داوود الشريان

هل يمكن فصل التفجيرات الثلاثة التي وقعت في منتجع دهب السياحي المصري في سيناء عن مجريات السياسة والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني منذ وصول laquo;حماسraquo; الى السلطة؟ وهل يمكن بعد أحداث دهب الاستمرار في رفض القبول بمبدأ العلاقة بين السياسة الاميركية المنحازة والارهاب، وعلاقة الارهاب بدرجة وطبيعة استجابة بعض الدول العربية لهذه السياسة؟ هل من الممكن بعد تفجيرات دهب اقناع الناس في هذه المنطقة بأن الارهاب مجرد نبتة شيطانية، وغضب اعمى ليس له أسباب ولا هدف؟

ان تلمس اسباب الارهاب لا يعني تسويغه او القناعة بوجاهة موقفه او القبول بالتفاوض معه، كما ان تجاهل الاسباب السياسية لهذا الارهاب لن يقلل من خطره ولن يوقف نشاطه المتنامي ولن يمنع التعاطف معه. ولهذا يجب ان تصبح تفجيرات دهب مناسبة لمعاودة قراءة ظاهرة الارهاب في شكل سياسي، ووقف حملة الهجاء والشتيمة التي ترتفع بعد كل عمل ارهابي واستبدال القوالب الجاهزة بالتحليل والبحث في الاسباب. كما يجب ان نكون صريحين في مواجهة ما جرى في دهب، فالحادث لم يكن مفاجئاً لأولئك الذين يجدون على الدوام رابطاً بين الاحتقان السياسي والانفجارات الارهابية، فضلاً عن ان التفجيرات لم تقع في اجواء هادئة او خالية من التأزم السياسي في الموضوع الفلسطيني وتداخله بالاشكالات الايرانية والسورية. لكن المطالبة بقراءة سياسية لدوافع الارهاب واهدافه لا يجب ان تقودنا الى اتهام حركة laquo;حماسraquo; جزافاً، استناداً الى معلومات ناقصة وغير مؤكدة او تصريحات غامضة ومغرضة. فالتحليلات السياسية التي تحاول ان تستثمر هذا الحادث للإجهاز على حكومة laquo;حماسraquo; وافشالها، أكثر خطراً من تفجيرات دهب ذاتها.

لقد آن أوان الانعتاق من القناعة الاميركية القائلة ان الارهاب مجرد سلوك عدمي ليس له هدف، فهذه القناعة فضلاً عن انها متغطرسة وغير صحيحة، وتتنافى مع مصالحنا الوطنية، فهي فرضت ارهاباً سياسياً واعلامياً على هذه المنطقة، ومنعت دولها من التفكير في شكل مستقل، ولهذا يجب الخروج من هذا المأزق ورفض هذه القناعة في شكل مطلق لانها ستوصلنا الى كارثة، والتعامل مع الارهاب باعتباره رد فعل أهوج او أعمى، او سمّه ما شئت، لكنه في النهاية رد فعل، ويمارسه اناس منا وينتمون الى ثقافتنا، ووقفه يحتاج الى نزع فتيل الفعل الذي حرض عليه، تماماً كما فعلت الدول الاوروبية التي تعرضت لحوادث ارهابية بسبب وجود قواتها في العراق، فهي تصرفت مع هذا الارهاب بمنطق الفعل ورد الفعل، واصبحت تقرأ الحوادث الارهابية قراءة تخدم مصالحها السياسية، من دون خوف من الابتزاز الذي فرضته واشنطن بسبب حربها على ما يسمى الارهاب، او خشية من اتهامها بالتفاوض مع الارهاب، او الخضوع لارادة الارهابيين.

الأكيد ان واشنطن ذاتها لم تستبعد في بعض الأوقات فتح قنوات اتصال وتفاوض مع المقاومة العراقية التي تصفها بالارهاب، بل ان الحكومة العراقية حاورت بعض اطراف المقاومة قبيل الانتخابات وبتوجيه من الحكومة الاميركية. ونحن في العالم العربي لا نقول بضرورة مناشدة الارهابيين، او التفاوض معهم، وتحقيق مطالبهم، وانما المطلوب هو التصرف على النحو الذي تصرفت به الدول الاوروبية المشاركة في حماية الاحتلال الاميركي للعراق، ومعاودة النظر في المواقف السياسية التي تخلق حالاً من الاستفزاز، فلا جدال في أن الاتهامات الاردنية لحماس، وانتقال القاهرة من دور الوسيط بين اسرائيل والسلطة الى مقاطعة الفلسطينيين بالكامل بسبب حماس، ستُذكي ظاهرة الارهاب. والحل هو سياسة عربية تتقي الله وتراعي مشاعر الناس.