رندة تقي الدين


ان التضامن الذي شهدناه مع الرئيس الاسبق أمين الجميل، بعد اغتيال نجله الشاب الشهيد الوزير بيار الجميل، بإمكانه أن يوقظ جميع اللبنانيين لضرورة انقاذ بلدهم. فالزيارات التي قام بها الوزراء المستقيلون ونواب laquo;حزب اللهraquo; لتعزية الجميل، كما زيارة الوزير السابق سليمان سليمان فرنجية وطلال ارسلان وربما العماد ميشال عون، كلها بوادر خير للبنان.

فقد يكون دم الوزير بيار الجميل ثمن انقاذ لبنان الذي أحبه وعمل واستشهد من أجله. فلبنان في خطر، وحتى العاهل الأردني الملك عبدالله دق ناقوس الخطر بقوله ان ثلاث حروب أهلية تهدد المنطقة، في لبنان والعراق وفلسطين.

ولا يزال هناك في لبنان بريق أمل بأن تستيقظ كل الأطراف من المعارضة الى الأكثرية لانقاذ الوضع، إذ أن كلا الطرفين مدرك تماماً أن الحرب الأهلية ليست في مصلحة البلد.

فالمقاومة و laquo;حزب اللهraquo; واجها عدواً اسرائيلياً يريد هلاك لبنان وتدميره وإثارة الحرب الأهلية فيه، كما في الأراضي الفلسطينية لتهجير المسيحيين، ويريد سورية ضعيفة على أن تبقى كما هي من دون تغيير.

ألم يقل ذلك مدير مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلي خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان، حيث سأله أحدهم لماذا تتهمون سورية بإرسال السلاح الى لبنان وتدمرون بنيته التحتية، فتحملونه المسؤولية بدلاً عن سورية؟ فرد قائلاً ان بإمكان اسرائيل ضرب سورية بشكل قاس وبسرعة وتغيير الوضع القائم فيها، ولكنه من غير المعروف من سيأتي بعد ذلك.

والواضح ان اسرائيل تتمنى حرباً أهلية جديدة في لبنان، لأنها تظن أنها بهذه الطريقة تتخلص من laquo;حزب اللهraquo;.

والأمر الآخر الواضح هو أن سورية تتخوف من المحكمة الدولية لأنها مدركة لنتائجها عليها، خصوصاً أن رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتز، طلب تمديد مهمته لمدة ستة أشهر اضافية لأنه وجد أدلة وجمع الكثير من المعلومات ويسعى لمعرفة المزيد وإظهار الحقيقة بطريقة علمية ومهنية بعيداً عن التدخلات السياسية.

وعلى جميع الأطراف في لبنان اليوم ان يتحركوا، مثلما تحركوا لتعزية الرئيس أمين الجميل، وأن يعوا مسؤولياتهم أمام شعبهم الذي عانى كثيراً من المآسي والدمار والحرب والأوضاع الاقتصادية السيئة.

فلا يمكن لكل اللبنانيين أن يهاجروا، وأكثرية الشباب والجيل الصاعد سئمت من السياسة والسياسيين وتعاني من أوضاع البلد الخطيرة وتتمنى المغادرة.

ولكن الى أين؟ فأبواب أوروبا مغلقة نتيجة البطالة ومن الصعب على من يفتقر للامكانيات ان يتوجه الى الخارج.

والمؤكد أن ما من طرف لبناني بوسعه ان يلغي الآخر وعلى كل لبناني، يطالب بمستقبل آمن يضمن كرامة البلد وسيادته، أن يوافق على المحكمة الدولية لأنها مطلب شرعي.

و laquo;حزب اللهraquo; والتيار العوني يمثلان شريحة مهمة من الشعب اللبناني وينبغي أن يلعبا دوراً على صعيد القرار السياسي في البلاد. فالعرض الذي قدمه الوزير مروان حماده لرئيس البرلمان نبيه بري لإنقاذ الوضع لم يقبله الأخير، على رغم أنه كان فرصة ذهبية للجميع.

وكان بإمكان الرئيس بري أن يخرج بدور الموفق والمنقذ، مثلما يفعل الرئيس أمين الجميل حالياً. فهو كما الزميل غسان تويني عندما فقد ابنه الشهيد الآخر جبران أدرك أن الخلاص هو في التوفيق بين الأطراف وليس بالانتقام.

والمطلوب بشكل ملح انقاذ البلد من التدخلات الخارجية ومن زعزعة استقراره الداخلي لمصلحة أعدائه.