أحمد منصور


سماحة القائد حسن نصر الله

ان التصحر العربي ـ الذي مر عليه أكثر من ثلث قرن بعد استشهاد خالد الأمة العربية وقائدها جمال عبد الناصر ـ جعل الناس تعيش بلا بوصلة رغم الكثيرين الذين حاولوا تقليده فانمسخوا دون أن يدروا وانمسحوا متحسرين من وجه البسيطة.
ان عبد الناصر كان في منتهي الجدارة كأستاذ في كلية الأركان الحربية وكقائد علي مسرح العمليات في فلسطين. الا أن سطوعه كزعيم علي مستوي مصر والعرب، ورغم عدم افتقاده البوصلة كان الحريق الجميل الذي التهم طاقته المتوقدة التي انطفأت في شبابه السياسي (اذ لم يتجاوز الثالثة والخمسين).
في شباط (فبراير) عام 1958 عيد الوحدة الأول بين سورية ومصر طارت الجماهير تلقائيا من داخل سورية وخارجها سائرة علي أقدامها وسياراتها قبل ثلاثة أيام من هلول المهدي المنتظر مفترشة بآلافها المؤلفة أرصفة الفيحاء وساحاتها الحجرية وسواها من المدن. وحينما هبط عبد الناصر من الطائرة باتجاه المرسيدس رفعته الجماهيـر سفينة فضائية علي الأكف والرؤي مما حدا بأحد مرافقيه ـ كما زعم ـ الي مخاطبته قائلا: ولكن لا تنس أنك انسان .
في السنة الثانية انكفأت الأنهار البشرية التي تسيرها روحها واستبدلتها المخابرات بالطلاب الذين أقفلت مدارسهم وجامعاتهم والعمال الذين عطلت مصانعهم والفضوليون والانتهازيون من كل حدب وصوب. وشتان ما كان بين عام وعام.
هذه الجماهير التي رفعت عبد الناصر الي السحاب هي التي ـ فيما بعد ـ رمته الي التراب، لأن العلاقة بينها وبينه كانت هوائية... خذلها فخذلته وأسكرها فأسكرته وأعياها فأعيته.
وما كان أوكسجينه الأخير في مرضه وعجزه بل أفيونه (بناء علي نصيحة مخابراته) الا في التوجه اليها والتماهي الصوري معها خلال ثلاث ساعات من فصل لآخر.

سماحة السيد:

كلما صعدت الي المنبر كلما تصاعد خوفي عليك. وكلما تألقت في الصعود، كلما ازداد خوفي عليك أكثر فأكثر، فأكبر مقتل للسياسي والكاتب والفنان هو ورود التكرار، ومـن منا يستطيع تجديد الهامه وتنويعه الي ما لا نهاية أمام الجماهير التي لا ترحم، والتي قلما تسمع الا ما تريد.
قبل أن تبدأ خطابك الأخير بدأت الأرض تمطر رصاصا علي السماء العاجزة عن ردها عشر دقائق علي الأقل واستمر الوضع بعد انتهاء الخطاب بشكل أقوي وأطول رغم محاولتك الملحـة اثناءهم عن ذلك ورغم تذكيرك لهم بأن المكان الوحيد للرصاص هو صدر أعداء لبنان: العدو الاسرائيلي، وان من يطلق الرصاص مدسوس يريد الاساءة اليك والي المعارضة الوطنية ولكن دق المي مـي . انه لشيء محزن ومؤلم أن لا تسمع كلمتك بعد ندائك الحضاري المؤثر.
مناسبة أخري نذكرها جميعا اثر بسمات وطن المعروفة حيث انسد طريق المطار وسارت السيول البشرية نحو الأشرفية فطلعت عليهم بعبقريتك المعهودة مدويا: أنا المسؤول ولكني لم أطلب منهم ذلك . فانوأدت الفتنة بقدرة قادر. كنت أتمني استخدامك أسلوبا مشابها في الرمل العالي لقطع الطريق علي الصيادين في المياه العكرة.
ومـن منا ينسي أمك لمليون من البشر في ساحة رياض الصلح في اليوم الذي أطلقت عليه يوم الشكر والوفاء لتوديع الجيش السوري بعد ثلاثين عاما من حضوره في لبنان والذي لم يكن يرغب ببقائه الكثيرون. ان ذلك اليوم بالذات كان مفصلا تاريخيا في حياتك السياسية واستبعادا عبقريا لمصادمات وغارات محتملة علي ذلك الجيش لتصفية حسابات الكثيرين من اللبنانيين مع النظام الذي أرسله. لقد ودعت جيشا منسحبا تحت تهديد القوة القاهرة.. فكأنه كان عائدا من انتصار كبير.. انه لعمري اعجاز الاعجاز...
ومن منا لا يذكر النصر والتحرير عام 2000 حيث كنت رجل الدولة الأول بامتياز. فما صفيت آلاف العملاء كما فعلت فرنسا الديغولية بعد تحريرها من ألمانيا عام 1945 وتركت الأمر للقانون كي يأخذ مجراه.
ان تاريخك كرسك في المقدمة دون أي منازع. فغدا خطابك موعدا مع أسماع وأنظار الآلاف بل مع مئات الآلاف علي صعيد الوطن والجوار والأمة شئت أم لم تشأ وشئنا أم لم نشأ.. وما اعتلاؤك مناكب المصريين خارج الأزهر وداخله وعلي جدرانه سوي شاهد عيان واختراق لقائد لبناني عربي شيعي لم يسبقه ـ حسب علمي ـ أحد الي التبختر في شرايين قلب أم الدنيـا.

سماحة الأمين العام:

صديقـك من صدقـك وهل يقوم الصدق علي غير المصارحة والمكاشفة؟ اذن اسمح لنفسي بتذكيرك بأحد تصريحاتك بأنك لو كنت علمت بأن أسر الأسيرين الاسرائيليين كان سيستلزم قيام الحرب الأخيرة لما كنت أمرت بذلك. وأضفت بأن قيادتك العسكرية بأعضائها الخمسة عشر لم يتوقع منها أحد أو يفترض حصول ذلك.. علما أن أية قيادة عسكرية متزنة تضع نفسها مكان العدو قبل المعركة. ورغم أملها الواعد بالانتصار، فانها توفر انسحابا لجيشها في حالة الهزيمة استعدادا للثأر في معركة قادمة. بالطبع أنت المسؤول عن النتائج. لكن أليسوا مسؤولين عن توصيلك الي هذه النتائج؟ أقول ذلك لأن الأقدار شاءتك القائد الميداني في المواجهة أو الواجهة. فمصير البلد مرهون بقيادتك. وما مشاركة اللبنانيين عموما لك في الحرب الأخيرة (رغم تحفظ القياديين الذين لم تستشرهم) سوي اعتراف بارز بدورك وأهميته سيما أثناء تدمير البلد واشعاله.

السيد الأمين العام:

عندما تخطب في مئات الآلاف يتبادر لذهني وكأنك تتصور أنك أمام خلائق منسوخة من حسن نصر الله. وهنا اسمح لي بعدم موافقتك اذا ما تصورت أنهم سيكونون في غاية الانضباط والطاعة والعبادة كأسنان المشط لمجرد وجودهـم أمامك، فهم أحب الناس وأنزههم وأشرفهم وأخيرهم وأطيبهم علي الأرض. وهل نحن الآخرين غير الحاضرين من أقوام وأقاليم وأشكال والوان لا مكان لها في ساحة الطهارة والاستجابة؟
فهل مـن ارتكب أكبر الخطايا وأخطر الجرائم يغسله مجرد حضوره بين يديك فيغدو الأبرأ والأجمل والأنزه. ونحن الآخرين نحرم من كل هذا لسبب واحد لأننا غير ناظرين ومباركيـن...
ان النصر دون شك، كالكرم يغطي ألف تقصير وقصر نظر وحتي دماء المستشهدين بالمئات والآلاف، فكيف بالأمر عندما نغدق عليه صفة الألوهية أمام جماهير متعطشة لنفض غبار الذل والاستكانة اللذين أرادهما لها الاستعمار والاجتياحات المتعاقبة من جماعات مجاورة؟

السيد الأمين العام:

كسيد أنت فيه روح الامامة وبوصلة عصمتها وفقه المجاز السياسي حيث السلاح يغدو مرادفا للعرض والانتصار وعدا الهيا تحقيقه آت لا ريب فيه.. فماذا لو كانت أحد من نوع جديد (في ساحة الحرب كل شيء ممكن) فكيف يكون موقف وعدك الدائم بالانتصار اذا ما اعترضته الهزيمة؟ وكيف سيكون وقع ذلك علي مشايعيك؟

سماحة السيد:

انك تجسد قيادة دينية زمنية متميزة تعيدنا الي مجرة السلف الصالح أيام العصر الراشدي وهذا مما يزيد في توجه العيون تجاهك أكثر فأكثر. اذ أن تكذيب قيادة الجيش لما قلته في اليوم التالي لخطابك وضعنا جميعا أمام حرج، أنت ومن حولك ونحن في غني عنه. فاذا لم تكن أنت المسؤول فمن يكون المسؤول؟ ونحن لا نريد أن تكون المسؤول لاننا ضنينون بتميزك وتفردك في بلد ما عرف في السياسة سوي المناورة والكمائن واللعب بالمصائر بشكل عام. وكل من كان من غير هذه الطينة كأنطون سعاده وكمال جنبلاط وفرج الله الحلو... فان التصفية كانت بانتظاره لاجتيازه الخط الأحمر .
ليتها ظروفك الأمنية ـ سماحة الأمين ـ تسمح لك بالدروشة علي طريقة المسلمين الحاكمين الصالحين كي تمس بيدك وعينك الواقع الملموس كما مسسته عرضا بالاثنين شاي كما أوردتها في مداخلتك الأخيرة. انك تدرك ـ بطبيعة الحال ـ بأن الكثيرين من محازبيك ومحالفيك يشايعونك بألسنتهم. أما قلوبهم وسيوفهم فمن الصعب أن تعرف أين ستكون في الأيام الحاسمة لأن الكثيرين منهم أصحاب أدوار افتقدوها ويريدون العودة اليها، وأصحاب أدوار منشودة لا يخسرون شيئا في نشدانها، ولا ينقصهم الا الفرص والوسائل للوصول الميمون.
لقد كنت في منتهي السعادة عندما تمعنت في حفلات الجنون وتوصلت الي عين الصواب والعقل بقولك: أن لا أحد يستطيع الغاء أحد في لبنان . اني ألفت انتباهـك بأن حفلات الجنون ممكن أن تشهدها في كل مكان بلبنان، وانك في الموقع الأعلي لتتأكد بأن قوة السلاح الحقيقية تكمن في عدم استخدام السلاح، فبمجرد استخدامك له في الداخل اللبناني البيزنطـي فانك ستصبح أسيره وستنقلب الأدوار وينطرب العدو. حتي ولو انتصرت علي الجميع في مـد خاطف فان انتصارك سيكون سبب هزيمتك علي المدي الطويل. فأنت في أرض فيها الجاه والأنانية والنفاق هم سادة الساحة ولو تغيرت الألبسة وتبدلت الكلمات، فالايمان ما دخل الألباب كما دخل الجياب. ولا داعي للتذكير بمحترفي السياسة في لبنان الذين اعترف لهم الأقربون بشكل خاص. فالتحالفات تأخذ طابعا أحيانا سرياليا لا تصدقه العيون ولا العقول، فخصم اليوم حليف الغد وحليف الغد خصم الغد الذي يليه. فالثبات في لبنان للمصلحة فقط، وكل شيء برسم النقض والتحول، فالمبدأ يبدأ بالمصلحة وينتهي بالمصلحة والمصلحة فقط ولا دوام الا للمصلحة.

سيدي الأمين العام:

انني كمصنوع من لغة وكصانع فيها، أدرك معني الكلمات وأبعادها، وأفهم أن مشيئة الأمة هي الأقوي وهي الأولي شاء أم لم يشـأ اللبنانيون وهذا ما يراه الأعمـي في علم حزبكم الرائع الذي يلفت الانتباه لمعالمه المركزة المعبرة التي تقول: ألا ان حزب الله هم الغالبون وفي سطر مواز في العمق نقرأ: المقاومة الاسلامية في لبنان .
علي الصعيد النظري المضمون ساطع كالشمس في عز الظهيرة. ولكن ينبغي طرح السؤال: هل يستطيع هذا البلد الصغير المفصل (بحد السيف وأنهار الدم) لثمانية عشر شعبا ومذهبا بمجاراتك دون توقف في هذه الملحمة غير العادية التي بدأت تجاور الربع قرن والتي حققت فيها انجازين عظيمين بل أسطوريين: انجاز التحرير وانجاز النصر الأخير.
لقد قررت أن أحضر الحرب الأخيرة وتنقلت من منطقة الي أخري ولم أشهد مرة بنظافة مال في حياتي الا أثناء هذه الحرب عندما كنت أري كيف كانت الجباه تسقطه في الأيدي عندما تفتح به الأبواب الموصدة (في بلد شعبه شعب الليرة حسب تعبير أحد المهاجرين الذي عاد ليموت في الوطن علي فراش آلامه وحسراته) وذلك في الجبل بعز دين الاصطياف. فعرف الجبل صنفين متناوبين في صيف واحد صيف الخليجييـن المبارحيـن وصيف المواطنين النازحين من تحت القصف الاسرائيلي. فاكتشف أهل جبل لبنان أهل جبل عامل واقتنعـوا أنهم بشـر مثلهم . وهذا مما كان من ايجابيات تلك الحرب علي صعيد النسيج الوطني المفقود.

السيد القائـد:

لقد انتزعت انتصارا لا مثيل له علي صعيد الداخل فرغم عدم رضا الكثيرين من أخصامك علي الحرب كأمر واقع، فانهم فتحوا أبواب مناطقهم لأنصارك (رغم الكثير من السلبيات التي حصلت)، انها المرة الأولي التي يجيد فيها زعيم مثلك تحييـد منافسيه وخصومه تحييدا ايجابيا طيلة أيام الحرب التي لم تكن قصيرة.
سألت حفيدتي (وهي في الرابعة عشرة ابان مداخلتك أثناء الحرب) كيف ترين هذا الرجل؟
أجابت علي الفور: انه كالمغناطيس يشرقني وينسيني العالم. أما أخي الأكبر مني سنا فتسمرت عيناه علي شفتيك وأنت تقول: أنظروا في هذه اللحظة كيف تغرق بجنودها البارجة الاسرائيلية التي أصبناها... لكأنك عبد الناصر في لحظة تأميمه قناة السويس. لقد أعدته الي شبابه وكأنه أصبح في لمحة تحت تصرفك بكل ما يملك ولكن عندما انتهـي الخطاب عادت المصالح الي أهلها فشعر وكأنك سبب تشتيت عائلته التي أمضـي سنواته السبعين من أجل بنائها، فرمد مكانه أمام الآفاق الدخانية التي لفت البلـد والبلاد وتشنطط أولاده في أكثر من قارة وبلد.
أما الطرفة الأخيرة فكنت في أحد المطاعم فسمح لي صاحبه بمواكبتك في احدي خطبك (رغم الحرج المحيط) وسألني الرجل عندما أنهيت خطابك: ما رأيك يا أستاذ؟ أجبت: هيدا رجـال بيفهم وعارف لوين رايـح قاطعني قائلا: لأنو بيفهم راح يوجعلنا راسنا .

سماحة القائد:

عندما كنت تواجه وحدك العدو في الجنوب كان الجميع معك... أما عندما توجهت الي بيروت و عسكرت بـ 1020 خيمة في وعر ساحتيها فأصبح الكثيرون يخشونك بل تأهبـوا لمواجهتك.. اني أخاف أن تكون قد انزلقت الي الوحل اللبناني بعد أن ضيقوا عليك الجنوب والشرق وأن يغـدو ربع القرن الملحمي الذي كنت لواءه معرضا للانتحار وتحت رحمة أزيز رصاصة واحدة.
المعارضة، سيدي القائد، في عالم السياسة برنامج سياسي لا عورضة ولا اجتياحا عسكريا أو شعبيا لسراي. انك الوحيد في لبنان الذي يستطيع أن يقول: لا لأي رئيس في البلد الشقيق اذا ما انوجـد عمران بلده في هذه اللا. وانك السيد الأوحـد أمام السيد الامام الخامئني الذي يعرف كيف تمارس الشوري ويكون الحوار.
انك ـ يا سماحة الأمين العام ـ أكبر رأسمال وطني قيادي أنتجته ديمقرطية لبنان العرجاء وعلي هذا الرأسمال الفريد أن يجيـر نفسه بالدرجة الأولي الي وطنه الذي تتحفز لالتهامه أنياب الأعاصير المتربصة.
لقد حاصرت أحد المقربين منك سائلا أن يختصرك بكلمة: فأجاب: التواضع . وأضفت هل هو تلقائي فأضاف: انه متجسـد في خطابه . وهذا ما ذكـرني ـ يا سماحة السيد ـ بأستاذك وأستاذنا الكبير سماحة الامام موسي الصدر عندما سمعته في مداخلة عن لبنان بباريس عام 1975 بالبيت اللبناني أما المئات من الجامعيين وطلاب الدكتوراه. بعدما انتهت كلمته نطقت هيبـته المشرقة علي قامته الفارهة سائلة: هل من أسئلة يا شباب؟ وماذا تريدون من لبنان؟ الصمت المطلق ساد الساحة.. دقائق تخنق دقائق.. وقفت مفتتحا النقاش، فأجابني سماحته علي ما سألت فلم أكن راضيا كل الرضا عن الاجابة فاستأنف معقبا: لا أستطيع أن أسر لك كل ما أفعل في العلن فقلت لـه بدوري: سماحة الامام: ان ذكاءك وفصاحتك قد ظلما الجميع والمطلوب هو التدارس لا ظلم الذكاء فردد مبتسما التدارس.. التدارس ..أجل التدارس.

سماحة القائد:

انك تعرف ايصال أفكارك للناس بأبسط ما أمكن من الكلمات الدافئة واطلالتك الدينيـة تسبغ عليها نوعا من المصداقية القدسيـة. فالسيد قال والسيد أشار، والسيد دائما علي حق، وكلنا فـداء السيد... ولكننا نحن زملاؤك في العربية مليحة اللغات وأم أجمل كتاب عرفته البشرية نفهم معني الكلمات وأبعادها كما ندرك مرامي الجمـل والقراءة بين السطور، فعندما تنادي ليل ـ نهار بحكومـة وحدة وطنية في نقيضيـن لا يلتقيـان الا علي الخشب، وحدة (لأصدقاء سورية وايران) و(لأصدقاء أمريكا، فرنسا واسرائيل)، فبذلك يجتمع الصيف والشتاء علي السطح الواحد وتتوحـد الفصول أو علي الأقل يمنع صيفها من سيطرة شتائها والعكس بالعكس.. كما أنك لا تتورع عن اتهام الحكومة الحاكمة باللاشرعيـة وبحكومة فيلتمان ورايس واسرائيـل..
اذا كنت تبغي تجميد البلد وتجاهل تركيبته الاقتصادية كليا وتعطيله من خلال اسطوانة الثلث المعطـل المطلوب في هذه الحكومـة الهجينيـة المنشودة لتوقف الغرب عند حده علي شاطئنا فيبدأ العد العكسي لتعرب أو تؤسلم المتوسط فذلك مسألة فيها نظر ولا تحسم لا في شهر ولا حتي في عقد أو قرن.. المسألة أعقد مما يتصوره جبابرة العباقرة وهذا كان حلم جيلنا ومقتله.. الحلم شيء وتحقيقـه شيء آخر.. فتشييد عمارة يتوقف علي تصخير أساسها وعلي مدي قدرتها علي الحمل، انه كتشييد الأمم.
لقد حققت معجزتين في ألفين من الكيلومترات المربعة بست سنوات مؤيدا من ثلاثمائة ألف انسان نيابة عن ثلاثمائة مليون من البشر.. انه المجد في الواقع وبالنسبة لك. وانك غدوت ناصر آخر بلا مصر وبلا الدول العربية و مانعتها من الجمع فتعلقت صورك علي الأحداق والأعتاب والآفاق.

سماحة الأمين العام في حزب الله:

في الماضي كنت أسير وراءك وجدانيا وفكريا دون أن أسأل الي أين؟ أما ألآن فاني لن أخطو أية خطوة الا اذا أجبتني لماذا؟
لأني لم أعد أدري اذا كنت سأسير علي الأرض أم علي صراط من المهاوي...

السيد الأمين العام:

الناس ملت الحرب. الناس تعبت. الناس تردد: بدنا نعيش. البلد يتصحر من شبابه. الجميع أعطوك أكثر من طاقاتهم.. الفتنة لها الف رأس وقرن تطل بكل زاوية وشرفة. فكما أن الأسد لا يستطيع الاستواء علي ظهر صرصار فان لبنان لا يستطيع ان يحمل علي ظهره الأمة العربية الاسلامية التي تستلزم استواء العالم القديم. كما أن قانون البناء في أي بلد لا يسمح بأي تغيير في طبيعة البناء ان لم يوافق عليه جميع الملاك بدون استثناء.
لقد كان هاما سيدي الأمين العام ـ أن تقوم باعتصام عريض طويل ولكن الأهم أن تعرف كيف تنهي هذا الاعتصام.

سيدنا الأمين:

الأندلس ضاعت للأبد والقدس كادت.. والعراق في طريق الضياع.. ولبنان ليس بعيدا عن العراق الا اذا كان من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله الترياق.
الكلام ناصع نصوع براءة الأطفال وثلج حرمون تحت أشعة شمس آب (اغسطس) والله شهيد،