الإثنين: 2006.11.21

جيفري جيتلمان ـ نيويورك تايمز

لقد خلص المؤتمر الدولي الخاص بالتغير المناخي، يوم الجمعة الماضي في العاصمة الكينية نيروبي، إلى نتائج متواضعة على إثر فشل المشاركين فيه في التوصل إلى جدول زمني مستقبلي، لخفض الملوثات ذات الصلة بالاحتباس الحراري. فعلى رغم استمرار المؤتمر لما يقارب الأسبوعين من الاجتماعات المتواصلة، وعلى رغم اجتذابه لستة آلاف من المشاركين من مختلف أنحاء العالم، فإنه فشل في التوصل إلى اتفاق في جملة من القضايا التي تناولها، خاصة ما يتعلق باتخاذ خطوة ما بعد بروتوكولات كيوتو، التي تطالب معظم الدول الصناعية بخفض انبعاثاتها من الغازات الملوثة للهواء، إلا أن مدة سريانها ستنتهي بحلول عام 2012. وكان رفض أميركا لأي تحديد ملزم لانبعاثاتها من الغازات السامة الملوثة للهواء، وكذلك التعنت الصيني والهندي أمام ذلك الخفض، عقبة رئيسية كأداء واجهت المؤتمر، مع العلم بأن هذه الدول الثلاث، تعد الأسرع نمواً والأكثر تلويثاً للغلاف الجوي، مع ملاحظة أن بروتوكول quot;كيوتوquot; لا يفرض أية عقوبات على هذه الدول، جراء كل الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري الصادرة عنها.

وعلى أية حال، وحتى تحت أكثر الفروض والتكهنات محافظة، يتوقع العلماء درجات متفاوتة للإحماء الحراري خلال القرن الحالي، ربما تجاوزت كل التوقعات، بما يحدث تغييراً كبيراً في معدلات هطول الأمطار، ويؤثر سلباً على الزراعة والحياة الفطرية، ويفضي في نهاية الأمر إلى ذوبان الطبقات الجليدية، مما يؤدي بدوره إلى ارتفاع المسطحات المائية للمحيطات، ومن ثم إغراق السواحل البحرية المنخفضة. وقد أعرب المشاركون في المؤتمر من وفود الدول غير الأميركيين، عن بالغ إحباطهم إزاء السياسات البيئية التي تتبناها إدارة بوش، قائلين إنه وما لم تبدِ الدولة العظمى صاحبة نصيب الأسد من الانبعاثات الغازية الملوثة، أية بادرة إيجابية منها تجاه خفض انبعاثاتها، فإنه ليس متوقعاً من بقية الدول الأخرى أن تمضي قدماً في طريق خفض مخاطر التغير المناخي. يذكر أن الولايات المتحدة تعد بين الدول القلائل التي لم تصادق بعد على بروتوكول quot;كيوتوquot; للتغير المناخي.

غير أن quot;باولا دوبريانسكيquot;، الممثلة الأميركية العليا في المؤتمر، أكدت موقفها الحازم بقولها، إن أمثل طريقة لمحاربة الإحماء الشامل، هي المزج بين شراكات طوعية بين الدول النامية والغنية، بحيث تعزز تلك الشراكات النمو الاقتصادي، في ذات الوقت الذي تعمل فيه على خفض الانبعاثات الغازية الملوثة. ومضت quot;دوبريانسكيquot; إلى القول إن أكثر استراتيجية ناجعة وفاعلة في التصدي لمعضلة التغير المناخي، هي تلك التي ترتبط وتتكامل مع النمو الاقتصادي وأمن الطاقة، إلى جانب خفضها للتلوث المناخي. بقي أن نقول إن quot;دوبريانسكيquot; هي وكيلة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الدولية والديمقراطية.

ومن ناحيتها قالت quot;جنيفر مورجانquot;، مديرة برامج الطاقة والمناخ في منظمة E3G وهي مجموعة بيئية مقرها لندن، إن خطاباً وجهه ثلاثة نواب quot;ديمقراطيونquot; نافذون إلى الرئيس بوش يوم الأربعاء الماضي-وقد تم توزيعه بكثافة في قاعات وصالات المؤتمر- يشير إلى احتمال حدوث تغيير في سياسات واشنطن البيئية. وجاء في نص الخطاب الموجَّه من قبل كل من quot;باربرا بوكسرquot; من ولاية كاليفورنيا، وquot;جيف بنجامانquot; من نيومكسيكو، وquot;جوزيف ليبرمانquot; من ولاية كنتاكي، أن quot;الديمقراطيينquot; سيدفعون باتجاه إجازة قيود ملزمة على غازات بيت الزجاج، اعتباراً من شهر يناير المقبل، وهو الموعد الذي سيحكِمون فيه سيطرتهم على الكونجرس. ووفقاً في ما كتبوه في خطابهم quot;فإن كان لنا أن نترك لأولادنا عالماً يمثل الأرض التي ورثناها، فقد لزم علينا أن نتحرك الآنquot;. وقالت quot;مورجانquot; إن خطاب النواب الأميركيين هذا، قد لقي ترحيباً حاراً، وكان له وقع عظيم الأثر بين المؤتمرين في نيروبي.

أما الملمح الأفريقي، فقد شكل هو الآخر قضية محورية من القضايا التي تناولها المؤتمر. ويتلخص هذا الملمح في دعوة المؤتمر لزيادة العون المقدم لأفقر دول العالم قاطبة، بما يعينها على التكيف على التغير المناخي الذي طرأ عليها. فالشاهد أن الكثير من شعوب القارة بدأت تشعر سلفاً بتأثيرات التغير المناخي، سواء في ازدياد ظاهرة الجفاف، أم في زيادة التصحر، أم في تفشي وباء الملاريا، وهو الوباء الأشد فتكاً بسكان القارة. ومن سخرية الأقدار، أن الدول التي تعد الأكثر عرضة وضرراً من التغير المناخي، هي الأقل مساهمة فيه. والسبب هو ضعف إنتاجها الصناعي، ومن ثم قلة انبعاثات الغازات السامة الملوثة للهواء، والمسببة للإحماء الشامل والتغير المناخي كما نعلم. وعلى رغم انخراط المشاركين في المؤتمر، في مناقشة تفاصيل صندوق الدعم المالي المخصص لتكييف دول القارة الأفريقية على آثار التغير المناخي، إلا أن اتخاذ القرارات الخاصة به قد أرجئ عملياً إلى العام المقبل. إلى ذلك تشير تقديرات اقتصاديي البنك الدولي، إلى أن تكلفة العون المالي المقدم للدول النامية بهدف مساعدتها في التصدي للتغير المناخي، ستصل إلى مليارات الدولارات، على رغم أن الأموال المرصودة لهذا الغرض لا تزيد في الوقت الحالي على 3 مليارات دولار.