الأربعاء: 2006.04.05
أبو خلدون
من المشاهد الطريفة في فيلم سبارتاكوس الذي حصل على أربع جوائز أوسكار أن الممثل كيرك دوجلاس الذي أدى دور سبارتاكوس محرر العبيد في روما القديمة يظهر في أحد المشاهد وهو يضع على يده ساعة، رغم أن العالم لم يعرف الساعات إلا بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية ووفاة سبارتاكوس بما يقرب من ألف سنة. وفي مشهد آخر، يصاب جندي روماني بسهم، ويسقط من شرفة عالية إلى الأرض، ومن المفروض أن عظامه تحطمت بعد السقوط، ولكن المخرج، على ما يبدو، أراد أن يقول للمشاهدين إن العملية كلها تمثيل في تمثيل، ولذلك يجعل الجندي يزحف إلى باب تحت الشرفة ويفتحه ويختبىء خلفه. أما أصوات الجماهير التي كانت تحيي سبارتاكوس وتهتف له فقد جرى تسجيلها من مباراة لكرة القدم جرت في ميتشيجان. ومن يتمعن في الأصوات جيدا ربما يسمع أسماء لاعبي الفريقين واسميهما.
وفيلم ldquo;تيتانيكrdquo; الذي تكلف انتاجه ما يزيد على 200 مليون دولار وحصل على الأوسكار، استقبله النقاد بحماس بالغ ، واعتبروه من الأفلام الأكثر اتقانا في تاريخ السينما الأمريكية، مع العلم أن الفيلم، مثله مثل غيره من أفلام هوليوود، حافل بالأخطاء التاريخية والفنية التي لا يقع فيها حتى سينمائي مبتدىء، ومن ذلك أن المخرج استخدم مصابيح الهيلوجين للبحث عن العاشقين: روز التي أدت دورها كاتي وينسليت، وجاك الذي أدى دوره ليوناردو دو كابريو .. وهذه المصابيح لم تكن موجودة عام ،1912 وهو العام الذي غرقت فيه ldquo;تيتانيكrdquo;. وكل الشواهد التاريخية وأحداث الفيلم تؤكد أن كل اللوحات الفنية الثمينة التي كانت على متن السفينة غرقت في البحر، ومن ذلك لوحة ldquo;عذارى أفينيونrdquo; تحملها روز وخطيبها كال ldquo;بيلي زانrdquo; على أمل نقلها إلى نيويورك، ويبدو أن هذه اللوحة نجت من الغرق بقدرة قادر، فهي معروضة حالياً في متحف نيويورك للفن الحديث.
وأثناء غرق السفينة، قام الضابط الأول ويليام مردوخ بإطلاق النار على أحد الركاب، ثم على نفسه، بينما ركاب ldquo;تيتانيكrdquo; الذين نجوا من الغرق، وبعضهم لا يزال على قيد الحياة، يقولون إن مردوخ أطلق رصاصة تحذير فقط، ثم غرق مع السفينة، وهذا الخطأ دفع المسؤولين عن إنتاج الفيلم إلى الاعتذار إلى سكان بلدة مردوخ الذين اعتبروا ابن بلدتهم بطلاً قومياً بسبب الدور الذي قام به في إنقاذ الركاب.
وفي الفيلم، منع جاك (وهو راكب في الدرجة الثالثة) من تأدية الصلوات في غرفة الطعام في الدرجة الأولى، بينما الواقع هو أن تأدية الصلاة في هذه القاعة كانت متاحة لكل ركاب السفينة. وعندما أشرفت السفينة على الخطر، أدى ركاب السفينة ابتهالا لم يكن معروفا قبل عام ،1937 أي بعد غرق السفينة بربع قرن من الزمن.
وفي الفيلم تسأل روز جاك عن وجهة سفره، فيقول لها إنه ذهب للصيد في بحيرة ويسوتا قرب شلالات شيبوا، مع العلم أن هذه البحيرة الاصطناعية لم تكن موجودة قبل عام ،1917 أي أنها وجدت بعد غرق السفينة بخمس سنوات. وفي إحدى اللقطات تظهر السفينة في الميناء على خلفية صحراء المكسيك حيث جرى تصوير بعض لقطات الفيلم، بينما الموانىء البريطانية التي انطلقت منها ldquo;تيتانيكrdquo; لا تقع في مناطق صحراوية. وبعد اصطدام السفينة بجبل الجليد دخل القبطان إلى كابينة القيادة وغيّر مؤشر الاتجاه بحيث ترجع السفينة إلى الوراء، بينما الواقع هو أن الكابتن أمر بإيقاف جميع المحركات بعد الاصطدام ولم يأمر بالعودة إلى الوراء.
ونحن نتابع ما تنشره الانترنت عن الأخطاء في أفلام هوليوود الكبيرة نتذكر المخرج مصطفى العقاد وفيلميه ldquo;الرسالةrdquo; و ldquo;عمر المختارrdquo; اللذين انتجهما وأخرجهما في الدول العربية، فقد كان رحمه الله يدقق في التفاصيل الصغيرة جداً في الفيلمين، ويستشير المختصين في كل شيء، ومع ذلك فإن فيلميه لم يحصلا على الأوسكار، ربما لأن الأوسكار لا يحب العرب.
التعليقات