طهرانـ ستار ناصر

تتحرك ردود افعال ايران إزاء القرار الدولي 1737 حسب المخطط الذي وضعته سلفا، فالحكومة الايرانية وكما صرح اغلب المسؤولين الايرانيين ل ldquo;الخليجrdquo; لم تفاجأ بالقرار، لكنها والحديث لحميد آصفي ldquo;تفاجأت بالموقفين الروسي والصيني اللذين جاءا متطابقين 100% مع الموقف الامريكيrdquo;.

ردود الأفعال الايرانية تتوالى ككرات السبحة وكل يوم هناك قرار جديد، إذ بدأ البرلمان الايراني الذي يهيمن عليه المحافظون المتشددون وكأنه ldquo;مطبخ السياسة الايرانيةrdquo;. في باحة البرلمان تأخذ تلك الأصوات المتقاطعة نحو مطالبات كثيرة حتى ان بعض النواب طالبوا أمس وزارة الخارجية بضرورة إغلاق السفارات الأوروبية الثلاث (لندن وباريس وألمانيا) وطرد سفرائها من طهران.

وفي زحمة تلك القرارات والاقتراحات الخطرة يطالب بعض النواب بضرورة التزام جانب الحكمة وعدم التسرع والانفعال.

علاء الدين بروجردي وهو من النواب المحافظين يطالب النواب بضرورة التحلي بضبط النفس، ويقترح على دبلوماسية الرئيس نجاد الاستفادة من تجارب الحكومات السابقة، وهو موقف امتدحه امس رئيس البرلمان حداد عادل الذي حاول التخفيف من حدة ردود الافعال الإيرانية إزاء القرار الدولي، حيث أعلن أن بلاده ldquo;لا تزال ترى في خيار الحوار افضل الخيارات لتسوية الأزمة النووية الايرانيةrdquo;، لكن حداد عادل اشترط على أوروبا عدم التطرق الى موضوع التعليق ما يعني أن الازمة ستبقى مستعرة طيلة ال 60 يوما وهي المهلة الزمنية التي أعطاها مجلس الأمن لإيرانrdquo;.

يقول فلاحت بيشه عضو لجنة الطاقة ل ldquo;الخليجrdquo; ان طهران تعتبر عملية التعليق خطا أحمر ولذلك فنحن ldquo;لا يمكننا عبور ذلك الخط وتجاوزهrdquo;. وأضاف ldquo;اننا غير ملزمين بفترة ال 60 يوما، ونحن موافقون على الحوار ولكن من دون شروط مسبقةrdquo;. هذه الحوارات وغيرها صرح بها أكثر من مسؤول ايراني حتى ان القضية قد جعلها المرشد الايراني علي خامنئي من اختصاصاته وحذر من القبول بالتعليق قائلا ldquo;انه لأمر مفرح أن ايران تمتلك تجربة سابقة في التعليق فلقد قمنا بتعليق التخصيب لمدة عامين، ولكن الأوروبيين لم يفوا بتعهداتهمrdquo;. تأسيسا على ذلك فإن طهران لا تفكر بالقرار الحالي وتداعياته ولكنها هيأت نفسها للقرار القادم، الذي سيرى النور بعد 60 يوما، وقد يكون قرارا شاملا وهو ما يعرف ب ldquo;المقاطعة الاقتصاديةrdquo;، وبالطبع فإن الاقتصاد الايراني سيتأثر كثيرا بتلك المقاطعة لأنه اقتصاد مفتوح ويعمل وفقا للفكر الرأسمالي ويرتبط ب ldquo;العامل الخارجيrdquo; على حد تعبير الخبير الاقتصادي الايراني مهران فروخي.

والحقيقة ان ردود الافعال الايرانية جاءت بخطوات متسارعة، والموضوع لم ينحصر بالدول المعنية والملف النووي بل تجاوز ذلك، فقد بعث الرئيس نجاد برسالة الى بابا الفاتيكان ليشكي مظلومية ايران النووية وليحاجج أهل ldquo;المسيحrdquo; بفكرهم وقيمهم، كما يقول الباحث الايراني سلمان ياسري، إلا أن تلك الرسائل التي جوبهت بالانتقاد داخليا لم تتمكن من فتح ldquo;كوةrdquo; أمل من المقاومة الصلبة إزاء برنامج إيران النووي والتي أخذت بالتنامي بعد تصريحات الرئيس نجاد حول موضوع الهلوكوست ومحو ldquo;اسرائيلrdquo; من الخريطة. ويبدو ان تلك التصريحات شكلت مبررا للاجماع الدولي ضد طهران، وقد حاول الرئيس خاتمي التخفيف من وطأة تلك التصريحات، إلا أن مؤتمر طهران حول الهلوكوست ldquo;نسف كل الجسور الخاتميةrdquo;، وهكذا فطهران في عهد الرئيس نجاد بدأت تشكل لنفسها مسارات تختلف عن مسارات عهدي خاتمي ورفسنجاني، وهما الصوتان الغائبان في الضجة التي تشهدها طهران هذه الايام، عواصف مقبلة قد تعصف بالمنطقة برمتها. ومثلما تحرك السيناريو الامريكي في العراق بشكل احادي فالمسلسل بدأت حلقاته في طهران ولكن بشكل إجماع دولي، ولا أحد يدرك العواقب والنتائج، لا سيما أن طهران أعلنت أنها ستفاجئ الأعداء ب ldquo;إيران النوويةrdquo; وقد يكون هناك ما هو أعظم من الدورة النووية، كما بالنسبة لكوريا الشمالية، ذلك ان الأزمة النووية الايرانية خرجت عن مساراتها السابقة الهادئة، والتي كاد الرئيس خاتمي أن يضع لها نهاية في جلسة ldquo;سعد ابادrdquo;. وبالطبع فإن خاتمي لا يزال يعتبر موقفه هو الصائب رغم كل ما حصل في عهد نجاد.

وبعد فإن تطورات الملف النووي الايراني سوف تفجر المنطقة برمتها لا سيما ان المسؤولين الايرانيين هددوا بإغلاق مضيق هرمز وتطورات ميدانية خارج الاحداثيات الايرانية بعدما أصدر الحرس الثوري الايراني بيانا ولأول مرة اعلن فيه تمسكه بالدافع عن الملف النووي ومصالح البلد.