السبت: 2006.07.08

بول كروغمان - نيويورك تايمز

طبيعة الهجوم اليميني على laquo;نيويورك تايمزraquo; أثارت فيما يبدو دهشة كثيرين في وسائل الإعلام. فبعد ان ورد في افتتاحية laquo;وول ستريت جورنالraquo; ان لدى laquo;نيويورك تايمزraquo; ما يرقى الى نوايا الخيانة لأن laquo;لها هدفا رئيسيا يتمثل في عدم كسب الحرب ضد الارهاب، بل عرقلتهاraquo;. وقال كاتب المقال انه laquo;شعر بالصدمةraquo; وأورد في مقاله انه laquo;لا يوجد من بين العاملين في طاقم الأخبار في وول ستريت جورنال من يعتقد ذلكraquo;. إلا ان كل من شعر بالصدمة فعلا ازاء نية laquo;وول ستريت جورنالraquo; اللعب بكارت الخيانة ربما لا يكون قد ألقى انتباها على مدى السنوات الخمس السابقة.

فعلى مدى الأشهر القليلة السابقة اكدت بعض المعلومات التي كشف النقاب عنها اشياء كان من المفترض ان تكون واضحة قبل فترة طويلة، وهي ان إدارة بوش والحركة التي تقودها ظلت جزءا من مشروع تسلطي ركيزته الأساسية إزالة كل أنواع الرقابة التي تقيد السلطة التنفيذية.

جزء كبير من هذا المشروع يتضمن سلطة تنفيذية غير مسبوقة ـ حق حبس الاشخاص الى أجل غير مسمى دون توجيه تهم لهم (وتعذيبهم اذا رأت الإدارة الاميركية ذلك) وحق التنصت على المواطنين الاميركيين دون الحصول على تصريح رسمي بذلك وحق التصريح، عند التوقيع على القوانين المصادق عليها بواسطة الكونغرس، بأن هذه القوانين لا تعني فعلا ما تنص عليه.

إلا ان الجانب الأكثر اهمية في هذا المشروع يتلخص في محاولة ايجاد جو سياسي لا يتجرأ فيه احد على انتقاد الإدارة الاميركية او الكشف عن بعض الحقائق حول خطواتها. هذه المحاولة اعتمدت منذ بدايتها على وصم من يرفضون الانصياع الى هذا الخط بالانطلاق من نوايا تنم عن الخيانة. ففي عام 2002 اتهم راش ليمبو بكلمات اقرب الى تلك التي استخدمتها laquo;وول ستريت جورنالraquo; توم داشل، الرئيس السابق للأغلبية بمجلس الشيوخ، بمحاولة عرقلة الحرب على الارهاب.

الذين حاولوا منا لفت الانتباه الى هذا المشروع التسلطي قبل سنوات فعلوا ذلك وسط إحجام الكثير من زملائنا عن الاعتراف بما كان يجري فعلا. فعلى سبيل المثال، ظل كثيرون في اجهزة الإعلام الرئيسية يتعاملون بازدواجية معايير واضحة، واصفين الخطاب السياسي من اليسار بأنه كره laquo;مسمومraquo; تجاه بوش، ومتغاضين في نفس الوقت عن السم الآتي من اليمين.

واعتقد ان غالبية الاميركيين لا تزال تعتقد ان المبدأ الذي يتلخص في ان الرئيس ليس ملكا، وانه لا يملك الحق في العمل بدون رقابة على أدائه، وان الرئيس بوش لا يستحق ثقتهم لأنه في كل جبهة ـ من رفضه حماية المصانع الكيماوية الى كشفه رسميا عن فاليري بليم ووضعه وكالة الاستخبارات المركزية في ايدي المقربين منه ـ يلعب بالسياسة والأمن القومي للبلاد.

فعل بوش ذلك مع الموافقة والتشجيع لنفس الناس الذين يهاجمون الآن laquo;نيويورك تايمزraquo; بسبب افتقارها المزعوم للوطنية.

هل تتذكرون افتتاحية عدد laquo;وول ستريت جورنالraquo; الصادر في 19 سبتمبر (ايلول) 2001؟ فقد احتفت الصحيفة بمساعدة هجمات 11 سبتمبر على وضع المخاوف التي كانت تحيط بشرعية المحكمة العليا الاميركية جانبا فيما يتعلق بقرارها الذي ثبت وجود بوش في البيت الابيض. وحذرت الصحيفة بعد ذلك الرئيس بوش من الاستسلام لـlaquo;إغراءات إخضاع كل شيء لأولوية الموافقة والتأييد من جانب الحزبين للحرب على الارهاب.

ليس ثمة شك في ان الأشياء تغيرت منذ ذلك الوقت، إذ ان مقدرة بوش على الالتفاف على الأشياء ضعفت كثيرا، كما ان غالبية الاميركيين لم تعد تعتبره كفؤا او امينا. إلا ان الادارة ومؤيديها ما زالوا يعتقدون ان بوسعهم حسم معارك سياسية من خلال التشكيك في وطنية من لا يتفقون معهم في وجهات النظر.