الإثنين: 2006.11.20


كامل زهيري

سقط رامسفيلد وزير الدفاع أثناء الحرب.. وبولتون ldquo;أبو شنبrdquo; قريباً.

أقذع وأفظع شتائم ضد رئيس أمريكي قالتها رئيسة الكونجرس الجديدة.

تصب اللعنات على رأس الرئيس جورج دبليو بوش، وتنهال الشتائم، فقد أصبح أقل رئيس أمريكي شعبية لأنه دخل البيت الأبيض ولطخه بأكاذيبه السوداء.

وقد أعاد بوش بحربه على العراق ذكريات حرب فيتنام وفاق في سوء سمعته ريتشارد نيكسون صاحب فضيحة ldquo;ووتر جيتrdquo;.

وادعى الرئيس التكساسي أنه الرئيس الملهم الذي يحارب الشر من أجل السلام والأمن والديمقراطية، ولكن الإرهاب تضاعف ولم يقل، كما يقول الأمريكيون أنفسهم، مما أدى بانتخابات 2006 إلى ضياع الجمهوريين بعد سيطرة دامت 12 عاماً على مجلسي الشيوخ والكونجرس.

ولم يعد أي مواطن أو مواطنة عندنا يحتاج إلى المزيد من الشتائم أو اللعنات.. مع أنها ستظل تلاحقه حتى يختفي عن الأنظار.

وقد نشرت طوال العام الماضي عدة مقالات استندت فيها على تصاعد المظاهرات التي عارضت الحرب على العراق، وأشرت إلى تصاعد المعارضة، فلم تعد المظاهرات في أنحاء العالم وفي أمريكا ذاتها تكفي، بل انتشرت عشرات من مواقع الإنترنت، مليئة بالنقد واللوم الذي ينشر ملفات الفضائح المدوية في الصفقات المريبة وأرباح شركات السلاح والبترول الأمريكية. وتحالف صقور الجمهوريين بقيادة ديك تشيني النائب ورامسفيلد وزير الدفاع مع اللوبي الصهيوني وقيادات ldquo;إسرائيلrdquo; التي تؤكد عبر السنين أنها ldquo;ليست دولة لها جيش، بل جيش له دولةrdquo;، وهي دولة تعيش أيضاً على التنفس الصناعي بالفيتو الأمريكي الذي بلغ الأربعين!.

وعنوان مقالي اليوم ldquo;سيرك جورج بوشrdquo; ليس من عندي، ولكنه من السيناتور كريستوفر دود الذي وصف سياسة بوش بأنها ldquo;سيركrdquo; مرعب.

وقد فضح الصحفي سيمور هيرش، الحائز على عدة جوائز في الصحافة، في جريدة ldquo;نيويوركرrdquo; أن مسؤولين ldquo;إسرائيليينrdquo; أطلعوا وشنطن قبل شهور من الحرب على لبنان بخطط ldquo;إسرائيلrdquo;، وكما قالت صحيفتا ldquo;الجارديانrdquo; وrdquo;الإندبندنتrdquo; في لندن: ldquo;أعطت الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر للحرب، بل طلبت بسرعتها، واعتبرتها مطلباً أساسياً لشن هجوم محتمل ومخطط ضد إيرانrdquo;.

واعتبر بوش الحرب على لبنان ldquo;بروفةrdquo; للحرب الضرورية ضد إيران، وأكد هيرش أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; الذين زاروا واشنطن حصلوا على تأييد ديك تشيني بعد لقاءات سرية عديدة.

واكتشفت أكاذيب بوش، بل انقلب السحر على الساحر بعد نجاح المقاومة اللبنانية، ثم استمرار التدهور في العراق، وتصاعد المجازر في غزة التي أصبحت أيضاً ldquo;سجناًrdquo; كبيراً.

ومع أن بوش تخيل أن تحديد موعد الحكم على صدام حسين قبل أيام من الانتخابات سوف يخدم الجمهوريين، لكنه واجه الفشل في الانتخابات، بادعاء أن الديمقراطية تتحقق في العراق طبقاً لخطة موضوعة.

وفي كل يوم تزداد أعداد الأكفان الأمريكية العائدة إلى أمريكا ويتأجل الجلاء عن العراق.

وكان لابد من دفع الثمن.

وظن دبليو بوش أنه يستطيع التضحية بوزير دفاعه الموهوب دونالد رامسفيلد الذي ظل يدافع عنه بحرارة وثبات قبل الحرب وخلالها وبعدها.

وقد ورث بوش وزير دفاعه رامسفيلد من تركة رونالد ريجان، ورامسفيلد وزير الدفاع الواحد والعشرون في أمريكا، وكان أصغر وزير دفاع يتولى هذا المنصب، وكان رامسفيلد كما كتب في ldquo;فورين أفيرزrdquo; المجلة الأمريكية، يدعو إلى تجديد القوات الأمريكية ليكون الجيش ldquo;أقل عدداً وأكثر فاعليةrdquo; اعتماداً على ما أسماه ثورة المعلومات والليزر والصواريخ والأقمار الصناعية والإنترنت.

وقال رامسفيلد: إن أمريكا تملك أكثر من 700 قاعدة عسكرية في أنحاء العالم. وتستطيع أن تشن خمس حروب في وقت واحد، ولابد من تطوير الجيش بما أسماه الثورة العسكرية، وكان رامسفيلد ضابطاً في البحرية، وانتخب نائباً وهو في الثلاثين، ونجا رامسفيلد من فضيحة ldquo;ووتر جيتrdquo; عام 1974 لأنه كان قد عين سفيراً في حلف الأطلنطي، وقد أثنى نيكسون على رامسفيلد لولائه وإخلاصه حين اتصل به يعرض عودته للمشاركة في الدفاع عنه. وورثه جيرالد فورد بعد نيكسون.

وظل رامسفيلد من دعاة الهجوم على العراق، وكانت قد تكونت عصابة البنتاجون من رامسفيلد ونائبه بول وولفويتز ومستشاره ريتشارد بيرل، ودوجلاس فايت.

وفي حرب العراق هبت كذبة صفقة اليورانيوم، واضطر جورج تنيت مدير ldquo;السي. آي. إيهrdquo; إلى أن يتحمل شخصياً مسؤولية ما أورده بوش في خطاب ldquo;حالة الاتحادrdquo; عام 2002 حول صفقة اليورانيوم، وتطوع ستيفن هارلي نائب كوندوليزا رايس، وكانت حينذاك مستشارة الأمن القومي قبل توليها الخارجية في 23 يوليو/تموز ،2003 وقال هارلي لإنقاذ الرئيس: إنه مسؤول عما ورد عن صفقة اليورانيوم في خطاب الرئيس، واكتفى بالاعتذار، وقبل الرئيس اعتذاره، ومن كذبة أسلحة الدمار الشامل، إلى كذبة اليورانيوم، أصبح الكذب عادة رئاسية أو صناعة أمريكية، وكما قالت ldquo;واشنطن بوستrdquo;: ldquo;خلال زيارة بوش للجنود الأمريكيين في العراق كان كل شيء كاذباً حتى حين تناول الرئيس بوش طعامه مع جنوده، فقد كان ldquo;الديك الروميrdquo; مجرد دمية، ليس فيها لحم ولا عظام!rdquo;.

وتذكر الناخبون الأمريكيون أيضاً سلسلة الأكاذيب، حين أعيد تصوير إسقاط تمثال صدام حسين من فوق منصته، لأن المشهد أعيد تسجيله تلفزيونياً لإذاعته في أنحاء العالم.

وتذكر الناخبون أيضاً الأكاذيب التي أطلقها دونالد رامسفيلد حين شاعت جرائم سجن ldquo;أبو غريبrdquo; في مايو/ايار ،2004 فقد اتهم رامسفيلد وسائل الإعلام العربية بنشر الأكاذيب. ولكن الصور الأليمة والمخجلة ذاعت عبر مواقع الإنترنت، وقد شاهدت فيلماً مصوراً ناطقاً 21 دقيقة لا يصدقه عاقل أو نصف عاقل.

ويبقى بعد ذلك التاريخ السري لرامسفيلد ودوره في اللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo; داخل أمريكا، وتأثيره في وسائل الإعلام، وقد قرر رامسفيلد إنشاء مكتب تابع للبنتاجون سماه ldquo;مكتب التأثير الاستراتيجيrdquo; ومهمته التأثير في وسائل الإعلام ldquo;الأجنبيةrdquo; للتأثير في الرأي العام العالمي، بإخفاء الحقائق، وإذاعة مزيد من الأكاذيب وتكرارها، واتهام أي معارض بالمعاداة للسامية، وقد شملت الاتهامات عديداً من أساتذة الجامعات.

وهناك عدة مراكز للأبحاث خاضعة لتحالف الجمهوريين واللوبي ldquo;الإسرائيليrdquo;، ويكفي أن نتوقف عند مركز واحد وهو ldquo;المعهد اليهودي للأمن القوميrdquo; في واشنطن، وفي هيئته الاستشارية ldquo;ريتشارد بيرلrdquo; مساعد وزير الدفاع، وهو أيضاً في معهد ldquo;إنتربرايز اليميني المتطرفrdquo; وrdquo;جين كيركبارتريكrdquo; وزيرة خارجية ريجان، والسفيرة السابقة في الأمم المتحدة، وهي أيضاً في معهد إنتربرايز بواشنطن، وكان ديك تشيني ودوجلاس فيت وجون بولتون في فريق المستشارين. وفي الهدف الخامس الذي حدده المعهد اليهودي للأمن القومي ldquo;التعاون الاستراتيجي مع ldquo;إسرائيلrdquo;rdquo; والبند السابع ldquo;معارضة الأصولية الإسلاميةrdquo; باعتبارها على حد قولها وبالحرف الواحد ldquo;أحد أسباب الإرهاب الدوليrdquo;.

وحين نشر الكاتب الصحافي ldquo;جاستون فيستrdquo; في أغسطس 2002 مقالاً في جريدة ldquo;ذي ينسنrdquo; قال فيه: ldquo;إن المعهد ضم مجموعة قوية من المحافظين الجدد، ويؤيد حزب الليكودrdquo;، شن المعهد عليه حملة مضادة، وتأكد ما قاله الإرهابي آرييل شارون للصهيوني المخضرم شمعون بيريز، وما أذاعته ldquo;إسرائيلrdquo; 3 أكتوبر/تشرين الأول 2001 حين صاح في بيريز: ldquo;كل مرة تقول لي أمريكا تريد هذا ولا تريد ذاك.. أقول لك بوضوح: ldquo;لا تحمل هماً.. نحن الشعب اليهودي نسيطر على أمريكا. وأمريكا تعلم ذلكrdquo;.


***

ويبقى بعد ذلك جون بولتون الذي تكرر ظهوره على شاشات التلفزيون أثناء جرائم الحرب ضد لبنان وشعبه، وبولتون مرشح للسقوط من سيرك جورج دبليو بوش.

وقد اشتهر بولتون بالفظاظة، ويطلقون عليه كما نقول عندنا: ldquo;أبو شنبrdquo;، وعيّنه بوش أثناء غيبة البرلمان في الفترة بين الانعقاد لأنه سيلقى معارضة من الكونجرس من الديمقراطيين.

وكان بولتون محامياً تخرج في جامعة ldquo;ييلrdquo; وخدم أيضاً في عهد رونالد ريجان وجورج بوش الأب، وكان عضواً في المفاوضات مع كوريا الشمالية، وأوفده بوش لإقناع توني بلير بأن العراق حصلت من النيجر على اليورانيوم، وكان عضواً كما قلت في الهيئة الاستشارية للمعهد اليهودي للأمن القومي، وشارك في لجنة السلام والأمن في الخليج، وفي ldquo;مشروع القرن الأمريكيrdquo;، كما نظم في صيف عام 2001 المؤتمر الذي مهد لصدور قرار الأمم المتحدة حول التفتيش عن الأسلحة، وخطته في الأمم المتحدة إلحاقها بالولايات المتحدة، بدعوى أن الفساد وسوء الأخلاق أفسدا المنظمة، ووضع مشروعاً بسبعين تعديلاً، وهو يقول: إن أمريكا تمول وتنفق على الأمم المتحدة، ومن حقها أن تعيد تنظيم المنظمة العالمية، وقد هدد جون بولتون ميزانية 2006 و2007 ما لم يتم إصلاح حقيقي في ميزانية ،2005 واستند إلى سوء الإدارة في برنامج ldquo;النفط مقابل الغذاءrdquo;. واكتشاف فضائح جنسية بين قوات حفظ الأمن!.

ونشرت مؤسسة هيرنج وفيها تحالف المحافظين الجدد مع اللوبي اليهودي الأمريكي، كتاباً لنايل جاردنر وبريت شتوفر عنوانه: ldquo;جون بولتون صوت أمريكا القوي في الأمم المتحدةrdquo;، وقال نايل جاردنر من ldquo;مركز مارجريت تاتشر من أجل الحريةrdquo;: إن بولتون يقف بالمرصاد لكل من ينتقد سياسة أمريكا داخل الأمم المتحدة، ولهذا انتقد خطاب الجنرال مارك مالوك براون نائب كوفي عنان لتحفظه على السياسة الأمريكية، وانتقد بعنف لويز أربون، رئيسة لجنة حقوق الإنسان حين قالت: إن حرب أمريكا على الإرهاب تفقد أمريكا مكانتها لأنها تزيد الإرهاب إرهاباًrdquo;.

وقد دخل بولتون الذي يصحو في الرابعة صباحاً، وينام في التاسعة، ولا يحضر الحفلات، إلى الأمم المتحدة من الباب الخلفي لأنه عين في غيبة انعقاد البرلمان.

وقد يتخلى بوش عن بولتون كما تخلص من رامسفيلد. ولكن الحقائق لم تعد خافية، ولا يمكن إخفاؤها.

فقد نشر بوب وودوارد وريتشارد كلارك أخيراً ldquo;خطة الهجوم والمملكة الأمريكيةrdquo; قالا فيها: إن بوش عهد

إلى رامسفيلد قبل 16 شهراً من الحرب على العراق بإعداد خطة الهجوم على العراقrdquo;.

ووضع رامسفيلد خطته على أساس أن أمريكا لها 253288 مجنداً خارج حدودها، ومثل هذا العدد من المجندين المعتمدين، 44496 من المجندين الأجانب، طبقاً لما يقوله ldquo;التقرير السنوي للقواعد العسكريةrdquo; عام 2003.

ويقول التقرير كما أشرنا: إن البنتاجون يملك 702 قاعدة خارج حدودها في 103 دول، بالملك أو الإيجار، كما تملك الولايات المتحدة 6000 قاعدة داخل أمريكا نفسها، ويشمل هذا الإحصاء الرسمي الاستراحات والهناجر والمستشفيات!.

ويبقى بعد ذلك ورغم ذلك فشل خطة الحرب الأمريكية على العراق، وفضائح الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، مما يرشح بولتون بأن يرفع يده في النهاية دون الفيتو بعيداً عن شاشات التلفزيون.

ولا أعتقد أنه بعد إبعاده سيفوز بجائزة نوبل للسلام، وليس هذا الخبر نكتة ولكن الخبر مؤكد!، فقد رشح رئيس وزراء سابق للسويد جون بولتون لنيل جائزة نوبل للسلام.. يا سلام!!!...

ويا أيها السلام.. كم يرتكب باسمك من كبائر!!..
***

وتبقى بعض سطور سريعة عن حملة الشتائم العنيفة التي شنتها عضوة الكونجرس الديمقراطية التي تولت رئاسة المجلس، وقد وصفت الرئيس بوش بأنه ldquo;أغبى رئيس تولى الحكم في الولايات المتحدة الأمريكيةrdquo;، وقالت: إنه ldquo;فاسد وخطر!!rdquo;.

وبعض الأوصاف الأخرى لا يجوز تردادها.

وقد تماسك الرئيس حين التقى بها بعد فوزها على حفل غداء في البيت الأبيض، واعتبر الهجوم عليه كلام انتخابات، ولكن رئيسة المجلس قالت في هدوء أمام الرئيس على شاشة التلفزيون: إنها سعيدة بهذا اللقاء، ولكن هناك نقاط خلاف كثيرة ولا يجوز فيها الصمت أو التجاوز.

ويبقى أمام الرئيس أن يجد حلاً، مع أنه لا حل غير الانسحاب السريع من العراق، كما لمح له كولين باول، وصرح له به جيمس بيكر.. وآخرون!.