فائض المدفوعات 338 بليون ريال... والنمو مستمر


جدة - محمد سلمان


قدم التقرير الـ42 لمؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، والذي تسلمه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وولي العهد نائب وزير الدفاع والطيران المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز أمس، دلائل واضحة على خروج الاقتصاد السعودي من دائرة الضغوط التضخمية وشح السيولة، في ظل سياسات وإصلاحات هيكلية، متأقلماً مع المتغيرات المحلية والدولية التي انعكست بالمزيد من الخطوات الإيجابية. وبرز ذلك في ارتفاع نصيب القطاع غير النفطي إلى ما يزيد على ثلثي الناتج المحلي الإجمالي. وفيما ذكر التقرير ان الاقتصاد السعودي نما بنسبة 4.2 في المئة، فإن الموازنة العامة للدولة حققت، للعام الثاني على التوالي، فائضاً بلغ 218 بليون ريال، بينما ارتفع فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات ليصل إلى 338 بليون ريال.

وأشاد الملك عبدالله بالتقرير ومحتوياته، ونوه بالدور المهم الذي تقوم به laquo;ساماraquo; في رسم وتنفيذ السياسة النقدية، في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة.

وتوقع خبراء ان يسجل الاقتصاد السعودي نمواً هذه السنة بنسبة قد تفوق ما حققه العام 2005، مدعوماً بمؤشرات أبرزها: استمرار انتعاش أسعار النفط، وضخ القطاع الخاص مزيداً من الأموال والتوسع في قطاع البتروكيماويات وزيادة وتيرة الصادرات. وسينعكس ذلك إيجاباً على وضع موازنة السنة 2007، في ظل الانتعاش الكبير لأسعار النفط، وبفضل سلسلة الإجراءات التي تبنتها الدولة لزيادة الإيرادات واستمرار سياسة التنويع الاقتصادي.

ويسجل لتقرير laquo;ساماraquo; التي تعتبر بمثابة المصرف المركزي، شفافيته الكاملة في الحديث عن مسار الاقتصاد السعودي وتحدياته في منتصف عقده الرابع. اذ في حين أشار إلى التحسن الكبير في الإيرادات، في ظل استمرار ارتفاع أسعار النفط، اعترف بأبرز تحدياته وهي: استمرار عبء الإنفاق الحكومي، النمو البطيء لبعض القطاعات، تصاعد وتيرة النمو السكاني وما يسببه من ضغط على البنى التحتية والعلوية وسوق العمل.

وبحسب التقرير، سجل الاقتصاد السعودي متوسط نمو سنوياً حقيقياً مقداره 4.2 في المئة، متجاوزاً بذلك معدلات النمو السكاني البالغة 2.5 في المئة، في حين حقق القطاع الخاص نمواً حقيقياً بلغ 4.6 في المئة.

ونما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي العام 2005 بنسبة 6.5 في المئة، مقارنة بـ 5.3 في المئة العام 2004. ونما الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص بنسبة 6.6 في المئة، والقطاع الحكومي بنسبة 7.2 في المئة. وتبعاً لذلك، سجلت المالية العامة للدولة فائضاً للعام التالي على التوالي لميزان المدفوعات في عام 2005 بقيمة 218 بليون ريال، مع توسع رشيد ومحافظ في الإنفاق، إضافة إلى تجنيب مخصصات لتسديد الدين العام، ما انعكس على ارتفاع فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات إلى 338 مليون بليون ريال، مقارنة بفائض 195 بليون ريال في عام 2004، وهو أمر سيعزز قوة الريال السعودي الذي لا يزال يتلقى دعماً كبيراً من laquo;ساماraquo;، للمحافظة على استقرار صرف العملة وتكوين رصيد من العملات الأجنبية.

وأكدت السعودية في خطة التنمية الثامنة (2004-2009) عزمها على تحسين رصيد الحساب الجاري في ميزان المدفوعات، وتحويله من عجز كان يمثل 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلى فائض يمثل نحو 9.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية الخطة.

وبدا بوضوح أن العوائد النفطية أسهمت إلى حد كبير في الوضع الحالي، كما أن الاستمرار في تحسن الأسعار سيضيف أبعاداً جديدة لموازنة الدولة، خصوصاً مع زيادة وتيرة الصادرات، خصوصاً النفطية منها.

ويلفت تقرير laquo;ساماraquo; النظر إلى مؤشر مهم، هو عدم وجود غلاء في المعيشة، إذ نما معدل الزيادة في الرقم القياسي العام لكلفة المعيشة من واقع بيانات 16 مدينة سعودية، بنسبة أقل من واحد في المئة، ما يعني أن النمو الاقتصادي لجم ارتفاع معدلات التضخم. وفي المقابل أيضاً، يعد نمو العرض النقدي الذي بلغ حتى أيلول (سبتمبر) الماضي 623.5 بليون ريال، مؤشراً إيجابياً الى استمرار النمو، فهو يدل على انخفاض مستويات الاقتراض الحكومي، وحقيقة نمو الأسعار في معدلات متناقضة، ما يعني عملياً تلاشي المخاوف من الضغوط التضخمية.