علي سعد الموسى


والعنوان، آنف الذكر بعاليه، هو عنوان ندوة أقيمت بعاصمة عربية إسلامية من العيار الثقيل وروجت لها بالدعاية والنقل المباشر والإعادة أكثر من مرة، قناة فضائية عربية أيضاً من ذات الوزن. وخلال الندوة، تبارى المتحاورون واستخدموا كل لغة القاموس فيما تجاهلوا تماماً تماماً تماماً الآية الكريمةquot; فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحجquot;. هم يعرفون أن هذه الآية الكريمة ستبطل بالكامل لا عنوان الندوة فحسب، بل كامل المشروع الذي يخططون له فلا أعلم حتى اللحظة كيف يكون للحج بعد سياسي أو عقائدي فيما الوحي الإلهي يأمر بلا مواربة أو احتمالات للتفسير بعدم الجدل. كيف يمكن أن نخوض مشروعاً سياسياً أو عقائدياً فيما السياسة جدل يقابل جدلاً.

من المحزن جداً أن يبتذل بعض المحسوبين على الفقه والتفسير، وهم بالفعل كانوا هكذا، أقول من المحزن جداً أن يبتذلوا نصاً صريحاً بالتجاهل وهنا جانب بسيط من القصة. الجانب الكبير فيها أن هؤلاء، بافتراض حسن النية في الأصل، غائبون تماماً عن العمق السياسي البالغ التشرذم على الخريطة الإسلامية ناهيك عن الفرقة الطائفية والمذهبية العقائدية التي تحتل اليوم كتاباً ضخماً بالغ التشعب ومع هذا، فمن كثرتها، لا ترد هذه الطوائف والمذاهب إلا عبر ورقة واحدة لكل فصيل من هذا الكتاب.

تخيلوا، مجرد خيال، لو أن كل طائفة ومذهب إسلامي، وخلال أيام الحج الثلاثة وفي المنطقة المحصورة بين شعبين متقابلين في صعيد منى، حاولت أن ترفع علمها وأن تجمع أنصارها وأن تسوق للبقية أفكارها ومعتقداتها فما الذي ستكون عليه صورة الحج. في بلد صغير مثل لبنان، هناك أربع طوائف رئيسية تنتسب للإسلام ناهيك عن أن نصف تركيبة البلد طائفة مسيحية. من هذا البلد الصغير، خذ المثال للتعميم على بقية البلدان الإسلامية الكبرى. تخيلوا فقط أن نفتح الحج لشعارات الطوائف والمعتقدات والمذاهب والأحزاب السياسية العراقية من أولئك الذي يقتل الفرد منهم نظيره على الهوية والاسم. تخيلوا جماعات الجهاد والتكفير وتخيلوا كل ألوان الطيف الإسلامي التي تفوق في عددها كل قدرة الألوان على المزج والتلون. هنا سيتحول الحج إلى مأساة حقيقية وهنا سيتحول الحج علي يدي من يدعون انتساباً لهذا الدين إلى الصورة النقيض مما يراد له: مظهر وحدة في الهدف والمشعر وحتى اللباس.