الاقليم الخليجي والنووي quot;الإيرانيquot;: مواجهة بينطموحات إيرانية مشروعة ومناهضة خليجية واقعية
تستغل الفوضى في العراق لتعزيز شروطها التفاوضية مع أميركا وانتزاع أكبر قدر من الامتيازات الإقليمية
علي الطراح
في لقاء في مدينة ابو ظبي, لمناقشة التهديد النووي الايراني انقسم المفكرين العرب بين مؤيد ومعارض لحقيقة ايران النووية. الانقسام العربي أعاد الى الذاكرة انقسام المفكرين العرب بين مؤيد ومعارض لحرب تحرير الكويت . وجد المؤتمرون انفسهم بين تيار خليجي يرى بالتسلح الايراني تهديد للاقليم الخليجي بينما اخواننا كالجابري من المغرب ورفعت السعيد من مصر رأوا بان ما يحدث ما هو الا جزء من سيناريو اميركي يراد به توريط المنطقة بمزيد من الاضطراب .
الانقسام بين العرب لا جديد فيه, فنحن لا نتوقع الاتفاق على كل صغيرة وكبيرة, الا ان ما يلفت الانتباه بان كل ما هو اميركي يجب مقاومته, وان الخليج يقع ضمن خارطة التحالفات الاميركية, ودوله تحتمي بالمظلة الاميركية. طبعا العاطفة تغلب في التحليل وتجعل معظمنا لا يرى الاشياء الا من زاوية واحدة وكأننا نعيش في عالم لا نرى فيه تداخل الاشياء وتعقد الظواهر السياسية في عالم ما بعد الحرب الباردة.
لا اعتراض على حقيقة رمي البيض بسلة واحدة يجعلنا نعرض انفسنا للخطر بمعنى علينا نفكر بمصالحنا كدول وشعوب كما يفكر الاخرين بمصالحهم وهذا لا عيب فيه وكما يقولون ليس في السياسة اصدقاء دائمون, فعالم السياسة تحكمه المصالح والشاطر من يستطيع ان يشق طريقة في عالم مضطرب .
بدخول القرن الواحد والعشرين واجه العالم تحديات جديدة ولا نعرف الى اين يتجه العالم, انها تحديات حضارية يتداخل فيها السياسي مع الثقافي, انها الحرب الكونية الرابعة, انها الحرب على الارهاب كما سمتها الولايات المتحدة الاميركية.بدات ملامح هذه الحرب بافغانستان وانتهت بالعراق الا ان ذلك لا يعني نهاية الحرب مع الارهاب. الحرب الكونية الرابعة التي تسعى الى القضاء على الارهاب وتغيير معالم الشرق الاوسط وخارطة التحالفات مازالت في بداياتها ومازال العالم ينتظر الكثير من الاضطراب وغياب الاستقرار. فهذه ايران تسعى الى تسلق جدار النادي النووي, وكوريا تفرض نفسها عضوا جديدا, وفلسطين تتنازعها قوى محلية مازالت تضل الدرب وتتجاهل المتغيرات العالمية, ويقابل ذلك استفراد اسرائيلي بميزان القوى في منطقة الشرق الاوسط. ولبنان يسير في دهاليز مظلمة, ومصر تعيش حالة اضطراب كبيرة لا نعلم الى اين تتحه, وبقية الدول العربية تعيش حالة من الفوضى ومزيد من التباعد بين القيادات السياسية الحاكمة وشعوبها, ودول مجلس التعاون الخليجي تعيش حالة ترهل ونزاع بين انظمة الحكم, وتعيد لنا خلافاتهم مشاهد من صراعات الصحراء.
ماذا يحدث لعالمنا?. بالامس ساندت اميركا عراق صدام حسين في حربه مع ايران ومدته بالسلاح والعتاد, وقبل ذلك تغيرت معالم منطقة الخليج العربي عندما قاد الامام الخميني من فرنسا ثورته ضد الشاه, ومن ثم يغزو صدام الكويت وبعدها يطاح به في حرب تحرير العراق ويزداد لهيب منطقة الخليج باعلان رغبة ايران في امتلاكها للسلاح النووي, وفجاة تشن اسرائيل حربا على لبنان ردا على اختطاف جنديين اسرائيليين وتعلن الولايات المتحدة الاميركية مساندتها للحرب تحت ذريعة الحرب على الارهاب,وتدك القنابل الاسرائيلية البنى التحتية ويذهب اكثر من الف من الضحايا اغلبهم من الاطفال, وينقسم العرب بين مؤيد ومعارض, وتغص الانظمة الحليفة لواشنطن ويتراجع نهج الاعتدال الذي وجدت قياداته في موقف لا يحسد عليه وتضخ الاموال النفطية لتعمير لبنان ويقال لنا ان ولادة الشرق الاوسط الجديد على الابواب وانها ولادة قيصرية .
هل فعلا تشكل ايران تهديد لدول الخليج العربي? وهل الدخول بمواجهة عسكرية مع ايران لصالح دول المنطقة?
استطاعت ايران ان تجيد اللعبة الديبلوماسية بجدارة فائقة منتهزه الفوضى العالمية, وهي ترى في تصعيدها مع الغرب واميركا امرا في غاية الاهمية حيث تعرف احتمالية الانقسام بين الحلفاء, كما انها تعلن مرارا رغبتها في المفاوضات حول ملفها النووي. ما تسعى اليه ايران هو الاعتراف بدورها الاقليمي في الخليج العربي, و وقف المساعدات المالية الى معارضيها والتعهد بعدم التعرض لها, وفي حالة القبول بالشروط الايرانية فان ايران على استعداد لاعادة النظر في قضايا الاختلاف كالموضوع الاسرائيلي الفلسطيني والشان العراقي .
التسلح الايراني النووي ليس لغرض تحرير فلسطين, بقدر ما هو يصب لصالح المصالح الوطنية الايرانية.
بعد ان تم تفكيك العراق وتحويله الى دولة ضعيفة اختل التوازن في الاقليم الخليجي في وقت يزداد فيه التنافر بين دول الخليج وتستغل ايران تردي الاوضاع والفوضى العالمية باصرارها على نهجها النووي, الذي سيساعدها في فرض وجودها ويزيد من ثقلها السياسي والسؤال الذي يطرح نفسه هو التهديد النووي لدول المنطقة واذا ما كانت ايران تسعى للوصول الى صيغة من خلالها تنتزع الاعتراف العالمي بثقلها كدولة محورية لا يمكن تجاهلها في اي ترتيبات امنية تخص المنطقة الخليجية.
على الرغم من معارضتنا للاخلال في موازين القوى في الاقليم الخليجي واعتراضنا على ايران النووية وادراكنا لطموحات ورغبات في سحب البساط من المحور السعودي باعتباره مركز الاسلام السني وتنافسها على التوسع للدولة الاسلامية الشيعية, الا ان كثيرا من المؤشرات وتؤكد الرغبة الايرانية في الهيمنة على الامن الخليجي, وهذا قد يضعف الحلفاء التقليديين في حالة نجاح ايران في توصيل رسالتها السياسية الى العالم الغربي. ايران وان كانت ترفع الشعارات الاسلامية الرنانة الا انها على استعداد للدخول بمفاوضات توفر لها الضمانات, التي لو توافرت ستؤدي الى تغيير في اولويات ايران ولا نستبعد تنازلها عن قضايا محورية لصالح مصالحها الوطنية.
السلاح الايراني النووي يشكل تهديدا للاستقرار الخليجي خصوصا بان لدينا سوابقا تاريخية تؤكد هذا التوجه, وفي نفس السياق من حق ايران امتلاك السلاح النووي في ظل الاوضاع المضطربة. ايران تجد نفسها مهدد وتسعى بكافة الطرق لتوفير الحماية لنفسها, خصوصا بعد الاطاحة بصدام حسين الذي اثار الذعر بين كثير من حلفاء واشنطن وغيرهم .
التصريحات الرسمية الايرانية تؤكد عزمها في الاستمرار في التسلح النووي لاغراض سلمية في الوقت الذي تعاني منه الشعوب الايرانية من ويلات اقتصادية حيث يقدر عدد منهم تحت خط الفقر بحوالي 11 مليون والبطالة تصل الى 11 في المئة. كان الاجدر بالاموال التي تنفق على تطوير السلاح النووي ان تتوجه للتنمية ومعالجة مشاكل البطالة الا ان القيادة السياسية الايرانية تجد في التسلح النووي ضمان لامنها.ايران تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية في الاحتياطي النفطي العالمي وهي تعتبر رابع دولة مصدرة للنفط وهذا ما يجعل التطور النووي موضع تساؤلات كثيرة بظل الفائض النفطي.
ايران تعتقد بان امتلاكها للتقنية النووية السلمية لا غبار عليه ويقع ضمن السيادة الايرانية, وخصوصا اذا ما وضعنا في الاعتبار جارتها باكستان التي تملك السلاح النووي. طبعا نعتبر ذلك مبعث قلق لايران, الا ان القارة الهندية تختلف عن الاقليم الخليجي وبالتالي تسلح الهند وباكستان يقع ضمن منظومة التوازن في تلك القارة .
دول الخليج العربي تشعر بقلق من التقنية النووية الايرانية, حتى وان كانت سلمية, انطلاقا من خوفها من تسرب نووي. دول الخليج العربي لديها حججها المنطقية, وكذلك ايران من حقها ان تمتلك التقنية النووية في منطقة مضطربة سياسيا, ولكن اليس بامكان الدول الخليجية الوصول الى صيغة تفاهم تجنب المنطقة مزيد من الحروب!
الولايات المتحدة الاميركية ومنذ وصول الامام الخميني وتوليه السلطة وهي في حالة تجاذب مع ايران لاسباب عديدة. منها تخوف اميركي من السلاح النووي وتهديد المصالح الغربية, ومساندتها لحزب الله وحماس,باعتبارهما تنظيمات ارهابية وفقا للمقياس الاميركي. كما نعرف حزب الله هو سلاح ايران واستخدمته بنجاح في الحرب الاخير مع اسرائيل, كما ان الحزب تورط بمحاولة اغتيال امير الكويت الراحل, وسعى الى خلق اضطرابات سياسية في الخليج.
ايران تحتل جزر عربية تابعة لدولة الامارات العربية المتحدة وترفض التحكيم الدولي, وتهدد في خلق اضطرابات في المنطقة في حالة تعرضها لاي هجوم اميركي. كما ان ايران تتعامل بتعال مع دول الخليج, وتعتبرها دول تسبح في الفلك الاميركي, وبالتالي هي دول معادية للمصالح الايرانية.
مجلس التعاون يعيش مراحله الاخيرة ويكاد يلفظ انفاسه ولا يبدو ان المجلس في امكانه الوقوف امام التهديدات الايرانية. مجلس التعاون تشغله قضايا الاختلاف ولا يبدو انهم تعلموا من التهديد العراقي في التسعينات.
الولايات المتحدة الاميركية لها مصالحها في المنطقة ولديها حساباتها المنطلقة من ستراتيجيتها للامن القومي, وفي ضوء هذه الستراتجية تعتبر ايران من الدول المارقة وبالتالي هي تحت المجهر الاميركي. الخوف ان تدخل دول الخليج في صراعات مفروضة عليها ولا تخدم مصالحها الوطنية وتجد نفسها في حالة عداء مع دولة مجاورة .
ايران انتهجت التشدد وتسعى الى نشر نفوذها في الشرق الاوسط وترغب بمفاوضات مباشرة مع اميركا وتريد الاعتراف في دورها الاقليمي بعد غياب العراق. ايران تمثل الاسلام الشيعي ولا تخفي دعمها للحركات الثورية وتسعى بان تتحول الى نموذج الدولة الاسلامية الجديدة.
اذا ما حصلت ايران على ضمانات اميركية واعتراف بدورها في اي ترتيبات امنية للاقليم الخليجي, فيا ترى هل تتاثر صيغة التحالف الخليجي الاميركي?
الولايات المتحدة تنطلق من تامين مصالحها واذا كانت العلاقة مع ايران ستؤدي الغرض, فمن المؤكد خارطة التحالفات ستتاثر . ايران لاعب اساسي في الساحة اللبنانية وحليف لسورية وبالتالي هي معنية في ترتيب موضوع السلام في الشأن الفلسطيني.
عودة للتهديد الايراني, يبدو ان ايران عازمة على الاستمرار في اقتناء التقنية النووية, والظروف العالمية والاقليمية لصالحها, ويصبح على دول الخليج التفكير جديا في كيفية التعامل مع الملف الايراني بالطرق السلمية وخصوصا بان المنطقة الخليجية لم يعد بمقدورها تحمل مزيد من القلاقل التي من الممكن تشعل المنطقة وتضيع مقدراتها.
ايران عليها مسؤولية كبيرة, وعليها التفكير جديا بان الامن الخليجي مسؤولية مشتركة وانه لا يمكن للمنطقة ان تستقر طالما الخطاب الثوري يتصدى سياستها الخارجية. على ايران الجلوس في مفاوضات مع دول مجلس التعاون وحل قضايا النزاع وخصوصا الجزر الاماراتية.
ايران تسعى الى طمأنة جيرانها في الخليج وفي الوقت نفسه تحتل الجزر الاماراتية وتهدد بين فترة واخرى في اغلاق مضيق هرمز في حالة الهجوم عليها. كما ان ايران لديها مصالح ضخمة مع دول الخليج, فهي تقيم علاقات اقتصادية مع الامارات يصل مردوها الى ثمانية بلايين دولار سنويا, ولديها شركات ايرانية يقدر عددها 4500 شركة تستثمر في دولة الامارات. كما انها ترتبط بصفقات غاز ضخمة مع الكويت وعمان.
ايران تملك نفوذ على شيعة العراق, وان كانت بعض من الشرائح الشيعية العراقية لا تحبذ الارتباط الايراني على حساب الانتماء العربي, ولكن بالرغم من كل التحفظات فايران دولة لها ثقلها في الاستقرار العراقي الذي ينشده الاميركان ولا يمكن تجاهلها في ترتيب البيت العراقي ما قد يعجل بتفاوض خفي يوفر الضمانات للاطراف المتصارعة.
السياسة الاميركية وتنامي النفوذ الايراني:
تتسم السياسة الاميركية بغياب الرؤية البعيدة من ناحية,وعلى استخدام القوة العسكرية باعتبارها القوة القطبية الوحيدة في العالم ما يدخل العالم بمزيد من الاضطراب ونشوء بؤر احتقان في اماكن متعددة في العالم. اضافة الى غياب التوازن في علاقاتها العربية فيما يخص الموضوع الاسرائيلي, فهي تتعامل مع اسرائيل باعتبارها الحليف القوي في منطقة الشرق الاوسط, ما ادى الى اختلال ميزان القوى للدول الحليفة لواشنطن حيث تجد هذه الدول نفسها امام تحديات داخليه تضعها بموقف محرج مع شعوبها وخصوصا اذا ما اخذنا في الاعتبار بان بعض من الدول العربية الخليجية تواجه تحديات من الراديكالية الدينية التي تتغذى على الاستعلاء الاميركي والاستهتار في الحقوق العربية.
اما محاولة واشنطن في تشكيل شرق اوسط جديد, فيبدو للعيان بعد الاخفاق في العراق ان مشروعها يواجه تحديات سواء على مستوى الزعماء او الشعوب التي ترى في المشروع الجديد مزيد من الخضوع للمصالح الاميركية. اضافة الى تراخيها فيما يخص السلاح النووي الاسرائيلي وتشددها مع الطرف الايراني.
الاحتمالات المستقبلية:
امامنا اربعة احتمالات مستقبلية:
الاول : امتلاك ايران للسلاح النووي يثير ردود فعل اقليمية وسباق تسلح وخطر مواجهة نووية.
الثاني: حرب وقائية ومواجهه عسكرية مع ايران, ولا يضمن هذا الاحتمال القضاء على الترسانة النووية في ايران.
الثالث: عقوبات دولية تفرض على ايران كما حدث لكوريا الشمالية الا انه يبدو احتمالا صعبا لطبيعة تشابك المصالح الروسية والصينية مع ايران.
الرابع: اغراءات واسعة النطاق لايران لاجبارها على التخلي عن تسلحها النووي وضمان عدم التهديد لاسرائيل .وهذا الاحتمال لا يستبعد خصوصا بان اطراف اوروبية تدفع به, وقد يشكل استجابة مؤقتة لتأجيل البرنامج النووي الايراني.
بالتأكيد لا يمكن التقليل من الخطر النووي الايراني سواء في الخليج او العالم, وهو بمثابة اضافة جديدة لعوامل الاضطراب العالمي.
بكل تأكيد ان السياسة الاميركية الخارجية مسؤولة عن تراجع نهج الاعتدال وهي سياسة ادت الى تقوية القوى الراديكالية وبالطبع ايران, وقد يكون في الحالة الايرانية فرصة لمراجعة مرتكزات هذه السياسة خصوصا بعد النتائج المضطربة في كل من افغانستان والعراق . الولايات المتحدة تدفع بخلو العالم من السلاح النووي ولكن لم يعد النادي النووي يضم اعضاء ما بعد الحرب العالمية الثانية, فالهند وباكستان وكوريا الشمالية دول فرضت عضويتها, مما قد يدفع في التفكير جديا في طبيعة القدرة النووية ومدى جدوى اقتصارها على الاعضاء التقليديين. اسرائيل قوة نووية والتبرير الاميركي بان اسرائيل دولة في وسط مضطرب ويصبح السلاح النووي ضرورة لبقائها .وبكل تاكيد الطبيعة النووية لاسرائيل تضعف الاطراف الاخرى بالمنطقة,وينتابهم شعور القلق وحتى وان اعتبر بعض المدافعين عن السياسة الاميركية بان اسرائيل دولة مهذبة في السلاح النووي, بمعنى ان اسرائيل تحكم بمؤسسات وضوابط في الوقت الذي قد لا تتوافر هذه الظروف لدى الاطراف الاخرى.
بالطبع السلاح النووي سلاح ذو حدين, فقد يستخدم لمنع نشوب حروب جديدة وقد يؤدي الى دمار شامل .في حالة ايران التسلح النووي يشكل خطر لا يمكن الاستهانة به حيث الظروف الاقليمية مختلفة .كما ان في الحالة الايرانية يتداخل فيها المحور الاميركي باعتبار ايران من محور الشر او دولة مارقة, وبين المصالح العربية التي بكل تأكيد ستتأثر بامتلاك ايران للسلاح النووي.
بكل تاكيد ايران دولة مستهدفة, الا ان الحجج الايرانية لامتلاك السلاح النووي يفوق ما هو معلن, فايران دولة تحكم بايديولوجية دينية, وهي نموذج للحكم للدولة الاسلامية وبالتالي هي تسعى لتطوير نموذجها ونشر افكاره . وهنا منبع الخطر الذي قد يهدد الاستقرار في الخليج والشرق الاوسط, خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار النهج الثوري الذي يسير عليه نجاد والرغبة في تصدير الافكار الثورية وفقا للنموذج الايراني.
ايران تشعر بقلق كبير من وجود القواعد الاميركية في الخليج وتجد في ذلك تهديد لها, وبكل تاكيد علينا تفهم وجهة النظر الايرانية الا ان كذلك تسلحها النووي سيضاعف الخطر ويجعل المنطقة على حافة انفجار . وقد يكون من الحكمة ان تظهر الدول الخليجية نوعا من الاستقلال في سياساتها ولا نعني القطيعة مع الجانب الاميركي بقدر ما ندعو الى التمييز بين المصالح الخليجية المشتركة وتلك المصالح المرتبطة مع الولايات المتحدة الاميركية.
دول مجلس التعاون عليها ان تراجع سياساتها وان تدرك بان لا مفر من التعاون فيما بينها وان حالة الصراع الخفية والمعلنة في ان واحد بين السعودية وقطر يجب احتوائها من قبل الاعضاء الاخرين. كما ان مفهوم الامن الخليجي لم يعد كما كان في السابق, ولعلنا نتذكر ما قاله الامير سعود الفيصل امام منتدى الحوار الخليجي في المنامة في ديسمبر 2004 عندما اشار الى ان ضمانات امن الخليج لا تاتي من طرف واحد وكان يقصد الولايات المتحدة الاميركية, واكد في حديثه الى ضرورة الضمانات من الاسرة الدولية واشار بالتحديد الى كل من الصين والهند . مثل هذه التصورات قد تبعث الامل على اعادة التوازن في الاقليم الخليجي وتحد من الرغبة الايرانية في تملك سلاح نووي.
على دول الخليج ان تفكر جديا بان القوة العسكرية ليست هي وحدها العامل الحاسم في الصراع, فالقوة الاميركية ليست بالضرورة هي الضمان للامن في المنطقة, بقدر ما نحن بحاجة الى شراكة اقتصادية وثقافية مع الاسرة الدولية لضمان الاستقرار في الاقليم الخليجي. على دول الخليج البدء في خطوات عملية فيما يمس الاصلاح السياسي وتقليص الاستفراد في الحكم والتصدي لقضايا الصفقات المالية الكبيرة المحصورة في النخب الحاكمة والدوائر المرتبطة بها .وياتي موضوع التركيب السكانية على سلم الاولويات للحفاظ على استقرار المنطقة, فعلى الدول الخليجية الاستفادة من مخزون العمالة الماهرة من المواطنين وتسهيل عملية انتقالهم واعطائهم اولوية في فرص العمل المتاحة في السوق الخليجية . اضافة الى التفكير جديا في مفهوم المواطنة والحرص على الاندماج الا جتماعي بين السكان المحليين ليس عبر سياسات التجنيس السياسي وانما من خلال تكافؤ الفرص .
الامن في الخليج بحاجة الى تفهم لطبيعة بواعث عوامل عدم الاستقرار وايران دولة خليجية جزء من المنظومة الامنية شريطة ان يتفهم الجانب الايراني ان استقرار المنطقة بحاجة الى جهود جماعية والاحترام المتبادل في خيارات الدول وليس التدخل في شؤونها.
التعليقات