دعا لإرسال قوات فصل دولية لحماية الفلسطينيين


حاوره في دمشق: يوسف كركوتي

في حوار مع صحيفة ldquo;الخليجrdquo; أكد الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على أن الدموية ldquo;الإسرائيليةrdquo; تستفيد من غياب حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وتفاقم الانقسام التناحري بين فتح وحماس، ومن غطاء ضعف المواقف الرسمية العربية والدولية، والحماية التي تؤمنها لها الإدارة الأمريكية، وانتقد حواتمة تعطيل تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني، وحمل الأطراف المعطلة مسؤولية في جرِّ الويلات على الشعب الفلسطيني، وطالب حواتمة الجامعة العربية ووزراء الخارجية العرب باتخاذ خطوات ملموسة سياسية ومادية لدعم أبناء الشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة، وتصديهم للعدوان ldquo;الإسرائيليrdquo; المتواصل. كما طالب حواتمة مجلس الأمن الدولي والأسرة الدولية بالإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أبناء الشعب الفلسطيني العزل، عملاً بقوانين ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، بما في ذلك إرسال قوات فصل في الضفة الفلسطينية وغزة والقدس. وفيما يلي الحوار:

ما هو تعليقكم على قرار وزراء الخارجية العرب بكسر الحصار عن الشعب الفلسطيني؟

هذا جيد مع أن القرار جاء متأخراً جداً، ومن حيث المبدأ ما كان يجب على الدول العربية أن تلتزم بقرار حصار ظالم فرضته الولايات المتحدة وrdquo;إسرائيلrdquo;، هذا يتنافى مع أبسط مبادئ التضامن المطلوب مع الشعب الفلسطيني، وما كان الحصار لينجح لولا تطبيقه من قبل الدول، والمؤسسات المالية العربية. الآن المهم وضع آليات لتنفيذ هذا القرار الجديد على أرض الواقع حتى لا يصبح ضحية للإجراءات البيروقراطية، ويتآكل بفعل الضغوط الأمريكية.

كيف تنظرون إلى نقض الولايات المتحدة لمشروع قرار يدين جريمة الحرب ldquo;الإسرائيليةrdquo; في بيت حانون، وما هو الرد العربي والفلسطيني المناسب على ذلك؟

إقدام الولايات المتحدة على تعطيل قرار يدين جرائم الحرب ldquo;الإسرائيليةrdquo;، وينصف الشعب الفلسطيني، يبرز مجدداً أن إدارة المحافظين الجدد في واشنطن ماضية في دعمها وانحيازها الأعمى ل ldquo;إسرائيلrdquo; وسياساتها الدموية التوسعية، وتشجعها على مواصلة عدوانها ومجازرها بحق أبناء شعبنا. وهو ما يشكل خروجاً عن الأخلاق الإنسانية، وخرقاً فاضحاً لقوانين ومبادئ وأعراف الشرعية الدولية.والرد على هذا الفيتو الأمريكي، الذي يندرج في إطار سياسة الانحياز الأمريكي لصالح ldquo;إسرائيلrdquo;، يشترط بناء حكومة وحدة فلسطينية عملاً بوثيقة الوفاق الوطني (27 يونيو/ حزيران 2006) ووضع نهاية للصراع الانقسامي بين فتح وحماس، ويتطلب موقفاً عربياً مبادراً ينقل الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يمكن عزل المواقف الأمريكية، وإدانة ldquo;إسرائيلrdquo; ومحاسبتها على جرائمها الوحشية في بيت حانون، وفي سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، واتخاذ خطوات كفيلة بردعها عن مواصلة جرائم حربها وعدوانها، وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني.

كما أن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسسات السلطة الفلسطينية مطالبة بالتحرك الفوري، بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، من أجل نقل الملف إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقد جلسة طارئة للجمعية تحت بند ldquo;الاتحاد من أجل السلامrdquo;، لفرض عقوبات على ldquo;إسرائيلrdquo;، وتأمين حماية دولية للشعب الفلسطيني، وبنقل الملف إلى كل المؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، والدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنظم حقوق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وتفرض التزامات ومسؤوليات على سلطات الاحتلال.

ldquo;الإسرائيليونrdquo; ماضون في ارتكاب المجازر وآخرها المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في بيت حانون ما هو تفسيركم لتنامي النزعة الدموية ldquo;الإسرائيليةrdquo;؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

المذابح والتطهير العرقي وترويع المدنيين وقتل النساء والشيوخ والأطفال جزء من العقيدة الصهيونية وrdquo;الإسرائيليةrdquo;، ورثها جيش الحرب ldquo;الإسرائيليrdquo; عن العصابات الصهيونية، فمن دير ياسين إلى قبية ونحالين، وصبرا وشاتيلا وكفر قاسم وقانا وجنين وشاطئ غزة وبيت حانون ثمة خط واصل، إنها شهوة سفك الدماء والقتل من أجل تحقيق المشاريع الاستعمارية التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. وrdquo;إسرائيلrdquo; اليوم تمارس جرائم حربها ومجازرها عبر اعتماد سياسة إرهاب الدولة المنظم، دون وازع أو رادع أخلاقي، ودون قيود قانونية دولية، وما كان لسياساتها هذه أن تنفلت من عقالها لولا التغطية الأمريكية السافرة على جرائمها، ولولا الانقسام التناحري بين مؤسسات السلطة الفلسطينية (رئاسة وحكومة)، وضعف المواقف الرسمية والعربية التي تصب في صالح الاستفراد الأمريكي الموظف لصالح ldquo;إسرائيلrdquo;.

مواجهة ولجم الروح العدوانية التوسعية والدموية ldquo;الإسرائيليةrdquo; تتطلب وحدة كل أبناء الشعب الفلسطيني، والقوى والفصائل الفلسطينية على أرضية برنامج القاسم الوطني المشترك، كما جسدته وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة من كل الفصائل والقوى الفلسطينية في السابع والعشرين من حزيران/يونيو ،2006 وهذا لا يشكل فقط رافعة للنضال الوطني الفلسطيني، بل أيضاً رافعة لحركة شعبية عربية وإسلامية وأممية داعمة لنضال الشعب الفلسطيني في مواجهة الدموية والتوسعية ldquo;الإسرائيليةrdquo;، والانحياز الأمريكي، وضاغطة على الحكومات من أجل مغادرة حالة الصمت المريب وممالأة السياسات الأمريكية.

منذ سنوات والقيادات الفلسطينية في حالة حراك دائم من أجل استعادة الوحدة، لكن كل الجهود والمبادرات وصلت إلى طريق مسدود، ما الذي يعيق فعلياً تحقيق الوحدة الوطنية؟

الساحة الفلسطينية المسيرة مبتلاة بسياسة الاستئثار الأناني والفردية، وزاد ذلك بشكل غير مسبوق خلال رحلة المفاوضات والاتفاقيات الأوسلوية، التي جرت من خلف الشعب الفلسطيني ومؤسساته الوطنية، وصراع النفوذ بين مؤسسات السلطة (رئاسة وحكومة) أحد الثمار المرَّة للعنة الاستئثار والفردية. نحن ما زلنا نعيش مرحلة تحرر وطني، تتطلب وحدة كل القوى والفصائل، وكل القوى المجتمعية، ووحدة نضال كل أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات. الفردية والابتعاد عن قوانين مرحلة التحرر خلقت نظاماً سياسياً فلسطينياً مشوهاً، يقوم على صراع النفوذ بين مؤسسات السلطة (رئاسة وحكومة)، وتعطيل دور المؤسسات القيادية والتمثيلية بصفتها الجامعة والموحدة لكل أبناء الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، ولمعالجة هذا الخلل الفادح انصبت جهود الفصائل الوحدوية في الحوارات الفلسطينية، في غزة آب/أغسطس ،2002 ورام الله آذار/مارس 2004 والقاهرة بجولاتها الثلاثة وآخرها آذار/ مارس ،2005 التي توجت بإعلان القاهرة (17/3/2005)، وتواصل هذا الحوار بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية (25/1/2006)، وصولاً إلى وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت من كل القوى والفصائل الفلسطينية في (27/6/2006)، إن الذي عطل ويعطل مسيرة الوفاق الوطني هو إصرار بعض القوى والفصائل على الاستمرار في صراع ثنائية فتح حماس التناحرية على حساب الوحدة الوطنية.

حركتا فتح وحماس تتحملان المسؤولية الرئيسية في إفشال وتعطيل كل البرامج والاتفاقات الموقعة لاستعادة الوحدة الوطنية، بما في ذلك وثيقة الوفاق الوطني، وهو ما جرَّ ويجر الويلات على شعبنا.

على ضوء تطورات الأيام الأخيرة، وهل نحن اليوم أمام إمكانية واقعية لنجاح هذه الجهود؟

هذا ما نسعى إليه مع كل القوى والفصائل الفلسطينية، ونتوقع خلال الأيام القريبة القادمة أن يتم الإعلان عن حكومة توافق وطني فلسطيني، يستند برنامجها (السياسي والنضالي، الأمني، الاجتماعي، الإصلاحي) إلى وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني.

هل هذا سيعني انتهاء ما تسمونه بصراع الثنائية التناحرية بين فتح وحماس؟

نحن أمام برامج سياسية متناقضة، بسبب افتراقها في الأهداف السياسية في المرحلة الراهنة، وإن صبت بالنهاية في مواجهة الاحتلال ldquo;الإسرائيليrdquo;. لذلك تشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني، كخطوة على طريق تنفيذ كامل ما ورد في وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني (27/6/2006)، وإعلان القاهرة (17/3/2005)، يضع إطاراً لحل القضايا الخلافية على قاعدة مراعاة المصالح الوطنية العليا بعيداً عن المصالح الأنانية والفئوية الضيقة.

الوحدة لا تعني خنق برامج القوى والفصائل، بل البحث عن تقاطعات واسعة، وتحييد القضايا الخلافية، للزج بكل الطاقات في مواجهة العدو ldquo;الإسرائيليrdquo; المستعمر والمحتل لأرضنا. التنوع البرنامجي والإيديولوجي كان وسيبقى مشروعاً، ولكن يجب أن يضبط في إطار التكامل، والحفاظ على مبادئ التعددية والديمقراطية، وحق إبداء الرأي متلازماً بالانفتاح على الرأي الآخر. بناء على ما سبق نعم تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني وإعلان القاهرة يضبط صراع القطبية الثنائية بين حركتي فتح وحماس، ويفتح الطريق أمام شكل جديد من العلاقات الفلسطينية الفلسطينية تقوم على حوار مثمر وبناء، يِمكن من صياغة استراتيجية فلسطينية موحدة في مواجهة السياسات التوسعية والدموية ldquo;الإسرائيليةrdquo;، وصولاً لحلول سياسية تضمن حق شعبنا بتقرير المصير ودولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس العربية المحتلة، وعودة اللاجئين إلى ديارهم عملاً بالقرار الدولي 194.

هل هناك ضمانات لفك الحصار عن الشعب الفلسطيني بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية؟

بعيداً عن الضمانات الأوروبية والأمريكية على أهميتها بسبب الأوضاع المأساوية التي يعيشها أبناء شعبنا في المناطق الفلسطينية المحتلة، الضمانة الأهم أن شعبنا سيواجه السياسات ldquo;الإسرائيليةrdquo; بصف موحد.

الدول التي فرضت الحصار، وتلك التي تساوقت معه استغلت واقع الحال الفلسطيني، على ما عليه من فرقة وتشتت وصراع. تشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وتطويرها وتفعيلها هو الشرط الأساسي لاستنهاض الأوضاع الفلسطينية، وإعادة الأمور إلى نصابها أخذاً بقوانين حركات التحرر، التي سارت عليها من قبلنا الكثير من الشعوب وانتصرت، من الجزائر مروراً بفيتنام ووصولاً إلى جنوب إفريقيا.

وهنا أود التأكيد على أن الحصار الظالم المفروض على شعبنا ما كان لينجح لولا مشاركة الكثير من الدول العربية في هذا الحصار، وهذا يترك تساؤلاً مراً وخطيراً، والمؤسف حقاً أننا بحاجة إلى ضمانات عربية قبل الضمانات الأوروبية والأمريكية حتى لا يتكرر ما حصل، وحتى لا يبقى أبناء الشعب الفلسطيني تحت سيف التجويع والحصار الأمريكي ldquo;الإسرائيليrdquo;.

رحيل حكومة حماس يطرح سؤالاً إشكالياً، هل نقض الفلسطينيون إجماعهم على احترام الخيار الديمقراطي، كما تجلى ذلك في الانتخابات الرئاسية والتشريعية للسلطة الفلسطينية؟

الانتخابات الرئاسية والتشريعية جرت على أرضية أزمة متدحرجة، وفشلت على أرض الواقع في إعطاء حلول للأزمات المركبة التي تعاني منها الأوضاع الداخلية الفلسطينية، الخيار الديمقراطي وممارسة الديمقراطية لا تعني فقط الاحتكام إلى الأوراق الانتخابية في صناديق الاقتراع، وهذه العملية الديمقراطية كانت وستبقى مثلومة طالما تتم بقوانين انتخابية لا ديمقراطية كما قانون انتخابات التشريعي (50% تمثيل نسبي و 50% دوائر بأغلبية الصوت الواحد، كذلك التلاعب بتقسيم الدوائر)، وإذا لم يتم مدَّها إلى تجمعات اللجوء الفلسطيني، حيث يشكل اللاجئون الفلسطينيون 62% من أبناء الشعب الفلسطيني، من حق أبناء مخيمات وتجمعات اللجوء أن يساهموا بتقرير مصيرهم ومصير شعبهم وقضيتهم الوطنية، عبر إعادة بناء وتفعيل وتطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتمثيلهم في هذه المؤسسات بما يستحقون، على أساس التمثيل النسبي الكامل، فشعبنا الفلسطيني الواحد يفتقد إلى الوحدة منذ زمن طويل، شرط النصر توحيد الشعب ببرنامج نضالي واستراتيجية واحدة في مواجهة المحتل المستعمر هذه هي القاعدة الذهبية وكلمة السر في كل تجارب حركات التحرر التي انتصرت. تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، عملاً بوثيقة الوفاق الوطني وإعلان القاهرة، هو انحياز للخيار الديمقراطي وفي آن إعادة تأسيس لممارسة هذا الخيار على أسس صحيحة، بعيداً عن صراع التناحرات والانقسامات الثنائية، التي أرادت توظيف إجماع شعبنا على الخيار الديمقراطي من أجل تغذية مشاريعها وسياساتها الفئوية الأنانية المتناحرة.

برأيكم كيف يمكن لنتائج انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب في الولايات المتحدة الأمريكية أن تساهم في تغيير مواقف إدارة الرئيس بوش الابن؟

خسارة الجمهوريين في انتخابات الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب لا تؤثر بشكل أوتوماتيكي على سياسات إدارة بوش، حسب الدستور الأمريكي السلطة التنفيذية تمتلك صلاحيات واسعة، لكن بالتأكيد إذا ما أحسن العرب استغلال مأزق سياسات إدارة بوش الابن المتفاقم في العراق وفي الشرق الأوسط والعالم بشكل عام، يمكن إجبار إدارة بوش على تغيير الكثير من سياساتها المعادية للفلسطينيين والعرب عموماً، وبغية ذلك على العرب أن يغيروا من طريقة تعاطيهم مع سياسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بوضعهم على الطاولة المصالح الأمريكية في المنطقة مقابل موقف أمريكي متوازن من المصالح والقضايا العربية، وخاصة الصراع العربي والفلسطيني ldquo;الإسرائيليrdquo;، فالإدارة الحاكمة في واشنطن لا تفهم سوى لغة المصالح، وإذا لمست تهديداً جدياً لمصالحها سيفرض عليها ذلك تغيير سياساتها حيال القضايا العربية. والمثال الذي نعيشه اليوم طريقة تعاطي أغلبية شعوب وحكومات أمريكا اللاتينية مع الولايات المتحدة، وفي ذلك الكثير من الدروس والعبر.