بغداد : زيدان الربيعي


أكد نائب رئيس جمهورية العراق والأمين العام للحزب الإسلامي العراقي طارق الهاشمي أن مفتاح حل المعضلة العراقية يتمثل بانسحاب القوات الأجنبية من العراق، لأن وجود هذه القوات على الأرض العراقية يثير حفيظة العديد من الجهات والدول الإقليمية. وقال في حوار خاص مع ldquo;الخليجrdquo; أن الإرهاب والمليشيات المسلحة هما المسؤولان عن حالة العنف التي يشهدها الشارع العراقي الآن والذي بات في وضع خطير للغاية. وتاليا الحوار:

بعد طرح مبادرة المصالحة الوطنية زادت عمليات العنف في العراق ولاسيما العنف الطائفي، ما أسباب ذلك؟

هذا دليل واضح على أن هناك أطرافا معينة وجدت في مشروع حكومة الوحدة الوطنية وفي مشروع المصالحة الوطنية أموراً تتقاطع مع أجندتها السياسية وبالتالي هي تعمل على تقويض كل المساعي الخيرة التي تبنتها أطراف مسؤولة في العراق لغرض رأب الصدع بين العراقيين ونبذ الخلاف على أساس مذهبي وطائفي وعرقي. أنا في تصوري أن ما يحصل في العراق هو اكبر بكثير من أن يقال أن هذه افرازات تناقضات في المجتمع العراقي. هناك تدخلات صارخة من قبل أطراف أجنبية ربما كان خلافها مع الولايات المتحدة الأمريكية ومساعيها لنقل الصراع بينها وبين أمريكا إلى الساحة العراقية هو السبب الرئيسي الذي فاقم الوضع الأمني حتى الآن. وبالتأكيد أن من يدفع ثمن هذا الصراع هم العراقيون ومستقبل العراق، حيث تضيع على العراقيين فرص واعدة في إعادة البناء والعودة بقوة إلى المجتمع الدولي.

وسبب من أسباب هذا التوتر أو هذا التفاقم الأمني هو وجود القوات الأجنبية في العراق، هذه المسألة بحد ذاتها تثير حفيظة أطراف أجنبية عديدة وبالتالي نحن نعتقد أن مفتاح الحل هو في إعلان جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق وأنا اعتقد أن هذا هو الحل الأولي فضلا عن حلول تتعلق بضرورة تدخل المجتمع الدولي على صعيد الأمم المتحدة وعلى صعيد مجلس الأمن لكبح هذا التدخل الذي تجاوز الحد اللامعقول في الشأن العراقي، إذ لابد من وقفة مسؤولة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن لردع هذه الدول عن التدخل في الشأن العراقي. أنا اعتقد ان هذه المساعي ضرورية في الوقت الحاضر على الأقل لتحقيق استقرار الوضع قبل أن ينزلق البلد إلى متاهات جديدة قد تفضي إلى نتائج كارثية.

مبادرة المصالحة الوطنية تسير باتجاه مغلق. كيف تنظرون لهذا الأمر إذا كان من قاتلوا قوات الاحتلال غير مشمولين بها حسب ما أعلنه رئيس الوزراء فمع من تكون المصالحة؟

بالتأكيد أن المصالحة الوطنية لا تدور في حلقة مغلقة ولا ينبغي أن ننظر إليها، هذه النظرة القاتمة وكأنها ولدت ميتة. هي ليست كذلك، مشروع المصالحة والحوار الوطني ينطوي على إجراءات وخطط تطرح من قبل الحكومة لأول مرة. أنا في تصوري أيا كان الخلل الموجود في هذا المشروع علينا تعضيد هذا المشروع ودعمه والعمل جميعا على إنجاحه، لأنه ليس هناك في الوقت الحاضر مشروع بديل، نعم هناك ثغرات وهناك نواقص واضحة في هذا المشروع، علينا ألا ننظر إلى هذه النواقص وكأن المشروع ميت، هذا المشروع بحاجة إلى استكمال وسوف نعمل جاهدين إلى إخراج هذا المشروع من خلال التقدم بمشاريع تعالج القضايا التي نعتقد انها مازالت معلقة كموضوع المقاومة على سبيل المثال، حيث علينا أن نحاول معها لجذبها إلى العملية السياسية وطمأنتها على مستقبلها.

الجانب الثاني، مشروع آخر يمكن أن ينصرف إلى موضوع جدولة انسحاب القوات الأجنبية على سبيل المثال، هناك نواقص في المشروع لابد من استكمالها وهناك قناعة لدى رئيس الوزراء ولدى الآخرين أن هذا المشروع ينبغي أن يعتبر كقاعدة وركيزة ننطلق منها إلى بناء مشاريع جديدة ومقبلة، وإذا اعتمدت هذه المشاريع وطرحت واعتبرت مكملا للمشروع الذي طرحه رئيس الوزراء اعتقد سيكون هناك بارقة أمل في تحقيق مصالحة حقيقية للعراق.

خلط الأوراق

كيف تقيم خطة أمن بغداد لاسيما أنها تسير باتجاه واحد ولم تشمل كل مناطق العاصمة؟

هذا جزء من الخلل وأنا اعتقد أن الخطة بشكل عام قاصرة لأسباب فنية وعملياتية ولأسباب تتعلق بعدم وجود سند سياسي لها. تقدمنا بملاحظات عديدة والخطة لا ترقى إلى مستوى التحديات. مع الأسف الشديد كان بالإمكان تطوير هذه الخطة منذ البداية، لأن الأخطاء والثغرات الموجودة فيها كانت واضحة للعيان وكانت توقعاتي منذ البداية أن هذه الخطة سوف لا تعمل على ضبط الأمن في بغداد وكان لدي تحفظ وتقدمنا بملاحظات ربما تجاوزت أربع صفحات عن هذه الخطة وعن الثغرات الموجودة فيها وكيفية إكمال هذه النواقص الآن وقد تحقق للجميع ما قلناه من أن هذه الخطة غير كافية وبالتالي لابد من تعديلها وهناك اليوم قناعة كافية لدى كل الأطراف انه لابد من إعادة النظر بهذه الخطة حتى تأتي متناسبة مع طبيعة الظرف الذي نحن فيه. هناك مسعى لمراجعة هذه الخطة ونأمل تعديلها بما ينبغي وبالتأكيد أن هذه الخطة توحي من خلال التنفيذ أن المشكلة الأساسية الآن طرف يطلقون عليه صفة الإرهاب وهناك أيضا نزاع وطني حول توصيف الإرهاب وحتى هذه التسمية غير متفق عليها عالميا وهناك خلط للأوراق بين مقاومة وبين إرهاب ولنفرض أن هذه المجموعة أو هذه البؤرة هي مصدر للعنف، المصدر الثاني للعنف هو الميليشيات، الآن الكلام يتركز على الجانب الأول ويترك الجانب الثاني يعتبرون أن عمل الميليشيات هو مجرد ردود أفعال لعمل الإرهاب، الحكومة يفترض أن تعمل على فرض النظام والأمن بقوة. هناك مفارقة أيضا في هذه المسألة في التعامل مع من وراء العنف. الآن الظاهرة الواضحة حقيقة الأمر هو الميليشيات وليست شيئا آخر. السيارات المفخخة حتى الآن لا احد يعلم من وراءها وهي ليست فقط القاعدة ومجموعة الزرقاوي إلى آخره، ربما كانت هذه الجماعة متورطة وهذا الشيء لا يذكر، لكن أنا اعتقد أن ما يحصل هو أكثر بكثير من انه تحمل كل مآسي العراق وكل التفجيرات على جهة معينة، هذا اختزال مشبوه للمعضلة العراقية، أنا اعتقد أن هناك أكثر من طرف معين وهناك أدلة استخباراتية على أن هذا الطرف أو ذاك ينشط في هذه المسألة. الظاهرة الواضحة للعيان انه بعد كل سيارة مفخخة تنشط الميليشيات خلال فترة قصيرة من الزمن لإيذاء أو للهجوم على مساجد أهل السنة ولقتل الناس وكأنما الموضوع مفبرك. انفجار السيارة المفخخة يشكل دافعا تحريضيا للميليشيات. وهذه الميليشيات جاهزة تتحرك بحرية والجيش لا يتدخل والشرطة لا تتدخل والأمريكان لا يتدخلون والميليشيات تأخذ حريتها ثلاث أو أربع ساعات، حيث تعيث في الأرض فسادا حتى تأتي بعدها القوى الأمنية، حقيقة هذا موقف مشبوه وأنا اعتقد أن النوايا الطيبة غير موجودة في الوقت الحاضر.

ذكر رئيس مجلس النواب في مؤتمر صحافي انه لا يوجد تدخل إيراني في شؤون العراق العراقية فهل تعتقدون أن هذا التصريح يطابق الواقع؟

في تصوري أن هذا المسؤول حقيقة لا يعبر عن وجهة نظر الحكومة العراقية، بل لا يمثل واقع الأمر، لدينا تقارير استخبارية مؤكدة تشير بما لا يدع مجالا للشك أن إيران وغيرها تتدخل في الشأن العراقي بصورة صارخة والدليل على ذلك عندما طرحت إيران رغبتها في الحوار والجلوس على طاولة واحدة مع الولايات المتحدة الأمريكية للتباحث بالشأن العراقي، ما الذي يعنيه ذلك ؟ هذا دليل واضح على تدخل إيران.

أين وصلت جهودكم لإطلاق سراح النائبة تيسير المشهداني؟

حقيقة لا نعلم حتى الآن من هي الجهة الخاطفة ولا يمكن اتهام طرف معين لأنه لا يمكن أن نبني موقفا على ما يصلنا من معلومات دون تحر ودون الوصول إلى درجة اليقين. الذي حصل وكما هو معلوم للجميع أن الخاطفين تقدموا بمطالب سياسية وجدنا أنها تلتقي مع مشروع الحزب الإسلامي العراقي ومع جبهة التوافق العراقية وبالتالي لم أجد هناك إحراجا في تأكيد هذه المبادئ. لقد وجدنا هناك مفارقة حقيقية بين معاناة امرأة فاضلة هي مشرعة للقانون، وبين مطالباتهم، مفارقة حقيقة كانت محزنة بالنسبة لنا. لم نفهم هذه المسألة كما ينبغي، بعد ذلك تقدموا بطلب إطلاق سراح عدد من المخطوفين لا اعلم إلى اليوم أين هم؟ ومن خطفهم؟ علمنا أن قسما منهم قد فارقوا الحياة لأسباب كثيرة وبالتالي هذه المطالبات معظمها نقاط تعجيزية ويبدو مع الأسف الشديد أن الأمور سائرة بهذا الاتجاه والحزب الإسلامي وجبهة التوافق يتعرضان الآن لابتزاز غير منطقي وبالتالي فأنا أطالب الخاطفين أيا كانت هوياتهم وانتماءاتهم أن يرعوا الله سبحانه وتعالى في محنة الأخت الفاضلة وان يعجلوا في الإفراج عنها في أسرع وقت ممكن.

وقفة دولية

بعد مشاركتكم في العملية السياسية هل تعتقدون أنكم تسيرون في الإتجاه الصحيح لاسيما أن المواطن يرى أن الأمور قد ازدادت سوءا وتعقيداً؟

والله أنا لا اخفي أني كنت أكثر الناس حرجا في هذه المسألة لأني كنت أبشر أهلي ومن انتخبوا جبهة التوافق العراقية بأن يوم غد سيكون أفضل من يوم أمس وكنا نتكلم حصرا على تحسين الوضع الأمني واعادة الأمن والاستقرار للعراقيين جميعا وهذا لم يحصل مع الأسف الشديد، والذي يحصل اليوم هو خارج كل التوقعات. الساسة الذين يشاركون في السلطة مندهشون ومستغربون من تفاقم الحالة الأمنية وبلوغها هذه الدرجة من السوء في الوقت الذي كان ينبغي أن يشكل إعلان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والمصالحة الوطنية رسائل مبشرة ورسائل خير واطمئنان إلى الشعب العراقي، لذلك أريد أن أقول أن الهم والعبء الحالي يتجاوز إمكانية العراقيين لمعالجته. حقيقة لابد من وقفة دولية، لأن الحكومة ضعيفة والمؤسسات مفككة، لأنها دمرت من قبل الاحتلال تدميرا منهجيا وبالتالي فرض الأمن والسيطرة يحتاج إلى وقت وليس من السهولة الإستعانة بقوات أجنبية، لأن هذا أيضا فيه أذى للسيادة الوطنية ومن جانب آخر قد لا تتصرف هذه القوات ضمن المشروع الوطني لأن لديها أجندة خاصة لكنك بحاجة إليها لفرض الأمن والاستقرار كما ذكرت. نعم هذا الذي حصل هو خارج التوقعات ومفاجئاً بالنسبة لنا، لكن الأطراف التي تتدخل في الشأن العراقي وهي في اغلب الظن أطراف أجنبية وليست عراقية لا تريد المصالحة الوطنية. ولا تريد حكومة الوحدة الوطنية. لا تريد استقرار البلد، بل تريد استنزاف العراق إلى حد الاقتتال والحرب الداخلية وبنفس الوقت إحراج الولايات المتحدة الأمريكية وان تنزلق هذه القوات الإقليمية في مستنقع العراق كما حصل الآمر في فيتنام على سبيل المثال وبالتالي يمكن المساومة على هذا الوضع الكارثي للعراق وللقوات الأجنبية من أجل تمرير أجندة لا علاقة لها بالشعب العراقي ولا علاقة لها بالعراق وهذا ما يحصل. نقل أزمة الملف النووي في إيران إلى العراق واضحة، نقل مشاكل الشرق الأوسط بين دول الجوار وأمريكا الى العراق واضحة، هناك دول أخرى أيضا لم تكن مرتاحة إلى غزو العراق وبالتالي لابد من إجهاض المشروع الأمريكي في العراق حتى لا تتكرر هذه المسألة وهناك دول أخرى في العالم تقول إنه لابد من نزع الغطرسة الأمريكية التي فرضت نفسها كقطب واحد في العالم، هناك مشاكل كبيرة حقيقة الأمر، لذلك لا استغرب عندما يقول السفير الروسي في مرة من المرات عندما سألته عن سبب هذا الاهتمام اللافت للنظر بالشأن العراقي من دون مشاكل العالم، قال بصريح العبارة: ldquo;العراق هو مختبر سياسات العالم وسوف تبدأ على حصيلة هذا الصراع الكثير من استحقاقات العمل السياسي في العالمrdquo;، وهذا صحيح.

إيقاف الهدر

الوضع الحالي في العراق أصبح أكثر تعقيدا وسوءا بعد ازدياد أسعار الخدمات يقابله بطالة واضحة، فإلى أين ستصل الأمور برأيكم؟

الكل واعِ لهذه المسألة، هناك نوايا حقيقية لمحاولة تنشيط الاقتصاد العراقي ومعالجة الخدمات، لكن لا ينبغي أن ننكر أولا الذي حصل من تدمير للبنى التحتية وكان تدميراً منهجياً حقيقياً لكل ما بناه العراق خلال عقود من الزمن هذا جانب، الجانب الثاني أن الأحوال التي قيل إنها صرفت على إعادة الأعمار ذهبت إلى جيوب المديرين العامين في الشركات الأجنبية وذهبت إلى تمويل أنشطة الحماية. أنا اعتقد لم يستفد منها الشعب العراقي إلا الجزء اليسير والأرقام التي تقدم تدعو إلى الصدمة. أنا اعتقد أن المشكلة هي اقتصادية ومشكلة إعادة الخدمات ومشكلة ترشيد الأسعار إلى آخره، هذه مسائل بالإمكان ضبطها. هناك توجه لدى القادة في الوقت الحاضر إلى إيقاف الهدر في المال العام وإيقاف الفساد الإداري وتوجيه كل دولار يصل إلى الخزينة العراقية وجهة تنموية تعيد إحياء البنى التحتية وتعيد تنشيط الاقتصاد، لكن هناك مشكلة أساسية هي الوضع الأمني الذي يتفاقم مع مرور الوقت هذا جانب. الجانب الثاني من خلال معالجة المسألة الأمنية نحن نطرح جملة من الخطط. واحدة من الخطط الأساسية التي أنا شخصيا أؤكد عليها هي الخطة الاقتصادية التي ينبغي أن تنصرف جنبا إلى جنب مع خطط سياسية مع خطط تتعلق بتحسين واعادة هيكلية القوات المسلحة في العراق وخطط تربوية للفرد العراقي سواء في المساجد أو في البيوت أو في المدارس وخطط إعلامية، هذه الخطط ينبغي أن تمضي على قدم المساواة بنفس الأهمية، الآن بسبب الوضع الاقتصادي المتردي هناك نسبة عالية من البطالة في الأيدي العاملة النشطة الشابة وربما يتجاوز الرقم ال 75%. هذا وضع كارثي، بالتأكيد الشاب الذي لا يجد فرصة عمل لكسب الرزق في الحلال يفكر بالانصراف للجريمة والانخراط في العمل المسلح والى آخره، كجزء من المعضلة الأمنية علينا أن نمضي على عجل بخطط اقتصادية واعدة، المشروع الذي قدمته وأؤكد عليه هو الانصراف إلى المشاريع العائلية الصغرى، هذه المشاريع تبدأ بالمناطق الكثيفة السكان، لو وجدت العائلة سبعة أو عشرة أفراد متجاورين لإدارة مشاريع صغيرة بضمان أن الدولة ستشتري إنتاجهم فأنا اعتقد أن جزءاً كبيراً من معضلة البطالة سوف تحل ناهيك عن المشاريع الاستراتيجية لإعادة اعمار البنى التحتية التي تكلمنا عنها، لذلك هذا الوضع الاقتصادي سوف يستمر إلى فترة وهناك مع الأسف الشديد في هذا الظرف ضغوط من البنك الدولي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية ولرفع الدعم عن الغذاء وأنا سوف أتصدى لهذه المشاريع جملة وتفصيلا، يبدو أن الآخرين لا يقرأون الساحة السياسية كما ينبغي. هذا البنك الدولي وغيره من المؤسسات المالية في العالم كأنما تعيش في القمر تريد أن تزيد معاناة الفرد العراقي أكثر مما يصيبه في الوقت الحاضر، لذلك سوف نتصدى إلى هذه المشاريع وسوف نعمل على تحسين فرص الحياة إن شاء الله وتقليل كلفة الحياة على المواطن العراقي، لكن ربما هذا يحتاج إلى فترة من الزمن وكما ذكرت إن شاء الله نحن جادون في أن نعمل على إصلاح الواقع الاقتصادي بأفضل طريقة ممكنة.

ما هي الإجراءات المطلوبة لحل الميليشيات أو للتخلص منها؟

هناك قناعة بأن هذه الميليشيات أدت دورها في محاربة النظام السابق ويفترض أن يكون قد انتهى هذا الدور ولا ينبغي أن يكون لها حضور في العراق الجديد بعد 9/4/2003. لكن الذي حصل أن الميليشيات التي كانت موجودة سابقا مازالت قائمة والدليل على ذلك قوائم بأسماء أفراد الميليشيات تقدم إلى وزارة الدفاع ووزارة الداخلية للانضمام إلى الجيش برتب كبيرة تصل إلى رتبة لواء وبأعداد كبيرة للغاية تتجاوز حتى إمكانية الجيش العراقي في الوقت الحاضر، هذا معناه أن الذين قالوا أنه تم حل الميليشيات كذبوا. معناه أن هذه الميليشيات موجودة في الوقت الحاضر. هذا أولا، المسألة الثانية هناك ميليشيات جديدة نشأت بعد سقوط النظام ولم تكن موجودة سابقا، كان ينبغي أن ينصرف الجميع إلى العمل السياسي، مع ذلك هناك قناعة بأن هذه الميليشيات أدت دوراً في محاربة النظام السابق لابد أن تكافأ ولابد أن يتم التعامل مع أفرادها بطريقة إنسانية ولابد أن يجد هؤلاء وعائلاتهم فرصاً للحياة. والخلاف بيننا وبين الآخرين هو هل ينبغي أن يعاد زج هذه الميليشيات بالقوات المسلحة أو بالوظائف المدنية؟ نحن نقول إن ما حصل في وزارة الداخلية خير دليل على فشل مشروع زج الميليشيات في الوحدات المسؤولة عن حفظ الأمن والنظام في العراق وبالتالي لا ينبغي التفكير مجددا بزج الميليشيات في الوحدات المسؤولة عن الأمن سواء كانت تابعة للداخلية أو تابعة إلى وزارة للدفاع وبالإمكان توفير فرص عمل لأعضاء هذه الميليشيات في وزارات الدولة المدنية وتنتهي المسألة وينزع سلاح هذه الميليشيات، أنا اعتقد حتى الآن أن الحكومة ترددت وتلكأت لأسباب سياسية معروفة في معالجة هذا الملف الخطر نتيجة ضعفها وضعف مؤسساتها وعدم وجود نية حقيقية لنزع أسلحة الميليشيات.

البعض من قادة المليشيات يقول إن ما تقوم به من عمليات يمثل ردة فعل ضد الأعمال الإرهابية لكن في الحالتين نجد أن الضحايا هم عراقيون؟

ينبغي أن أكون واضحا في التتبع للشأن العراقي. أن السيارة المفخخة تأخذ أناساً أبرياء بصرف النظر عن هوياتهم أو انتماءاتهم. قد يقتل فيها شيعي ويقتل فيها سني ويقتل فيها صابئ ومسيحي إلى آخره، يعني لنقل إن هذا الإرهاب لا دين له، لا مذهب له، لا عقيدة له، لا يفرق بين أي كان، إنما هو يقتل البشر بصرف النظر عن أي تمييز، لكن من يقتل هم عامة الناس، أما من يقتل في الجانب الآخر فهم خيرة الناس وقادة الناس، هذه هي المفارقة المحزنة. العراقيون يفقدون رموزاً خيرة واعدة كان المفروض أن تبقى للمشاركة في إعادة بناء البلد، الذي يحصل في الجانب العربي السني هو انتقاء شخصيات، واعتقد أن خسارة هؤلاء ليست خسارة للعرب السنة وإنما هي خسارة العراقيين جميعا لأن هؤلاء معروفون بإخلاصهم لله سبحانه وتعالى وأياديهم بيضاء وسمعتهم طيبة يحبون بلدهم. الخسارة كبيرة ولكن المفارقة المحزنة أن هناك عملية منظمة للقضاء على هذه الشريحة المباركة من شرائح المجتمع العراقي. ونجد أن هذه السمة واضحة في بغداد وفي البصرة أيضا والقادة الذين ذكرت مواصفاتهم سابقا يجري اغتيالهم بطريقة منظمة ومبرمجة. وهناك قصور واضح لردة فعل الجيش تجاه الخارجين عن القانون وفي حماية المساجد، وهناك قصور واضح في معالجة الميليشيات، يعني ردة الفعل دائما بطيئة. نحن غير مرتاحين ونحن غاضبون أيضا على أداء القوات المسلحة، اعتقد ردة الفعل مشروعة جدا، وكما شاهدنا هذا الأسبوع، الشرطة كانت مع الميليشيات تتجول في الشوارع وهذا الوضع مأساوي في حقيقة الأمر ناهيك عن التقارير التي نشرت مؤخرا، تقارير عن جهات أمريكية حققت مع ضباط في وزارة الداخلية ووجدت أربعمائة خرق بتورط الشرطة في أعمال اغتيال واغتصاب ضد السجناء والسجينات في سجون وزارة الداخلية وفي رشاوى وفي إطلاق سراح مجرمين ثبت إجرامهم، هذه الأشياء كلها في وزارة الداخلية وهذا كلام قلناه قبل سنوات. وفي تصوري ينبغي أن نبدأ من الصفر فيما يتعلق بوحدات وزارة الداخلية وان نبني قوات على أسس وطنية وعلى أسس مهنية بأسرع وقت ممكن.

ما هو دور هيئة الرئاسة في معالجة الوضع الذي يعيشه المواطن العراقي حاليا؟

كما ذكرت الإجراءات الموجودة على الأرض هي خطة أمن بغداد وخطة المصالحة الوطنية نحن الآن نحاول أن نقلل معاناة الناس قدر ما نستطيع، الرئاسة كما تعرف ليست جهة تنفيذية في إدارة رئاسة الحكومة، رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والدفاع ونائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية مسؤولون عن الملف الأمني وهذا اتفاق سياسي حصل في وقته لكن رغم ذلك نحن نتابع المسألة الأمنية على الساعة من خلال الاتصالات والحوارات والجلسات ومن خلال مؤتمرات تعقد يوميا لا يعلن عنها في الصحافة ولا يعلن عنها في الفضائيات لكننا نتابع المسألة الأمنية عن كثب ولازلنا نعتقد أنها تشكل هاجسا كبيرا تضع علامة استفهام على مستقبل البلد فيما لو استمرت هذه الميليشيات تتحرك بحرية وتؤذي الناس بالطريقة التي نشاهدها الآن، وبالتالي لابد من وقفة مسؤولة والتطور الذي حصل هو أن هناك مناطق لم يؤذن للقوات العراقية أن تدخلها سابقا، الآن بإمكان هذه القوات أن تدخلها، هذا تطور جيد، المسألة الثانية إصدار رئيس الوزراء أمرا إلى القوات المسلحة أن يتصدوا إلى الميليشيات بقوة حتى بإطلاق النار دون الحاجة إلى إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، هذا التوجيه صدر من رئيس الوزراء واعتقد أنه تطور جيد وبالتالي نعتقد أن هذه الحالة ستنتهي في المستقبل .