ثوابت بكركي سبقتها مشاورات موسعة تحت شعارrsquo;rsquo; لبننة الحلrsquo;rsquo;


جورج علم


لا تزال بيروت على موعد مع مسؤول تركي رفيع قد يكون وزير الخارجية عبد الله غول، إذا ما تخلف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان عن زيارتها بسبب مشاغله وارتباطاته. وسواء حصل مثل هذا التحرّك، أم لا، فإن الاتصالات مستمرة، وما تبلغه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يجعله مطمئناً الى الدعم التركي الذي تحظى به حكومته، وإن كانت أنقرة lt;تتمايز بخصوصيتهاgt; عن المحور السعودي المصري الاردني الخليجي، رغم التطابق في الكثير من الافكار والطروحات والتطلعات تجاه الوضع المعقّد في لبنان.

وما تبلغته بيروت ان الازمة كانت بنداً أساسيّا على جدول محادثات رئيس الوزراء التركي في كلّ من طهران ودمشق، وان تركيا التي استقبلت في الماضي القريب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بحفاوة بالغة، تطمح الى تنقية الاجواء بين الثنائي المصري السعودي، والثنائي السوري الايراني للتخفيف من حدّة التوتر في كل من العراق وفلسطين، والحؤول دون انهيار الوضع في لبنان نحو الهاوية lt;التي لا عودة منهاgt;، وقد ترك رئيس الوزراء التركي وديعة في دمشق هي كناية عن سلّة من الافكار التي قد تفضي في حال تمّ الاخذ بها الى ترميم جسور الثقة بين كل من الرياض والقاهرة مع العاصمة السورية، وإعادة الفعالية الى هذه lt;الترويكاgt; العربيّة لكي يكون لها الوزن والدور والحضور الفاعل في المتغيرات التي تشهدها المنطقة، والخيارات الجديدة التي قد تطرح، دون أن يشكل ذلك خللا في بعض التحالفات القائمة مع طهران.

وشدد أردوغان في كل من العاصمتين الايرانية والسورية على المسلمات التي تتردد هذه الايام في أكثر من عاصمة إقليمية ودولية لجهة الحرص على lt;القرار السياسي الحر في لبنان والمتحرر من أي ارتهان خارجيgt;، بالاضافة الى التأكيد على lt;استقلاله وسيادته واستقراره وسلمه الاهليgt;.
وبانتظار أن يكشف طالع الايام مدى النجاح الذي حققته محادثات أرودغان في كل من ايران وسوريا، فإن المعلومات المتداولة في بيروت تشير الى أن عودة الفعاليات الى طاولة الحوار، مرتبطة بمدى النجاح الذي يمكن أن تحرزه المحاولات الرامية الى إعادة وصل أسلاك الحوار بين العديد من عواصم الدول الكبرى الفاعلة والمؤثرة في المنطقة، والمسألة في النهاية لا تتعلق بالتحديات التي تحاصر حاضر لبنان ومستقبله بقدر ما تتعلق بتلك التي تحاصر المنطقة ومستقبلها في ضوء المستجدات التي طرأت بعد الانتخابات النصفية الاميركيّة، وفوز الديموقراطيين في مجلسي النواب والكونغرس، وما أفضى اليه تقرير لجنة بيكر هاملتون من توصيات مفصليّة.

ويعول بعض الوزراء أهمية على الدور التركي المتقدم في الشرق الاوسط انطلاقا من لبنان بعدما انخرطت أنقرة في آلية العمل المتبعة لتنفيذ القرارات الصادرة عن مجلس الامن، ومشاركتها في قوات (اليونيفيل) المعززة، مع الحرص على استمرار تفعيل الاتفاقيات المبرمة مع تل أبيب، وقد تمكنت حتى الآن من تثبيت أكثر من قاعدة صلبة لبناء أكثر من جسر تواصل مع دول المنطقة مستندة الى موقعها القوي في الحلف الاطلسي، وطموحاتها المشروعة ناحية الاتحاد الاوروبي، وموقعها المرجح في منظومة الدول الاسلاميّة، إلا أن التعويل على إيجابيات عملانية وشيكة يمكن أن يستفيد منها لبنان للخروج من الحلقة الجهنمية فيه الكثير من التنظير والمغالاة، لأن الظروف الاقليمية الدولية لا تزال ضاغطة، ولم تنضج بعد طبخة الصفقات والتسويات، والدليل أن العديد من السفراء الذين يتحركون محليّا رافعين شعارات الحوار، وملحاحين في الدعوة للعودة الى طاولة التشاور قد جوبهوا في الآونة الاخيرة من قبل فريق الاكثرية أو فريق المعارضة بسؤال مفصلي: lt;في أي مصرف يمكن تصريف هذه الشيكات؟ وماذا قدمت دولكم من رصيد على المستويين الاقليمي والدولي لتوفير مستلزمات النجاح للحوار اللبناني اللبناني غير الكلام والتصريحات والنصح، في وقت يعرف فيه الجميع أن التأزيم المتفاقم محليّا إنما هو جزء من الارتدادات القوية الناجمة عن التأزيم المحتدم على الساحة الاقليمية من إيران وصولا الى فلسطين، وان بعض الخارج يحرص ويصر على تحويل لبنان ساحة لتصفية الحسابات؟!gt;.

ويبدو أن مهندس الحوار الرئيس نبيه بريّ كان الاكثر حرصاً خلال استقبالاته الدبلوماسيّة في الآونة الاخيرة على رصد جواب مقنع lt;يمكن البناء عليهgt;، خصوصا بعدما بادرت بعض العواصم العربية lt;التي لها دالة خاصة على لبنانgt; على دعم حكومة الرئيس السنيورة رداً على الحركة الاحتجاجية التي قادتها المعارضة في الشارع، وكان صريحا في مكاشفته lt;هل أنتم مع الحل في لبنان، أم مع دفع الامور نحو الهاوية؟ وهل بهذه المواقف تدعمون فرص الحوار، أم تحرضون فريقا على الفريق الآخر، وتدعمون وجهة نظر فريق على حساب وجهة نظر الفريق الآخر؟!gt;. ويقال ان هذه الصدمة قد فعلت فعلها، ونشط السفراء المعنيون على خطين، الاول: صدور بيانات رسمية عن مجالس وزراء بعض الدول، وتصريحات رسمية توضيحية ومتوازنة عن دول أخرى تؤكد على الوقوف على مسافة واحدة من الجميع. والثاني: السعي الى lt;لبننة الحلgt; من خلال التأكيد المتكرر، والتشديد المستمر على الشعار القائل lt;بأن على الاقطاب إثبات وطنيتهم من خلال الإقدام على تنازلات متبادلة للوصول الى تفاهمات مشتركة حول سلة المطالب المتداولةgt;، وان الثوابت التي خرجت بها بكركي قد سبقتها ورشة لقاءات واتصالات بقيت بعيدة عن الاضواء، وشملت الى جانب الذين شملتهم من مرجعيات وفعاليات، هذا الرهط من الدبلوماسيين الذين قدموا الدعم والمؤازرة سلفاً، وعلى قاعدة ان بكركي يجب أن تتدخل وتوظف رصيدها قبل فوات الاوان، خصوصا أن ما طرحته يشكل خارطة طريق لا يمكن لأي كان سواء في الداخل أو الخارج التنكر لها، سواء أكان متحمساً متطوعاً للمساهمة في وضعها موضع التنفيذ، أم متحفظا مترددا لاعتبارات قد تقتضيها قواعد التوازنات الاقليمية الدولية المحتدمة في المنطقة.

وبانتظار أن تكتمل دورة ردود الفعل المحلية الخارجية على هذه الثوابت، يبقى السؤال: هل سينتصر من خلالها خيار لبننة الحل، أم ستسحقها رياح التجاذبات الخارجية العاصفة باتجاه لبنان؟!