القاهرة: محمد القدوسي - القبس

بعد بغداد والقاهرة، تأتي أزمة مكتب قناة 'الجزيرة' فى دمشق. ومع أن الأزمة التى وصفت ب'الحادة' تبدو 'أزمة داخلية' بين مدير المكتب ومسؤولي القناة، فإن هناك ما يشير إلى أنها أزمة بين 'الجزيرة' و'الدول'' أو بعض مؤسساتها، وذلك مثلما كانت الحال في 'بغداد' عندما انطلقت تصريحات رسمية تتهم 'الجزيرة' بأنها تروج مقولات أطراف معادية، ومثلما كانت الحال أيضا في أزمة مكتب 'الجزيرة' في القاهرة، التي وصلت إلى حد القبض على مدير المكتب حسين عبد الغني واتهامه ببث أخبار غير صحيحة، ثم تصريحات رسمية، منها ما ورد على لسان د.أسامة الباز من أن 'الجزيرة' تعمل على تفريق الصف العربي!

أما دمشق، فظاهر الأمر فيها أن الأزمة تتلخص في سعي إدارة القناة إلى إلغاء الإدارة المستقلة لمكتب دمشق وتحويله إلى مكتب فرعي تابع لمكتب بيروت الذي تتجه القناة إلى تحويله إلى مكتب إقليمي يتبعه مكتب دمشق ومكاتب المنطقة، الأمر الذي رفضه ـ بوضوح ـ مدير مكتب دمشق د.فؤاد شربتجي، الذي عبر عن رفضه ل'الصيغة الدبلوماسية' التي تغطي رغبة إدارة القناة في تهميش مكتب دمشق، وهي صيغة التبعية لمكتب بيروت، وقال إن مكتبه أكبر من أي مكتب في المنطقة، وليس من المقبول ولا المعقول أن يتحول إلى تابع لمكتب آخر. وحتى الآن فإن الأزمة تسير في طريق مسدود، إذ يتمسك كل طرف بموقفه.

هذا عن 'الظاهر' الذي يبدو 'داخليا' في حدود إدارة القناة ومكتبها، مع استبعاد المؤسسات الرسمية السورية، لكن للأزمة 'باطنا' لا يستبعد هذه المؤسسات، خاصة والخلاف يثار قبل أيام من صدور تقرير المحقق الدولي براميرتز في الخامس عشر من يونيو، وهو تقرير تختلف بشأنه ـ جدا ـ وجهتا النظر في بيروت وفي دمشق، كما أن فكرة إدارة مكتب كائن في دمشق من بيروت هي فكرة تثير ـ في حد ذاتها ـ حساسية شديدة.

أما الاستقالة التي يلوح بها د.فؤاد شربتجي فمن شأنها أن تخلق أزمة كبيرة بين 'دمشق' و'الجزيرة'، أزمة ربما تنتهي بإغلاق المكتب، فشربتجي كان مديرا للتلفزيون السوري ومستشارا لوزارة الإعلام قبل أن يصبح مديرا لمكتب 'الجزيرة'، ولهذا فقد كان محل ثقة الجهات الرسمية في سوريا، هذه الثقة التي يصعب منحها لشخص آخر، على الأقل حاليا في أجواء الأزمة الدولية التي تمر بها سوريا، وفي إطار الأزمة ذات المظهر المهني والعمق السياسي التي يشهدها مكتب القناة.

وكان موقع إخباري سوري ذكر أن 'الجزيرة' قررت إنهاء خدمات شربتجي بعد الخلاف الحاد الذي حدث بينه وبين أحمد منصور، الذي عزاه الموقع إلى اعتراض منصور على الديكور الذي أعده شربتجي لتصوير حواره مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

وفضلا عن أنه مبرر غير منطقي لخلاف بهذه الحدة يضع مستقبل المكتب كله على المحك، فإن طرفي الخلاف نفيا أن يكون الاختلاف على الديكور هو السبب، ولعلها النقطة الوحيدة التي اتفقا عليها!