الثلاثاء: 2006.08.29
أبو خلدون
على الرغم من مرور ما يزيد على ستة عقود على موته منتحراً، لا يزال الزعيم النازي أدولف هتلر مالئا الدنيا وشاغلا الناس، وقبل مدة صدر في ألمانيا كتاب جديد عنه من تأليف المؤرخ البروفيسور لوثار ماشتان أستاذ التاريخ في جامعة بريمن، وصفه النقاد بأنه ldquo;أول بحث جدي في حياة هتلر بهدف توثيقهاrdquo;.
والكتاب بعنوان ldquo;هتلر الخفيrdquo;، وهو لا يعيد الى الأذهان، كما يوحي عنوانه، تلك الروايات التي شاعت بعد الحرب العالمية الثانية عن أن الزعيم النازي لم ينتحر عندما دخل الحلفاء برلين في المراحل الاخيرة للحرب، وإنما بقي على قيد الحياة، وتمكن من الهرب الى الخارج، ربما الى إحدى دول أمريكا الجنوبية، حيث عاش متخفيا باسم مستعار، فالكتاب يسخر من هذه الشائعات، ولكنه، في المقابل، يتحدث عن الجوانب الخفية من حياة هذا الزعيم الألماني، ويؤكد بالوثائق، إن هتلر كان شاذاً، أي ldquo;مثلياrdquo;.
وقد يتساءل البعض: ldquo;اذا كان هتلر مثليا، فما معنى علاقته بإيفا براون وزواجه منها في مخبئه في برلين، قبل انتحاره بساعات؟ ويجيب المؤرخ لوثار عن هذا التساؤل بالقول: كان زواج هتلر من إيفا براون هو الكذبة الأخيرة البارعة، في حياته الحافلة بالأكاذيب، لكي يذهب السر معه الى المحرقةrdquo;.
والشبهات حول شذوذ هتلر كانت تساور المؤرخين منذ أن نشر صديقه يوجين دولمان كتابه ldquo;روما نازيةrdquo; عام ،1949 وقال فيه ان علاقته بهتلر أتاحت له الاطلاع على الجوانب الاكثر حميمية في حياة الزعيم النازي.
ولكن الكتاب نشر بالايطالية، وهي لغة غير رائجة بين الألمان، اضافة الى أن الذين أرخوا لحياة هتلر ركزوا على أنه ldquo;لم تكن له حياة خاصة، فقد كرس كل حياته لمبادئه، وللحزب النازي الذي يتزعمهrdquo;، ولكن البروفيسور ماشتان يستشهد في كتابه بمذكرات كتبها ldquo;هانز ميندrdquo; الذي كان مجندا في نفس الكتيبة التي خدم فيها هتلر أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي هذه المذكرات يقول هانز: ldquo;ان الضباط المسؤولين ضبطوا هتلر عدة مرات في أوضاع مشينةrdquo;.
والطريف في الكتاب انه لا يرجع سياسة ldquo;الحل النهائي للمشكلة اليهوديةrdquo; الى كره هتلر لليهود بسبب المؤامرات التي دبروها ضد ألمانيا وإنما الى شذوذه، ويقول البروفيسور ماشتان: ldquo;كان العديد من عشاق هتلر المثليين من اللاساميين، خصوصا البوهيمي العجوز ديتريش ايكارت الذي ساهم الى حد كبير في صنع أفكار هتلر، وبالطبع إيرنست روم الذي أمر هتلر بقتله مع غيره من المثليين في مذبحة ldquo;ليلة السكاكين الطويلةrdquo;، ويضيف: ماشتان في كتابه: ان مثلية هتلر هي التي دفعته الى السعي للوصول الى السلطة، لأنه يستطيع التخلص من كل من يحاول استغلال شذوذه لابتزازهrdquo; ويلاحظ ان جوبلز أعلن، ان هؤلاء كانوا على وشك تعريض القيادة الألمانية بأسرها للشكوك والخجل ووصمها بالشذوذ في إشارة الى شذوذ هتلر.
والكتاب حافل بالشهادات التي تدعم الرأي الذي يطرحه مؤلفه، ولكن مسألة اخراج موقف هتلر من اليهود من إطاره التاريخي والالماني وتفسيره بتأثير بعض اصدقائه الحميمين عليه يكاد يخرج الكتاب بأسره من جدية البحث.
التعليقات