الأربعاء: 2006.07.05

جهاد الخازن

ايهود أولمرت يرفض التفاوض مع خاطفي الجندي الإسرائيلي لأن laquo;حكومة اسرائيل لا تخضع لابتزاز السلطة الفلسطينية وحكومة حماس التي تقودهما منظمات ارهابية مجرمة. لن نجري أي مفاوضات على الإفراج عن سجناءraquo;.

كان رئيس وزراء اسرائيل يتحدث عن حكومته، فهي التي دمرت الجسور ومحطات الكهرباء في عقاب جماعي نازي، وهي التي قررت قتل عشرة فلسطينيين او عشرين مقابل كل قتيل يهودي، في إجراء نازي معروف، وهي التي قتلت بنات المدارس.

في المقابل المقاومة ضد الاحتلال حق، بل واجب، خصوصاً مع غياب مفاوضات، فحكومة أولمرت هي التي اخترعت التفاوض مع نفسها، والانسحاب من جانب واحد. وفي موضوع الجندي المخطوف بالذات فإن مقاومين هاجموا جنوداً في عملية عسكرية خالصة تحت الاحتلال، وكان الرد إرهابياً نازياً.

وهكذا فنحن امام حكومة ارهابية في اسرائيل تقودها احزاب نازية الصبغة في مقابل مقاومة مشروعة ضد الاحتلال ضمنها كل قانون سماوي أو وضعي، وشرعة الأمم المتحدة نفسها.

اهم من تصنيف حكومة أولمرت كما هي كعصابة نازيين جدد اننا الآن امام وضع لا حل له، وبالتالي لا فائز او خاسر، وإنما درجات من الخسارة للطرفين.

المقاومة لا تستطيع ان تطلق الجندي غلعاد شاليت مجاناً بعد ان قتلت حكومة أولمرت ودمرت، ومارست عقاباً جماعياً، أقول مرة أخرى انه نازي، وإسرائيل لا تستطيع إطلاق أسرى مقابل الجندي لأنها لو فعلت ستشجع الخاطفين، وتواجه بعمليات خطف مماثلة في المستقبل، وإذا كانت لعبة عض الأصابع تنتهي كما يفترض بأن يصرخ واحد ألماً ويكف عن العض، فإن اللعبة الدائرة ستنتهي بأن يقطع كل طرف اصبع الآخر.

ليس هذا رأيي وحدي، فقد اتصلت بأخوان من فتح وحماس، كلهم من القادة المعروفين، ولم أسمع من واحد منهم حلاً يمكن ان نتوقع له النجاح.

في هذا الوضع يلتقي الخاطفون مع حكومة أولمرت، فهم دخلوا مدخلاً لا مخرج منه، ولا يمكن ان نصدق انهم لم يتوقعوا ردود الفعل الإسرائيلية، فالأرجح انهم كانوا يعرفونها حق المعرفة، ووقّتوا عمليتهم مع قرب انتهاء الحوار الفلسطيني ndash; الفلسطيني باتفاق على وثيقة الأسرى لنسف الحوار من اساسه. وحكومة أولمرت بجرائمها المتتالية والمتزايدة وبالانتقام الجماعي، تريد قطع الطريق على أي مفاوضات في المستقبل، خصوصاً ان الانسحاب الأحادي لم يلق تأييداً من أي طرف، وإن لقي فالشرط كان ان يصبح خطوة نحو المفاوضات.

ولو عدت بالوضع الى بدايته لاتهمت اطرافاً في إدارة بوش بالتواطؤ مع المتطرفين في حكومة أولمرت وبين الفلسطينيين، فالإصرار على انتخابات نيابية فلسطينية، وكل استطلاع يشير الى فوز حماس، لا يمكن ان يعتبر جزءاً من مسيرة الديموقراطية المزعومة في الشرق الأوسط، وإنما هو قرار واع للسير بالوضع نحو تأزيم يمنع أي مفاوضات حقيقية على اساس خريطة الطريق.

وهكذا كان وجاءت حكومة حماس التي سهل قيامها مهمة ادارة بوش وحكومة أولمرت في تعطيل العملية السلمية، وتواصلت الإجراءات الإسرائيلية الوحشية ضد المدنيين الفلسطينيين، حتى استطاع مقاومون القيام بعملية عسكرية خالصة، وردت اسرائيل بإجراءات نازية حقيرة مع تواطؤ اميركي وصمت عالمي وعجز عربي.

والخسارة لن تقف عند ابواب حكومة المتطرفين في اسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية، ففتح نفسها تواجه الخسارة مع انها لم تكن شريكاً في العملية العسكرية، وأركانها يدركون جيداً ان هناك تعاطفاً فلسطينياً واسعاً مع قضية الأسرى فلا يستطيعون سوى تأييد الطلب مع إدراكهم عبثيته. وهم لا يستطيعون ان يقولوا لحماس انها أخطأت، ولا يستطيعون ان يعلنوا التأييد لها وليخرب المعبد على رؤوس الجميع. والنتيجة ان فتح ستخسر اذا تدخلت، وستخسر اذا لم تتدخل، وعزاؤها الوحيد ان الخسارة واقعة على الجميع، خصوصاً حماس التي كانت حتى الفوز بالانتخابات متماسكة كفصيل، ثم بدأنا نسمع عن تباين في وجهات النظر بين الداخل والخارج، وأن هناك في الجناح العسكري فئات تتمرد على القيادة، حتى لم نعد نعرف إن كانت العملية العسكرية بقرار من فوق، أو بقرار من فريق منشق لم تستطع القيادة ضبطه، أو التنصل منه بعد ذلك.

اليوم laquo;اللعبةraquo; الوحيدة في ساحة المواجهة المدمرة الدائرة هي الوساطة المصرية، غير ان النيات الحسنة، من مصر لا تكفي، فهي بين حكومة اسرائيلية متطرفة عملت بوعي وإصرار على تدمير العملية السلمية، وبين متطرفين فلسطينيين يريدون كل شيء او لا شيء. ويقول المثل الشعبي ان laquo;المصلح له ثلثين القتلة (العلقة)raquo; والوساطة المصرية تتعرض للانتقاد، مع ان مصر تحاول فيما لا يحاول آخرون يفضلون السير نحو المجزرة من دون استنفاد البحث عن بدائل.