الخميس: 2006.09.28

سعد محيو

محمود أحمدي نجاد في ldquo;مجلس العلاقات الخارجيةrdquo; الأمريكي؟ إنه الحدث في حد ذاته. فهذا المجلس ليس جزءاً من الحكومة الأمريكية، بل هو ldquo;الrdquo; حكومة، ليس فقط الأمريكية بل ربما أيضاً العالمية. ليس النخبة المثقفة الناصحة للحكام، بل هو الحكام الناصحون للنخبة المثقفة وغير المثقفة.

مجلس العلاقات الخارجية(CFR) ، تأسس العام 1917 في نيويورك على يد الكولونيل إدوارد ماندل هاوس، المستشار الخاص لوودرو ويلسون. وهو ضم في البداية 100 من كبار رجال المصارف الكبار والسياسيين والمفكرين، وكان فرعه في لندن هو ldquo;المؤسسة الملكية للشؤون الدوليةrdquo;.

الهدف المعلن للمجلس، الذي يضم الآن أكثر من 3000 عضو من أمريكا وبعض دول العالم، هو تحقيق السلام العالمي استناداً إلى العولمة وإزالة الحواجز جميعها بين الدول، وتشكيل مؤسسات عامة للأمم كافة تتجسد في النهاية في حكومة عالمية أو نظام عالمي جديد.

ظاهرياً، يبدو المجلس مجرد مركز آخر من آلاف مراكز الأبحاث التي تعج بها أمريكا. لكن هذا ظاهرياً فقط. فنواته الصلبة التي تدير اعماله، كما يؤكد الكثير من المحللين الأمريكيين، هي بمثابة تنظيم عالي السرّية يدير من وراء الكواليس كل السياسات الامريكية في الحرب كما السلام. لا بل يقال ان المجلس له عرس في كل قرص في العالم طيلة القرن العشرين، وإن هدفه الحقيقي هو السيطرة على العالم لصالح قلة سرية أخرى من خلال الحركة المصرفية العالمية والعولمة، والتجارة، والمعاهدات العالمية والنظام العالمي.

منذ العام ،1988 كان هناك 14 وزير خارجية (بينهم كيسنيجر وبريجنسكي)، و14 وزير مالية، و11 وزير دفاع ( بينهم دونالد رمسفيلد)، وأعداد وافرة من رؤساء الدوائر الفيدرالية، كلهم أعضاء في مجلس العلاقات الذي تنص المادة الثانية من قانونه الداخلي على ldquo;إسقاط العضوية عن أي شخص يكشف تفاصيل تتعلق باجتماعاتهrdquo;. لماذا هذه السرية؟ لأن المجلس، كما يقول الكاتب الأمريكي جيم مارس: ldquo;يمارس السلطة بالسرrdquo;.

هذه هي الهيئة التي تحاور 24 من أعضائها البارزين مع الرئيس الإيراني نجاد الأسبوع الماضي. ولأنه يفترض بأي رئيس، أو مسؤول، ان يعرف مع من يتحدث، فالمؤكد أن نجاد كان يعرف أنه يفاوض العقل المدبِّر ل ldquo;الشيطان الأكبرrdquo;.

ما دار في هذه الجلسة يبدو عادياً للغاية: أعضاء المجلس يستجوبون الرئيس حول تصريحاته إزاء المحرقة اليهودية، والديمقراطية، والإرهاب والأسلحة النووية، فيرد الرئيس بالتساؤل حول أسباب تذكّر 6 ملايين يهودي وتناسي 26 مليوناً قضوا في الحرب العالمية الثانية، وبتأكيد حقوق الشعب الفلسطيني، وبالدفاع عن الديمقراطية الإيرانية.

الحوار، كما هو واضح، لم يكن مهماً. الأهم هو الجلوس إلى طاولة الحوار. وبين من؟ بين ألد خصوم أمريكا في إيران، وبين ألد خصوم إيران في أمريكا. وهذا تطور قد يكون له ما بعده، خاصة إذا ما نجح نجاد في هذه الجلسة بإقناع المجلسيين الأقوياء بأن الصفقات لا تزال ممكنة بين طهران وواشنطن.

فريد زكريا، عضو مجلس العلاقات وناشر ldquo;نيوزيكrdquo; الذي شارك في الحوار، أوحى بأن الرئيس الإيراني حظي ببعض التعاطف، حين قال انه برغم أن نجاد ldquo;معتد بنفسه، ومتعجرف، وأحياناً عدواني، إلا انه دائماً هادئ وذكي، وهو على أي حال، لن يكون البتة أسوأ من ماوتسي تونغrdquo;. زكريا يدعو إلى التفاوض مع إيران، ليس لإبرام صفقة سلام شامل معها، بل لدفعها إلى مصير مشابه لذلك الذي حدث للاتحاد السوفييتي السابق ثم لصين ما بعد ماو.

نجاد يعرف ذلك، لكنه قد يقبل التفاوض إذا ما عنى هذا وقف التهديدات بالحرب الوقائية ضد بلاده، ومنحها بضع سنوات من الهدنة. لكن، هل هو مستعد لدفع أثمان هذه الهدنة؟ في لبنان مثلاً؟ أو في العراق؟ أو في فلسطين؟

ربما. من يدري؟