت تقول الاخبار ان دمشق ستبيعهم قريبا في سوق المساومات. ويا لها من مفارقة، فسورية تبدي رغبتها الصريحة في التفاوض مع اسرائيل، في حين تقوم حماس الشام بتخريب ما حصل عليه الفلسطينيون بدعوى انه سلام حرام.

الكثيرون يتطلعون اليوم الى خروج هنية كبشا لانقاذ حماس من ورطتها، مدركين حجم الورطة التي وقع فيها الجميع من جراء سياساتها التي أضرت بالمواطن الفلسطيني قبل غيره.

[email protected]