إيلاف من بغداد: خلال زيارته لمحافظة نينوى في شمال العراق، بدا جليًا أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مصمم على إكمال استراتيجيته التي اتبعها منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، والقائمة على ثلاثة محاور رئيسية: وحدة الصف، والارتقاء بالخدمات، وحفظ الأمن.
فمن مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، خاطب السوداني حشدًا من شيوخ العشائر ورجال الدين وممثلي المكونات والأطياف المختلفة في محافظة نينوى ليؤكد لهم أن جميع المشاريع التي جاء لإطلاق العمل فيها كانت مدمرة من قبل الإرهاب. وقال إنه بالتزامن مع الاحتفالات في العراق بيوم النصر على الإرهاب، جاء ليعمر خراب حقبة داعش المظلمة.
وأضاف أن الصورة الحقيقية للشعب العراقي انتصرت على ما أراده الإرهاب في استهداف الأمن والتعايش السلمي بين جميع المكونات والطوائف، لافتًا إلى أن فتنة الإرهاب والأجندة الخارجية أساءت للمجتمع في نينوى، وحاولت دق إسفين الفرقة بين العراقيين.
"اليوم العراق على المسار الصحيح في بناء دولة تحترم المواطن، وتلتزم بالدستور، وتبني مؤسساتها بالشكل الذي يلبي تطلعات المواطنين."
— محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي.
وعلى صعيد المحور الخدمي في استراتيجية السوداني، أكد رئيس الوزراء أن الزيارة لمحافظة نينوى تأتي ضمن منهجية عمل الحكومة لمتابعة شؤون المواطنين في مختلف المحافظات، ووضع حجر الأساس لعدد من المشاريع، ومتابعة العمل في مطار الموصل الدولي، وتحديد يوم العاشر من حزيران القادم موعدًا لافتتاحه.
وأضاف السوداني أنه خلال ثلاثين يومًا ستنطلق سلسلة من مشاريع البنى التحتية بالمحافظة، وستتم المباشرة بمشروع الطريق الحولي - المرحلة الثانية لتخفيف الازدحامات المرورية بالموصل، مشددًا على أن عجلة البناء والإعمار بالمحافظة مستمرة بتكاتف أبنائها.
وأطلق السوداني بنفسه العمل التنفيذي في مشروع محطة كهرباء الشمال الحرارية/ المرحلة الأولى، التي تبلغ طاقتها 700 ميغاواط من الطاقة الإجمالية للمشروع البالغة 1400 ميغاواط. كما أطلق العمل التنفيذي في مشروع ملعب (الإدارة المحلية) والقاعة الرياضية المغلقة، ووجّه بزيادة الطاقة الاستيعابية للملعب. كذلك حضر إطلاق الأعمال التنفيذية في مشروع تنظيم وتأهيل الواجهة النهرية للمدينة القديمة في أيمن الموصل.
وفيما يتعلق بمشروع إعادة إعمار مطار الموصل الدولي، والذي بلغت نسبة إنجازه أكثر من 80%، وجه السوداني بافتتاحه رسميًا في 10 يونيو (حزيران) القادم، والذي يتزامن مع الذكرى الحادية عشرة لاحتلال المدينة، ليكون بمثابة رسالة "تحدٍ في وجه الإرهاب"، على حد تعبيره. كما تابع رئيس الحكومة العراقية الأعمال الجارية في مشروع إعادة تأهيل سور نينوى الأثري، وافتتح مبنى محافظة نينوى الجديد.
وعلى صعيد محور حفظ الأمن، ترأس رئيس مجلس الوزراء، القائد العام للقوات المسلحة، اجتماعًا للقيادات الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى، ليؤكد ضرورة المحافظة على المنجز الأمني الذي تحقق بفضل التضحيات العظيمة للعراقيين، وعدم التهاون مع أي حدث مهما كان، من أجل إدامة الاستقرار الذي انطلقت الحكومة معه بمشاريع تنموية وخدمية.
وشدد على أهمية اعتماد الكفاءة في التصدي للقيادة، وعدم السماح لأي اعتبار آخر غير المهنية في توزيع المسؤوليات الأمنية، وكذلك الاهتمام بالمنتسبين وجهوزيتهم، مؤكدًا على استمرار العلاقة الممتازة مع المواطنين، والتعامل معهم بما يعكس الوجه الناصع للدولة.
وأشار السوداني إلى أن الحكومة استطاعت أن تبعد المخاطر عن العراق، خصوصًا مع ما شهدته المنطقة من تحديات أمنية، من بينها التحول الذي حصل في سوريا.
وأعاد السوداني تأكيده أن العراق استعاد دوره الريادي في المنطقة وأصبح بلدًا مؤثرًا وفاعلًا في محيطه. فهو اليوم يطرح المبادرات والحلول والمواقف التي تتناسب مع التحديات في المنطقة. وقال إن العراق بادر بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلق مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدم ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء العرب.
ولا تتزامن زيارة السوداني لمحافظة نينوى مع الاحتفالات بالذكرى السابعة للانتصار على تنظيم داعش فقط، ولكنها أيضًا تأتي في وقت تشتعل فيه المنطقة بصراعات وحروب في غزة ولبنان واليمن، ووضع جديد في سوريا يراقبه العراق بحذر ويقظة. وبالتالي، جاءت هذه الزيارة كرسالة تطمين للعراقيين بأنهم على الطريق الصحيح طالما تمسكوا بوحدتهم بعيدًا عن معاول الهدم وأبواق الطائفية.