أحمد الربعي


ما الذي تريد قوى المعارضة اللبنانية أن تفعله بالبلاد وبالعباد. وما الذي سيصل إليه تحالف حزب الله ـ عون بعد إعلان العصيان ودعوة اللبنانيين للتمرد على حكومتهم.

أكبر طموح يمكن أن يصل إليه تحالف المعارضة هو إسقاط حكومة السنيورة، ولكن السؤال الذي لا تريد قوى المعارضة أن تطرحه على نفسها هو: وماذا بعد؟ لو سقطت حكومة السنيورة فهل ستشكل الأقلية المعارضة حكومة لبنانية؟ وما الذي سيحدث لو قررت الأغلبية البرلمانية مقاطعتها؟ وأي نفق سياسي مظلم سيدخل فيه لبنان؟ ومن المستفيد من حالة الشلل، والأزمة السياسية والاقتصادية التي سيعيشها لبنان بعد ذلك؟

هل غابت الحكمة في لبنان؟ هل تغلبت المصالح الحزبية الضيقة والصغيرة على مصالح الأمة الواسعة؟ وهل نجحت بعض القوى الإقليمية المتأزمة في نقل أزمتها الى لبنان واستخدام هذا البلد الصغير المسالم كورقة للمساومات السياسية بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعه اللبنانيون.

كل الذين يحبون لبنان يحزنون على الحالة التي وصل إليها. فالقادة السياسيون يدخلون البلاد في أزمات وكوارث وحروب يدفع اللبناني البسيط ثمنها ويتم الخلط بين العداء للحكومة والعداء للدولة والمجتمع.

هناك حق مشروع لاستخدام كل الوسائل في بلد ديمقراطي لإسقاط الحكومة، وهناك آليات ديمقراطية لا يمكن الاعتراض عليها، ولكن اللجوء الى الشارع واستخدام هذا الشارع لتصفية الحسابات السياسية هو مشروع عدمي لن يصل فيه لبنان الى بر الأمان. فحرب الشارع ضد الشارع والطائفة ضد الطائفة هي حرب سيدفع الجميع ثمنها. والغريب أن اللبنانيين هم آخر من يفترض أن يوجه لهم هذا الكلام، فلقد مروا بحرب أهلية أكلت الأخضر واليابس ودفع اللبنانيون ثمنها من دماء الشباب والتضحية بالاستقرار ودخول البلاد في أزمة اقتصادية طاحنة، وكان يفترض أن يتعلموا من تلك التجربة المريرة، وأن يتم تحصينهم ضد الكراهية والاقتتال والحروب.

الحالة اللبنانية نموذج لغياب العقل وغياب الحكمة والمسؤولية. واللبناني البسيط الضحية المباشرة لسياسيين لا يرون أبعد من مصالحهم الشخصية والحزبية.