الأربعاء 29 نوفمبر 2006

صالح القلاب

يصل اليوم الى عمان الرئيس الأميركي جـورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وغدا ستبدأ أصعب محادثات وأكثرها جدية لإيجاد مخرج من المستنقع العراقي والمفترض أن يتركز النقاش على كيفية معالجة التدخل الإيراني السافر في شؤون هذا البلد الذي بسبب هذا التدخل تورم طائفيا وذهب الى الحرب الأهلية والإقتتال الداخلي .

وبالطبع فإن إجتماعات غد ، الخميس ، سوف تتطرق الى نصائح لجنة بيكر _ هاملتون التي أوصت كما هو معروف ، وأيدها وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر ، بإيجاد حل معقول يخرج العراق من الورطة التي بات يغرق فيها ويذهب بعيدا في هذا الغرق يوما بعد يوم .

وهنا فإنه لابد من أن يدرك بوش ان توصية لجنة بيكر _ هاملتون الآنفة الذكر يجب ان يتم التعامل معها بحذر شديد حتى لا يرتكب الإميركيون خطأ أخطر من كل الأخطار التي إرتكبوها منذ إحتلالهم للعراق والتي أوصلت هذا البلد الى المأساة التي يعيشها والسبب الرئيسي هو وضع الوصفة الديموقراطية بين أيدي القوى والتنظيمات والميليشيات الشمولية والمذهبية والطائفية ، شيعية وسنية على حد سواء ، فإنفتحت أمام التدخلات الخارجية في الشؤون العراقية الأبواب على مصاريعها وأخطر هذه التدخلات هو التدخل الإيراني الذي لم يعد حتى الإيرانيون ينكرونه .

وبصراحة ، وعلى بوش أن يدقق في هذا جيدا ، فإن أي حل يعتمد ما يمكن إعتباره مساومة تاريخية تعطى إيران بموجبها دورا إقليميا وتطلق يدها في هذه المنطقة سوف يعمق المأزق العراقي من خلال إزدياد النفوذ الإيراني ، حتى النفوذ المباشر ، في شؤون العراق الدخلية وعندها فإنه لن يكون أمام الولايات المتحدة إلا الهروب من الشرق الأوسط كما كانت هربت من فيتنام وإلا التسليم بالتنحي عن منصة قطب الكون الأوحد والقبــول مضطرة ومرغمة بالعالم المتعدد الأقطاب .

وبهذا فإنه لا مجال أمام لقاء غد ، الخميس ، سوى البحث عن طريقة ناجعة لتقليص نفوذ إيران داخل العراق والطريقة المقصودة ليست الطريقة العسكرية فالصدام العسكري سواء بالنسبة للملف العراقي أو الملف النووي سيزيد الأزمة العراقية ، المعقدة أصلا ، تعقيدا وبخاصة وأن الوضع هو هذا الوضع السيىء الذي تتحكم فيه معادلة طائفية تتحكم بها طهران من خلال النفوذ العسكري والسياسي الذي حققته في هذا البلد العربي خلال السنوات الثلاث ونصف الماضية .

إن الحل الذي يجب التركيز عليه في إجتماعات غدالخميس وفي الإجتماعات التي تواصل لجنة بيكر _ هاملتون عقدها في واشنطن يجب ان يكون في إتجاهات تكسير أنياب الغول الطائفي المستفرد بالعراق الآن وتكسير أنياب هذا الغول يستدعي إستنهاض القوى العلمانية غير المذهبية وغير الطائفية والتي تؤمن بالديموقراطية بالفعل وحقنها بالحقن المنشطة وتحويلها الى خشبة لإنقاذ الشعب العراقي الذي بات يبحث في ضوء هذه الأوضاع المأساوية التي يعيشها عن خشبة خلاص تجنبه الغرق النهائي في المستنقع الذي يغرق فيه الآن .