جوناثان ستيل - الغارديان ويكلي

كان الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد قد دعا نظيريه العراقي والسوري الى حضور قمة ثلاثية ليس لها سابقة في طهران لبحث ازمة التمرد في العراق. وقد استهدف الاجتماع في جزء منه الترويج لدور الرئيس الإيراني كلاعب اقليمي مسؤول بدلاً من صورة المارق العنيف التي عادة ما يرسمها له الغرب. كما ان من شأن انعقاد تلك القمة الثلاثية ان تساعد في تعزيز مكانة الرئيس السوري بشار الأسد الذي ظل يحتفظ بعلاقات بائسة مع الرئيس العراقي جلال الطالباني حتى وقت قريب.

جاء الاعلان عن القمة الثلاثية بعد موافقة بغداد ودمشق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بالكامل بينهما في اعقاب انقطاع دام اربعاً وعشرين سنة. وتم الاتفاق على استئناف العلاقات اثناء زيارة قام بها وزير الخارجية السورية وليد المعلم هي الاولى من نوعها لمسؤول سوري رفيع المستوى منذ الغزو الذي شن بقيادة الولايات المتحدة ضد العراق في عام 2003. وكانت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين العربيين قد قطعت عام 1982 عندما انحازت دمشق الى طهران بعد مهاجمة العراق لايران. وقال المعلم ان امن سورية مرتبط بأمن العراق. وتعهد الوزير السوري بالتعاون في معالجة العنف المتنامي الذي يجتاح العراق قائلاً ان سورية مستعدة للعمل quot;يداً بيد لتحقيق الأمن في ربوع العراق الشقيقquot;. كما وقع الوزير السوري اتفاقاً مع نظيره العراقي هوشيار زيباري يتضمن الموافقة على وجوب بقاء القوات الاميركية في العراق في الوقت الحاضر. وكان في السابق قد دعا الى وضع جدول زمني لسحب القوات الاميركية في العراق والتي يبلغ قوامها 140.000 جندي. واكد ناطق بلسان الحكومة الاقليمية الكردية في اربيل انعقاد القمة الثلاثية. وقال quot;ان الرئيس طالباني سيحضر الاجتماع الذي سيكون اول قمة ثلاثية من نوعهاquot;.

وفي الاثناء، تحتفظ إيران بعلاقات وثيقة مع الحكومة العراقية. وكان حزب الدعوة العراقي الذي ينتمي اليه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق يتخذان من ايران مقراً لهما في المنفى خلال حقبة حكم صدام حسين في العراق. وطالما كرر مسؤولون اميركيون اتهام سورية بالسماح لمتمردين من حزب البعث العراقي السابق ولمتعاطفين مع تنظيم القاعدة باجتياز الحدود الى العراق. وذكر في الغضون ان للبعثيين العراقيين معسكرات تدريب في سورية؛ وهو اتهام تنفيه الأخيرة.

تقول سورية انها لا تستطيع السيطرة على حدودها الطويلة والصحراوية في معظمها مع العراق، لكنها حسنت من أداء دورياتها الامنية استجابة لمطالب اميركية. وقال ناطق عسكري اميركي في بغداد يوم الاثنين الماضي quot;لا نعرف الى اي مدى يقدمون يد المساعدة في هذا الجهد، كما اننا لا نعرف المدى الذي يحاولون فيه اعاقتهquot;. واضاف الناطق، وهو الجنرال وليام كالدويل quot;ولا نزال نرى مقاتلين اجانب، بين سبعين الى مئة شهرياً، يجتازون الحدود السورية الى العراقquot;، وهي ارقام مشابهة لتلك التي كان قد أعلن عنها في السنة الماضية.

واشار الجنرال كالدويل الى ان الجنود الاميركيين والعراقيين قتلوا 425 مقاتلاً اجنبياً هذا العام حتى الان، كما اعتقلوا 670 آخرين. وكانت نسبة 20% منهم سوريين، إضافة إلى نسبة مماثلة من المصريين، وكان معظم الباقين من السودان والمملكة العربية السعودية. وينتقل المقاتلون الى محافظة الانبار، حيث تمنى القوات الاميركية بخسائر ثابتة بالاضافة الى انتقالهم الى مدينة الموصل ومحافظتها حيث تقع غالباً عمليات تفجيرات واغتيالات. وكان المسؤولون العراقيون في الموصل قد دعوا سورية الى لجم المتمردين وابعادهم. وقال خسرو غوران نائب محافظ الموصل quot;اذا ارادت سورية فعلاً إقامة علاقات طيبة مع العراق، ورغبت فتح صفحة جديدة، فانها تستطيع ان تحدث فرقاً كبيراًquot;.

واشار غوران الى حملة كانت سورية قد شنتها قبل سنوات على المجموعة الكردية المتطرفة بي. كيه. كيه، ما افضى في حينه الى اعتقال زعيمها عبد الله اوجلان. وقال quot;لقد منحوا قادة الحزب الكردي اربعا وعشرين ساعة لمغادرة سورية وهو ما فعلوهquot;. واضاف quot;لا استطيع القول ان الارهاب سيهزم، لكنه وتيرته ستنخفض بواقع 50%quot;.

وستكون القمة الثلاثية نقطة رائدة مهمة لاجتماع اوسع للعراق وجيرانه، وهو ما يتوقع من لجنة دراسة العراق المستقلة التي يرأسها وزير الخارجية الاميركية السابق جيمس بيكر ان تقترحه عندما تقدم تقريرها الى الرئيس جورج بوش قريبا.

أما في داخل الادارة الاميركية، فان ديك تشيني نائب الرئيس يعارض كما ذكر على نطاق واسع اي تفاهم مع ايران، ولا يزال يضغط من اجل اتخاذ اجراء عسكري من جانب أميركا اذا ما مضت طهران قدما في رفضها التخلي عن طموحاتها النووية. وكان تشيني عموما قد أصبح شخصية اكثر عزلة منذ استبدال حليفه الرئيسي في الادارة وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد بمدير وكالة الاستخبارات الاميركية السابق روبرت غيتس في وقت سابق من هذا الشهر. ويؤيد غيتس اجراء مباحثات مع ايران على عكس تشيني ورامسفيلد.

وطبقا لمجلة نيويوركر، فان موقف السيد تشيني قد ضعف اكثر فاكثر بسبب تحليل لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية كان قد القى ظلالا من الشك على افتراضات للبيت الابيض حول المدة التي ستستغرقها ايران لتصنيع قنبلة نووية. وكانت اجهزة استشعار وضعها عملاء اميركيون واسرائيليون بالقرب من مواقع ايرانية اشتبهوا بانها نووية قد فشلت في تعقب أي نشاط إشعاعي ذي مغزى كما قال تقرير المجلة الاميركية، والذي اشار الى وجود دليل دامغ آخر ضئيل على ان ثمة برنامج اسلحة نووية يجري اعداده.

ومن المرجح ان يعمد البنتاغون الى التوصية باجراء زيادة مؤقتة في مستويات تواجد القوات في العراق، وان يتبع هذه الخطوة بخفض تدريجي تاركا قوة قوامها 60.000 رجل تكون مهمتها التركيز على تدريب الجنود العراقيين، استنادا الى تقرير في صحيفة الواشنطن بوست.