عبد الرحمن الراشد


شاعت اقوال عن سكتة قلبية اصابت رئيس باكستان برويز مشرف لأنه شوهد يدخل المستشفى في الولايات المتحدة، وأمس راجت شائعة بأن انقلابا في الطريق الى القصر، تزامنت مع انقطاع الكهرباء في العاصمة اسلام اباد. وجاءت مضادة لإشاعات عن وفاة عدوه اللدود بن لادن، زعيم القاعدة.

الا ان الجنرال الصلب اوضح انه في صحة الشباب، وبلده ليس جمهورية موز، يمكن ان يقلب نظامها بمجرد ان يغادر عاصمتها في رحلة خارجية.

والجنرال محل الاثارة هو من بدأ حرب الأقاويل، عندما فجر قنبلته في نيويورك، قائلا للاعلام ان الحكومة الاميركية هددته بضرب باكستان واعادتها للعصر الحجري، ان لم تتعاون معها في الحرب على بن لادن.

فهل هي جمهورية موز تدار بالريموت كنترول من الخارج؟

الأكيد ان باكستان ليست بالجمهورية ولا بالموزة أيضا. ولا يمكن ان نقول الا ان الرئيس مشرف هو من وأد النظام السياسي في انقلابه الشهير عام 99 بعد ان بلغت النزاعات السياسية مرحلة فتحت الباب للعسكر بحجة ضبط النظام وحماية البلاد. والخطأ استمر حيث لم يسع مشرف الى ترميم النظام السياسي للجمهورية، بل نصب نفسه من رئيس للجيش الى رئيس للبلاد، مع واجهة انتخابية لم تقنع أحدا بقانونيتها.

لكن أيضا لا بد من القول ان فترة مشرف بعد الانقلاب صارت حاسمة في تأمين الاستقرار. وربما لولا امساك الجيش بالسلطة، الذي سبق أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وتورط باكستان رغما عنها في الأزمة، لأصبحت هي نفسها مثل افغانستان. فخميرة الفوضى جاهزة من قبائل حدودية، وجماعات مركزية متنافسة، وأخرى مسيسة ومنظمة ومعسكرة، يضاف اليه أيضا البعد الخارجي. وفوضى في باكستان لو حدثت ستجعل ما شاهدناه في افغانستان مجرد نزهة، بحكم مركزية الاولى في الاقليم وثقليها السكاني والعسكري.

واذا كان مشرف سلب السلطة والغى حكم الديمقراطية فان هناك شبه اجماع على ان فترة حكمه تميزت بأنها افضل اداريا، وانظف من مرحلة الفساد التي سادت في حكمي بنازير بوتو ونواز شريف، وأكثر نموا رغم ارتفاع اسعار البترول. وهناك في باكستان من يرى ان حكم مشرف ضرورة للانتقال من مرحلة الفوضى المدنية، بفسادها وفشلها الاقتصادي، الى حكم منضبط ونزيه. وهناك من يرى ان لا قيمة لكل ما فعله ان لم يحترم النظام ويعيده الى خيار المواطن لا حكم الجيش.

اما وصف باكستان بأنها جمهورية موز ففيه تجن لأن تعاطيها السياسي لا يختلف كثيرا في منهجها عن بقية دول العالم. فالعالم مشكل من تحالفات الحاجة، خاصة بالنسبة للدول الكبيرة في اقليمها، ففي اربعين عاما من الحرب الباردة دعمت الصين والاتحاد السوفياتي الهند، بينما دعمت اميركا باكستان. والمشهد السياسي أمامنا صريح بالتحالفات في ايران وسورية والخليج والكوريتين وغيرها، فلا يمكن ان نصف واحدة بأنها جمهورية موز والثانية جمهورية بطاطس.