الإثنين: 2006.07.010

ألقى حاخام يهودي أمريكي خطبة مطولة في مسجد في حلب أول أمس عقب صلاة يوم الجمعة الماضي، تحدث فيها عن العلاقات السلمية والحوار بين الأديان، وذلك بعد أن قدمه لنحو 3 آلاف مصل مفتي سوريا الشيخ أحمد حسون باعتباره رجل دين من الولايات المتحدة، من دون أن يذكر أنه حاخام، وقد تأثر بذلك كثيرا.
ويزور الحاخام مارك غوبنز، وهو بروفيسور في جامعة فرجينيا، سوريا في هذه الأيام، بدعوة من المحامية السورية هند كبوات التي تعمل ضمن نشاط مثقفين ودبلوماسيين ورجال دين سوريين وأمريكيين في إطار جهود هادئة من أجل إزالة أسباب التوتر والخلاف بين بلديهم، وتحسين العلاقات بين واشنطن ودمشق التي تردت إلى أدنى مستوياتها.
وفي هذا السياق، جاءت خطبة الحاخام في المسجد في حلب، وهو يتفق مع المحامية كبوات على هدف مشترك، وهو تنقية العلاقات السورية الأمريكية، والتغلب على موضوعات الخلاف، وزيادة التقارب بين البلدين، من خلال الحوار بين الشعبين الأمريكي والسوري، على الرغم من الصعوبات الكبيرة والمعقدة التي تسبب التدهور الحاصل حاليا في العلاقات السياسية بين البلدين. وقد حرص الحاخام غوبنز في خطبته أمام المصلين على التوضيح أن الأمريكيين الذين أيدوا الرئيس جورج بوش في غزو العراق لم يعطوه تفويضا بقتل المدنيين أو تعذيبهم في هذا البلد. وأفاد بأنه زار سوريا عدة مرات، وأن جولته في حلب كانت مثيرة وأسهمت في تغيير كثير من جوانب حياته وتفكيره.
وقالت المحامية كبوات في منزلها في دمشق إنه يجب التركيز على الحوار والتسامح وتفهم الآخر، وتقبل الرأي الآخر، وضرورة التمييز بين الأنظمة الرسمية والحكومات من جهة والشعوب من جهة أخرى. وأضافت ldquo;إذا حاولت الحكومات شق موقف الشعب، يبرز دور المثقفين والمفكرين في إعادة توحيدهrdquo;، وأفادت بأنها تأثرت بصورة عميقة حينما تلقت دعوة من صديق أمريكي للمشاركة في حفل زواجه في مونتانا في الولايات المتحدة بقراءة مقاطع ومقتبسات من أعمال الشاعر والفيلسوف اللبناني جبران خليل جبران، وأوضحت كبوات أن صديقها الأمريكي لم يتوقف كثيرا عند كيفية شعور الرئيسين جورج بوش وبشار الأسد تجاه بعضهما حين وجه إليهما الدعوة لحضور حفل الزواج.
وقال السفير السوري في الولايات المتحدة عماد مصطفى لrdquo;أسوشيتد برسrdquo; إن جهود الفعاليات غير الرسمية من الجانبين هي الفرصة الوحيدة لإتاحة الفرصة للجانب السوري لشرح موقفه وتقديم وجهة نظر من مختلف المواضيع والرد على حملة الاتهامات التي تشنها إدارة الرئيس جورج بوش ضد سوريا، وتوضيح كل سوء فهم في أي من جوانب الموقف السوري. وأضاف مصطفى أنه قلما يمر أسبوع من دون أن يتلقى دعوة لإلقاء خطاب أو محاضرة أمام ندوة أو حشد، أو إجراء مقابلة إذاعية أو تلفزيونية، للحديث عن كيفية إزالة سوء الفهم وشرح الموقف السوري موضوعات الخلاف والرد على الاتهامات الأمريكية.
وأوضح السفير أنه لا يرفض أي دعوة أو فرصة لذلك، وقال ldquo;لا أدعي أنني أحقق معجزة، أو أحدث تأثيرا عميقا في السياسات والمواقف الأمريكية الأساسية تجاه سوريا، لكننا على الأقل لسنا عاجزين أو مكتوفي اليدين، بل نواصل التحرك وبذل كل ما نستطيع، حتى لا يمضي الجانب الأمريكي في حملته علينا وكيل الاتهامات لنا كيفما يشاء ويقول عنا ما يشاءrdquo;.
ويؤكد عماد مصطفى أن مهمته أصبحت أكثر سهولة في الفترة الأخيرة، بسبب سياسات إدارة الرئيس جورج بوش تجاه الشرق الأوسط، والتي تلقى انتقادا قاسيا متزايدا من نخبة المثقفين والمفكرين والأكاديميين الأمريكيين.
ويذهب المحلل السياسي السوري عماد شعيبي إلى أن العلاقات السياسية بين البلدين ما زالت متوترة، وأن السوريين يعتقدون بثقة أن الضغط الأمريكي على بلادهم لن يحقق شيئا، وأن الأمريكيين يتوصلون إلى قناعة بحاجتهم لدور سوري في العراق وفلسطين ولبنان، لأن السوريين يعرفون جيدا دورهم الإقليمي. غير أن المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية ألبرتو فرنانديز يرفض هذا الرأي، ويقول إنه يعتقد أن من مصلحة سوريا تغيير سلوكها أمام المجتمع الدولي، ولا يرفض فرنانديز الجهود الشعبية وغير الرسمية لتعزيز التقارب والتفاهم والحوار بين السوريين والأمريكيين، ويضيف ldquo;نكن احتراما وتقديرا كبيرين للغاية للشعب السوريquot;.