الجماعات المسلحة تستحوذ على 50% من عائدات تهريب النفط


اتهمت المفوضية العامة للنزاهة عضو الجمعية الوطنية المنحلة مشعان الجبوري بسرقة ملايين الدولارات المخصصة لتوفير الحماية لأنابيب النفط من الهجمات الارهابية وتجيير تلك المبالغ التي قدرها الدكتور علي عبدالامير علاوي وزير المالية

بما بين (40و50) بالمائة من مجمل تجارة تهريب النفط لمصلحة الارهابيين، فيما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية التي نشرت الخبر بأن الاتهام الذي لم يكن على ما يبدو علنياً، يعطي مصداقية لافتراض تمويل الارهاب من الاموال العراقية المتحققة عن الواردات النفطية.
ونسبت الصحيفة الى مسؤولين عراقيين واميركيين لم تذكر اسماءهم قولهم ان هناك نموذجا جديدا للفساد المالي في العراق يتم عبره تحويل الموارد النفطية وموارد اخرى الى قوى الارهاب وبما يؤدي الى خلخلة وتهديد الاقتصاد العراقي.
وذكرت عن المسؤولين العراقيين ان الهدر في اموال العراق وتسريبها الى الارهابيين لغرض قتل المواطنين يؤدي من جهة الى تدمير بنى البلد التحتية ويضيف من جهة اخرى تحديات جديدة تهدد العراق.

وقالت نيويورك تايمز ان القاضي راضي الراضي رئيس المفوضية العامة للنزاهة وجه الاتهام الى عضو الجمعية الوطنية المنحلة مشعان ركاض ضامن الجبوري بسرقة ملايين الدولارات المخصصة لتوفير الحماية لأنابيب النفط من الهجمات الارهابية وتم تجييرها لمصلحة الارهابيين، ويبدو ان الاتهام لم يكن علنيا ولكنه يعطي مصداقية لافتراض تمويل الارهاب من الاموال العراقية والواردات النفطية.
وصرح للصحيفة مصدر مسؤول كبير في شركة نفط الشمال رفض ذكر اسمه ان حادثا اخر يصب في مصلحة الارهاب في الشركة حيث تم القاء القبض على مدير منشأة مخازن نفطية قرب كركوك مع عدد من الموظفين وبعض ضباط الشرطة القريبين من المنشأة بعد اتهامهم بتدبير هجوم بالهاونات على المنشأة ما تسبب باشعال النيران فيها وايقاف العمليات النفطية في المنطقة.
وقالت الصحيفة ان وزير المالية العراقي الدكتور علي عبدالامير علاوي قدر من جانبه قيمة المبالغ التي تستولي عليها الجماعات الارهابية نحو (40-50) بالمائة من مجمل عمليات تهريب النفط في البلد، وانه اشار الى ان الارهابيين تغلغلوا الى مواقع ادارية متقدمة في مصافي نفط بيجي وانهم يرهبون سائقي الشاحنات لضمان ان يستمر تدفق الاموال لمصلحتهم حيث يسمح لهم بفتح انابيب النفط وسحب محتوياتها النفطية والغازية ليقوموا ببيعها بانفسهم، وان مستويات تهريب لانفط العراقي بحسب الدكتور علاوي تجاوزت مستوى التصدير النيجيري على سبيل المثال، حيث يتعرض الامن الوطني في العراق للتهديد جراء تعاطي الارهابيين جميع مفردات عمليات التهريب.
اما عن المسؤولين الاميركيين فذكرت الصحيفة انهم ابدوا لها فريضة دعم الارهاب عن طريق الاموال المتحققة من جراء الفساد الاداري وبشكل يهدد الدولة العراقية الحديثة وبرامج التنمية فيها بشكل جوهري.
وذكرت ان القاضي راضي الراضي قال ان بعض حرس الحدود في المنطقة الغربية يتلقون اموالا مقابل تسهيل تهريب شحنات النفط التي تباع بسعر السوق السوداء .

وذكر الراضي قصة الهجوم على قافلة الشاحنات النفطية المتجهة من بيجي الى بغداد حيث استخدمت الاسلحة المتوسطة والرمانات من قبل الارهابيين رغم الوجود الكثيف لقوات الامن العراقية التي رافقت ستين شاحنة .
وتحدث للصحيفة مسؤولون نفطيون عراقيون عن عصابات ( مافيا ) لتهريب النفط التي تعدت اساليبها سرقة الواردات النفطية الى السيطرة على المواقع الادارية في وزارة النفط وكان وزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم قد صرح اواخر 2005 للصحف بأن شبكات تهريب النفط في العراق قد نمت بشكل خطير لدرجة اصبحت تهدد حياة الذين يحاربون الفساد الاداري .
وأضاف بحر العلوم ان المداهمات التي استهدفت اوكار التهريب في بغداد اسفرت عن العثور على وثائق مزورة وصهاريج نفطية معدة للتهريب .
اما القاضي راضي الراضي فقد اوضح بان مشعان ضامن الجبوري الذي يعتقد باختفائه في سوريا حاليا سرق الاموال المعدة لصرفها على الاف الحراس وتجهيزاتهم عامي 2004 و 2005 الذين كان من المفروض ممارستهم لواجب حماية طرق النقل وغيرها .
وينتاب الشك المسؤولين العراقيين بهذا الرجل ولكنهم لايملكون ادلة قاطعة لادانته بتحويل تلك الاموال الى الارهابيين .
وقال مسؤول عراقي بارز للصحيفة رفض ذكر اسمه ان ضابطا كبيرا بمنصب آمر كتيبة او فوج القي القبض عليه ويتم التحقيق معه بشأن استئجاره من قبل مشعان الجبوري لتدبير هجمات ارهابية ضد انابيب نقل النفط .

وقالت نيويورك تايمز ان هذا الضابط يدعى علي احمد الوزير وهو آمر الفوج الثاني في اللواء الاول قوات البنى التحتية الخاصة واضافة له فان يزن مشعان الجبوري احد ابناء المتهم الرئيسي في القضية هرب هو الاخر الى سوريا ليلحق بوالده الهارب بعد اتهام الاثنين بالضلوع في تمويل الارهابيين .
ويرى القاضي الراضي ان دخول حزب مشعان الجبوري الى قبة البرلمان لايعني اسقاط القضية ، فبامكان الحزب تسمية مرشح اخر بدلا عنه في الوقت الذي تتم فيه متابعة قضية المتهم.
وكان مشعان الجبوري قد هرب من العراق ابان حكم صدام عام 1989 بعد مخالفات مالية ارتكبها مع عائلة صدام، ويدعى كذلك بانه كان ضمن المعارضين لصدام وانه عمل مع القوات الاميركية الخاصة قبل اسابيع من اندلاع الحرب ودعا قواد الجيش السابق الى التخلي عن السلاح بدلاً من القتال ضد الاميركيين وانه سيطر على محافظة نينوى قبل عزله من قبل القادة الاميركان بعد دخولهم الى المحافظة.
وكان الجبوري قد عرض حماية المنشآت النفطية في محافظتي كركوك وصلاح الدين اللتين تتواجد فيهما عشيرته فتم تكليفه بجمع الحراس لهذا الغرض في عام 2004.
وتتهم اوساط عراقية واميركية عشيرة الجبوري بالتورط في اعمال ارهابية ويقول الراضي: اسفر تحقيق في 2005 استمر ثلاثة أشهور عن اكتشاف مجموعة عمل الضباط يعملون بامر مشعان الجبوري حيث يدفع لهم اموالاً مقابل قيامهم بتعيينات وهمية لحراس لاوجود لهم الا على الورق فيما تم تحويل رواتبهم المفترضة الى جيب الجبوري.
ويضيف الراضي للصحيفة ان يزن (ابن مشعان) متهم بمسؤوليته عن تزويد قوائم الحراس (الاشباح) بالتموبن والمصاريف الاخرى التي يبدو انه هو الاخر قد حولها الى حسابه ويقول الراضي: ان وثائق تكليف الجبوري بجمع الحراس لحماية المنشآت النفطية كانت موقعة من قبل وزير الدفاع السابق حازم الشعلان المتهم الاخر بقضية فساد كبرى تصل الى سرقة 1.3 مليار دولار عن عقود عسكرية وهمية مزيفة.
ويضيف ان قضيتي الشعلان والجبوري هما جزء يسير من 450 قضية تم فيها توجيه الاتهام والف قضية اخرى لا يزال التحقيق فيها مستمرا في اروقة مفوضية النزاهة.

ويسعى مسؤولون عراقيون ومستشارون اميركيون الى اتباع قواعد عمل تساعد المحققين على اصلاح المؤسسات والعمل الوظيفي وذلك بطلب كشف الحسابات عن ممتلكاتهم.
وتم استحداث منصب المفتش العام في الوزارات لمراقبتها من الداخل ولكن الاغتيال طال بعضا منهم في اعمال ارهابية يرمي مخططوها ومنفذوها بث الرعب بين المفتشين وموظفي مفوضية النزاهة.
ويقول تقرير لوزارة الخارجية الاميركية حول جهود اعادة الاعمار بان مسؤولي محاربة الفساد هم بلا حماية فيما يعاني برنامج المفتش العام من تعثر خطواته ما دعا كثيرا منهم الى الاستقالة او ترك التحقيق او التخلي عن توجيه الاتهامات للمفسدين. واشارت نيويورك تايمز الى تعرض كثيرين من الصحفيين العراقيين الذين يكتبون عن الفساد الى تهديدات بالقتل وعبر بعضهم عن خشيته من القتل في حال متابعة الموضوع على صفحات الصحف واكد هذه المعلومات للصحيفة مسؤول اميركي طلب عدم ذكر اسمه عندما طلب من الصحفيين تغطية ندوة عن الاسبوع ضد الفساد الذي سينطلق يوم التاسع عشر من الشهر الحالي.

وبشأن توقيع الموظفين على وثائق كشف حساباتهم واملاكهم التي بدأت الحكومة العمل بها امتنع 40 بالمئة من الموظفين الكبار عن التوقيع على هذه الوثائق واعتبروا ان هذا بمثابة كشف مقدم الى الخاطفين لكي يقوموا بخطفهم طلبا للفدية، حسب تصريح القاضي الراضي.
وكانت جهود اميركية وعراقية مشتركة لاشراك العشائر في حماية منشآت النفط عبر قوات حماية البنى التحتية الخاصة تهدف الى اشراك العشائر الرافضة للنظام السياسي العراقي الحديث في الدولة الحديثة وذلك باعطائها مسؤولية الحماية للخطوط النفطية، ولكن هذه القوات لم تتطور الى المستوى المقبول حسب تصريح الجنرال البريطاني نيكلاس باركر نائب قائد القوات وممثل القوات متعددة الجنسيات فيها.
ونقلت الصحيفة عن جواد المالكي عضو الجمعية الوطنية المنحلة تصريحه بان اعضاء البرلمان ليسوا بعيدين عن القضاء اذا تم استجوابهم حيث لا اهمية للحصانة البرلمانية عند ذلك.

ولكن الجبوري رد على الاتهامات الموجهة ضده عبر جهاز الموبايل قائلا بأنها:
لا قيمة لها، لأنه كان يعمل مستشارا لافواج حماية المنشآت النفطية، متحديا في الوقت نفسه قانونية المذكرة التي تطلبه للتحقيق، مؤكدا انه سيعود الى العراق في الوقت الذي يحدده هو ولم يعرف المكان الذي اتصل منه الجبوري.
وعد الجنرال باركر مهمة الجبوري في حماية المنشآت النفطية فاشلة ولم يعلق شيئا على مذكرة التحقيق الصادرة ضده.
وامتدت مهمة افواج حماية المنشآت النفطية من شهر كانون الثاني وحتى تشرين الاول 2005 حسب تصريح جواد المالكي. وفي الوقت الذي ذكر فيه تقرير القاضي راضي الراضي ان مهمة الجبوري في تلك القوات كانت ابداء المشورة في تعيين الضباط والجنود لدى وزارة الدفاع، فانه كان يتصرف وكأنه يمتلك كامل السيطرة على تلك الافواج كما لو كان القائد العام فيها.وعدد تلك الافواج 17 وهي موزعة الى الوية ويقول تقرير التحقيق الذي اصدره القاضي الراضي بان الاسماء الوهمية كانت تضاف بحدود مئتين الى ثلاثمائة اسم في الفوج الواحد حسب توجيهات الجبوري الى ضباط الافواج لغرض دفع روابتهم اليه فيما كان الفوج الواحد يتألف من الف عنصر.

واضافة الى ذلك فان ابنه (يزن) يدير احدى شركات والده ليشرف على تموين الجنود وكان يأخذ مبلغا يقدر باكثر من مائة الف دولار شهريا عن كل فوج لقاء تقديم الطعام لهم وكانت المبالغ المذكورة تعود الى حساب الوالد مرة اخرى حسب تقرير الراضي الذي اوضح بان خمس او سدس المبلغ المذكور يقدم الى آمرية كل فوج لتدبير تموينهم فيما تذهب البقية الى حساب الجبوري.
ويتهم التقرير الجبوري بالتدخل في تزويد الافواج بالاسلحة حيث امر ذات مرة بنقل 200 قطعة سلاح كلاشنكوف بسيارات مدنية فيما هاجم الارهابيون السيارات وقتلوا حارسين واستولوا على جميع الاسلحة.
من جهته اكد الجنرال باركر ان الغياب في كل فوج يتراوح بين 250 الى 300 جندي لكن تقريره يشير ايضا الى ان الجبوري يستخدم بعض الحراس للعمل في حماية منازله ومقرات حزبه ومنازل اقاربه.
ولا توجد احصائية دقيقة عن حجم الاموال التي تلاعب بها الجبوري ولكن جواد المالكي يقدرها بعدة ملايين من الدولارات.وكانت حكومة الاحتلال البريطاني والحكومات العراقية المتعاقبة تدفع رواتب للعشائر المستقرة. قرب خطوط نقل النفط خارج المدن على سبيل العمل لحراسة تلك الانابيب وهذا ما تفعله الحكومة الحالية.وفي الوقت الذي تؤدي بعض قوات حماية تلك الانابيب اعمالها بشكل جيد فان البعض الاخر يقع تحت دائرة الشك لدى المسؤولين العراقيين في احتمالات مشاركتهم بالهجوم على خطوط النفط.ويعلق الجنرال باركر على عمل تلك القوات بانها تحتاج الى إعادة تاهيل وتدريب لتحويلها الى قنوات منضبطة ونظامية لممارسة ادوارها الامنية في المراقبة والحماية بشكل اكثر فعالية.
ويقول كذلك بان ذلك يتطلب التعامل مع العشائر رغم كون بعضهم جزءا من المشكلة ويختم قوله بان ا لفكرة المعول عليها هي اقناع العشائر بان النفط هو مصدر معيشتهم المخصص لهم وللعراقيين، فيجب استدعاؤهم الى وزارة الدفاع وضمهم الى الافواج الخاصة بالحماية النفطية بشكل جديد. لانهم رجال اشداء.