افتتاحية النيويورك تايمز


يعتبر قرار جون بولتون الاستقالة من منصبه كمبعوث أميركا لدى الأمم المتحدة خطوة حكيمة. فقد تجنب بذلك صراعاً ممزقاً ومشتتاً للذهن في وقت يحتاج فيه الكونغرس والإدارة الأميركية إلى التفرغ لبحث أمور أكثر أهمية. كما أنه زود الرئيس بوش بفرصة ليعرض نوع القيادة اللازمة لتنسيق توجهات الحزبين، والتي يتحدث عنها كثيراً ويمارسها نادراً.

كانت هذه الصفحة قد عارضت من قبل ترشيح السيد بولتون منذ بداية الأمر، واحتجت بأن أي سفير إلى الأمم المتحدة ينبغي أن يكون شخصاً يعتقد بأن تلك المنظمة تستحق الوجود. وقد كان السيد بولتون على الدوام عدائياً تجاه الأمم المتحدة، ولكامل ذلك النوع من روح الدبلوماسية الساعية إلى الإجماع، والتي تجسدها تلك المنظمة. وعندما أبقى الديمقراطيون والجمهوريون المعتدلون على ترشيحه معلقاً في مجلس الشيوخ، أصر السيد بوش بشكل خاص على فرض طريقته عن طريق منح السيد بولتون تعييناً مؤقتاً عندما كان الكونغرس في حالة انفضاض.

ولكن التعيين المؤقت كان على وشك فقدان صلاحيته، وكان يمكن للمعركة أن تبدأ من جديد عندما وصل الكونغرس الجديد. وقد تداعت المحاولات لدفع مجلس الشيوخ الأشبه بالبطة العرجاء إلى المصادقة على تعيين السيد بولتون عندما رفض السناتور لينكولن تشافي عن رود آيلند دعم الترشيح في لجنة العلاقات الخارجية، تاركاً قدر السيد بولتون معلقاً على صوت مرجح.

يعتبر السيد تشافي المثل الأعلى للجمهوري المعتدي، والذي حظي بشعبية ناخبيه، والذي فقد مع ذلك مقعده بسبب أحادية السيد بوش الصارمة وإصراره على تمرير نهجه فيما يخص العراق. وترك البيت الأبيض مع خيار التفكير في خطط للإبقاء على السيد بولتون على رأس عمله بدون مصادقة مجلس الشيوخ، كأن يجعله نائباً للسفير مع ترك المنصب الأعلى شاغراً.

إن الأمم المتحدة لا تحتاج إلى دليل آخر عن مدى الصغر الذي تعاملها على أساسه إدارة بوش. ولا تحتاج إدارة بوش بدورها إلى توجيه إهانة إلى العالم يتجلى فيها بوضوح متصاعد كم المساعدة الذي تحتاجه الولايات المتحدة من أجل إحلال الاستقرار في أفغانستان وإخراج نفسها من ورطة العراق والحد من الشهية النووية لكل من كوريا الشمالية وإيران. ويعطي سحب بولتون للرئيس فرصة لتحسين علاقاته مع كل من الأمم المتحدة والكونغرس. وهناك العديد من الجهوريين ذوي الخبرة في الشؤون الدولية ممن يمكن أن يحظوا بدعم قوي في مجلس الشيوخ، وعلى نحو يرسل رسالة إلى العالم تفيد بأن السيد بوش بات يفهم أن الأمم الولايات المتحدة ليست الأمة الوحيدة على الكوكب، والتي يحدث رأيها كل الفرق.