دوفيلبان وموسم الانتقادات والملاسنات

السبت: 2006.06.24


إلين سيولينو - نيويورك تايمز

حتى بمعايير الجمعية الوطنية الفرنسية المعروفة بعدم انضباطها وخروجها عن المألوف كانت جلسة يوم الثلاثاء الماضي استثنائية بكل المقاييس. فعندما وجه quot;فرانسوا هولاندquot;، زعيم الحزب الاشتراكي، نقداً لاذعاً إلى الحكومة الفرنسية على خلفية طريقة تعاطيها مع الأزمة التي تعصف بالشركة الأوروبية الأولى للطيران خرج رئيس الحكومة quot;دومينيك دوفيلبانquot; عن طوره وفقد السيطرة على أعصابه بشكل لافت. فقد انفجر quot;دوفلبانquot; على نحو شخصي ومليء بالغضب والحنق صارخاً أمام الجميع في الجمعية العمومية quot;إنني أندد أيها السيد هولاند بضحالتك، بل إنني أقولها في وجهك مباشرة، أنت جبان، نعم أنت جبان. وأكرِّرها أمام الملأ إن موقفك ينمُّ عن الجبن!quot; من جانبهم حاول أعضاء الحزب الاشتراكي في البرلمان الفرنسي إغراق صوت quot;دوفيلبانquot; بصرخات تنادي باستقالته، حيث ركض بعض النواب نحو رئيس الحكومة صارخين في وجهه قبل أن يخرجوا من قاعة البرلمان.
وفي تعليقه على ما صدر من quot;دوفيلبانquot; قال quot;هينري إيمانويليquot;، وهو نائب quot;اشتراكيquot; والرئيس السابق للجمعية الوطنية quot;لقد فقد عقله تماماًquot;. وهكذا انتهت الجلسة العادية للبرلمان الفرنسي التي حضرها إلى جانب quot;دوفيلبانquot; وزراء آخرون على وقع الصراخ وتبادل الاتهامات. يشار إلى أن انفجار رئيس الحكومة الفرنسية في وجه النواب quot;الاشتراكيينquot; جاء إثر الاتهامات التي وجهها quot;هولاندquot; إلى الحكومة على خلفية الفضيحة التي تحيط حالياً بطائرة quot;جومبوquot; الجديدة التابعة للشركة الأوروبية للطيران، لاسيما الجدل المثار حول الصفقات التجارية التي أجراها المدير التنفيذي للشركة الأم المعروفة باسم quot;الشركة الأوروبية للدفاع الفضائيquot;. وتوترت الأجواء بالأخص عندما وجه quot;هولاندquot;، زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي، سؤالاً حرجاً حول ما إذا كانت الحكومة الفرنسية ستستمر في دعم المدير التنفيذي للحكومة quot;نويل فورجيردquot;. ولم يقتصر انتقاد quot;هولاندquot; لـquot;دوفيلبانquot; على فضيحة شركة الطيران فقط، بل تعداه بهجومه على رئيس الحكومة معتبراً أنه لن يتمكن من استعادة ثقة الشعب التي فقدها باللجوء إلى مقاضاة الصحفيين في قضية تشهير. فقد لجأ quot;دوفيلبانquot; يوم الاثنين الماضي في خطوة غير معهودة برفع دعوى قضائية على صحفيين ألفوا كتابين حول ما بات يعرف بقضية quot;كليرستريمquot;، وهي فضيحة مالية مُعقدة تورط فيها رئيس الحكومة. والغريب أن خطوة quot;دوفيلبانquot; تنطوي على مغامرة سياسية خطرة، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار احتمال استدعائه من قبل المحكمة للإدلاء بشهادته حول الموضوع.
وترجع خيوط القضية إلى الاتهام الذي وجه إلىquot; دوفيلبانquot;، ويصر هو على عدم صحته، بشأن إيعازه للسلطات الأمنية بفتح تحقيق سري سنة 2004 يطال وزير الداخلية وغريمه السياسي quot;نيكولا ساركوزيquot;، الذي كان محط شبهة بشأن تورطه في فضيحة quot;كليرستريمquot; لتبرأ ساحته لاحقاً. وبعد النهاية المؤسفة لجلسة الثلاثاء البرلمانية بسبب ما تخللها من ملاسنات وتنابز بين أعضاء الجمعية الوطنية من الاشتراكيين ورئيس الحكومة تقدم quot;هولاندquot; بطلب اعتذار رسمي من quot;دوفيلبانquot; قائلاً: quot;إن رئيس الحكومة هو من عليه أن يعيد أجواء الهدوء والاحترام إلى الجمعية الوطنيةquot;، مضيفاً أن دوفيلبان quot;خرج عن طوره وفقد السيطرة على نفسه تماماًquot;. وقد ارتفعت الأصوات المطالبة باستقالة quot;دوفيلبانquot; وازدادت حدتها في الآونة الأخيرة حتى في صفوف الحزب الذي ينتمي إليه هو quot;اتحاد الحركة الشعبيةquot;، لاسيما بعد فشل مبادرته في تغيير قانون الشغل الذي كان يهدف إلى تسهيل اندماج الشباب العاطل في سوق العمل. هذا القانون الذي أثار موجة واسعة من الاستياء أسفرت عن تنظيم مظاهرات عارمة معارضة لبنوده، ما اضطر quot;دوفيلبانquot; إلى سحبه.
وفي استطلاع للرأي أجرته صحيفة quot;لو جورنال دو ديمانشquot; الأسبوعية جاء أن معدل شعبية رئيس الحكومة انخفض إلى 23% مقارنة مع 28% في الشهر الماضي. والأكثر من ذلك تعرض quot;دوفيلبانquot; لوابل من الانتقادات من قبل الصحافة الفرنسية، وهو الذي كان يعتبر قبل موجة الأزمات التي لاحقته أحد أهم مرشحي وسط اليمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة وأوفرهم حظاً. وفي هذا الإطار قام رسام الكاريكاتير في صحيفة quot;لوموندquot; بتصوير quot;دوفيلبانquot; على أنه متشرد تقطعت به السبل ومحشور في صندوق كارتوني، محيلاً إلى طبيعته البيروقراطية. وعلى صعيد متصل عنونت نفس الصحيفة افتتاحيتها ليوم الاثنين الماضي بـquot;نهاية حكمquot; مشيرة إلى عجز quot;دوفيلبانquot; عن الحفاظ على مكانته السياسية والدفاع عنها. وأضافت الصحيفة أنه إذا quot;استمر الرئيس جاك شيراك في تمسكه برئيس حكومته فإن عليه أن يغادر الرئاسةquot;. وعكس ما يعانيه quot;دوفيلبانquot; من شعبية متدنية وصلت إلى الحضيض تحظى quot;سيجولين رويالquot;، شريكة quot;هولاندquot; والنائبة عن الحزب الاشتراكي في الجمعية الوطنية بشعبية كبيرة في استطلاعات الرأي، إذ تشير إليها كأقوى المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة.