عبدالرحمن الراشد


وبينما كان حزب الله في قاع البئر، امتدت له يد لم يتصور أحد قبل الثاني عشر من يوليو انه سيصافحها. جاء ايمن الظواهري زعيم القاعدة الحقيقي، مناصرا، ولم يتجرأ احد من المنتسبين الى الحزب ان يعلن بـlaquo;نعمraquo; أو laquo;لاraquo; لكن الصمت دلالة الرضا.

هذا الموقف المؤيد سكوتا يصدم كثيرين، خاصة عند الشيعة، الذين رأوا في القاعدة اكبر شر عرفوه. فهو التنظيم الذي نشر ادبيات العداء والتكفير وارسل سيارات القتل والتفخيخ، معلنا ان الشيعة قتلة الصحابة وموالو الكفار الاميركان.

الظواهري الذي laquo;ترفعraquo; حتى عن تسميتهم صراحة في خطابه ووصفهم بالمستضعفين المحاربين، الذين يستحقون الدعم من كل المسلمين (أي السنة) ضد الاسرائيليين ومن خلفهم الاميركيون. كيف اصبحوا مستضعفين مسلمين في نظر القاعدة، هو في الحقيقة تغيير تكتيكي لا يعبر الا عن رغبة في اشعال الحرب في كل ركن في المنطقة، لفك الحصار عن القاعدة الذي تعاني منه منذ سقوط نظامها المسيطر عبر طالبان، ويعبر عن ضعف القاعدة التي صارت تبحث عن انتصارات الآخرين لتقاسمهم الدعاية، حتى تحول زعيمها الظواهري الى مجرد محلل سياسي، لم يعلن شيئا جديدا منذ سنين، يوزع بركاته على الطارئين من المحاربين، مثل المحاكم الصومالية وحماس ومقاطعي المنتجات الدنماركية.

ان رضا حزب الله بمساندة الظواهري له، وتخندقه معه، يسهم في ترميم وضع القاعدة المتأزم عند قطاع كبير من السنة، الذي خلقه ظهور ابو مصعب الزرقاوي في العراق. وبناء على المعطيات الجديدة لم يعد من حق السلطات الأردنية محاكمة النائب الاردني ابو فارس لأنه عزّى في مقتل الزرقاوي ونعاه كشهيد، طالما ان السيد حسن نصر الله لم يرفض صداقة الظواهري. لماذا يحاسب سني متطرف مثل ابو فارس على تعاطفه مع سني متطرف آخر، اذا كان زعيم للشيعة مثل السيد حسن يفعل الشيء نفسه، رغم صراحة القاعدة في آخر خطب بن لادن ضد الشيعة، وكذلك استمرار جيل القاعدة الجديد بالسير على نهج الزرقاوي بعد مقتله في العراق.

فالمواقف تتبدل حسب الظروف. قبل اسبوع تقريبا سارت مظاهرة لحزب الله في بيروت نفسها، رغم القصف، وبرزت بين اليافطات التي رفعها السائرون، واحدة تحمل صورتين، واحدة لبوش وبجانبها صورة بن لادن. وبعد خطاب القاعدة الجديد ظهرت على التلفزيون صورتا الظواهري والسيد.

ياله من خندق غريب، حيث تستمر سيارات القاعدة تقتل يوميا العشرات في بغداد الناس فقط لانهم شيعة واهداف سهلة، وتسكت اصوات الشيعة السياسية على تأييد القاعدة لحزب الله مع أنه تأييد رخيص.

لنتذكر هذه العلاقة الغريبة لاحقا، لأن حرب لبنان على الأرجح لن تكون مثل العراق طويلة ودامية، بل قصيرة ومتقلبة التحالفات.