جهاد الخازن
الرئيس بوش عرض استراتيجية جديدة للحرب على العراق (أقول على العراق وليس في العراق)، وهي استراتيجية ستفشل، كما فشلت الاستراتيجية السابقة، إن وجدت، وأنا أسجل هذا على نفسي اليوم لأعود وأقول للقراء: قلت لكم هذا. (وإذا نجحت الاستراتيجية الجديدة فسأعود معترفاً معتذراً تائباً).
أستطيع أن أرد على كل سطر وفقرة في خطاب الرئيس الأميركي، وأمامي نصّه، إلا أنني أعرف أن المجال سيضيق، وأقدّر أنني لن أتجاوز في التعليق اليوم صفحة ونصف صفحة من خطاب في خمس صفحات كاملة، لذلك أرجح أن أعود الى الموضوع غداً.
الرئيس بدأ بالقول: مساء الخير، وعندي اعتراض حتى على تحيته لأنه لم يعدنا بأي خير، وإنما بمزيد من القتل والتدمير.
وهو قال إن القوات المسلحة الأميركية تخوض نضالاً يحدد مصير الحرب العالمية على الارهاب laquo;وأمننا الداخليraquo;. وأقول ما ذنب العراق في كل هذا؟ ادارة بوش نقلت الحرب على الارهاب الى العراق، وقتل 200 ألف عراقي على أقل تقدير، وحوالى مليون على أعلى تقدير، ولم يكن العراق يهدد أمن الولايات المتحدة، أو يقيم أي علاقة مع laquo;القاعدةraquo; التي دخلت العراق مع الاحتلال الأميركي.
الرئيس يعتبر أن الانتخابات العراقية laquo;إنجاز مذهلraquo;، وأقول إن هذه مبالغة مفضوحة، فالانتخابات أجريت على أساس فرز طائفي لم يعرفه العراق الا عندما شكل الأميركيون مجلس الحكم على اساس طائفي. وفي حين يقول الرئيس الأميركي إن ارهابيي القاعدة والمقاومة السنّية أدركوا الخطر المميت للانتخابات على وضعهم، فإنني أقول ان الأساس الطائفي الذي أجريت الانتخابات على أساسه هو الذي سهّل مهمة الارهابيين (اتفق مع الرئيس على نقطة واحدة فقط هي ان القاعدة منظمة ارهابية) حتى أصبح جورج بوش أفضل جاويش لتجنيد الارهابيين.
الرئيس بوش يقول بعد ذلك ان الوضع في العراق laquo;غير مقبول للشعب الأميركي، غير مقبول ليraquo;، وهذا حسن إلا أنه لا يرد شهداء العراق من المدنيين الأبرياء الى الحياة. أما أن القوات الأميركية قاتلت بشجاعة فقد كنتُ أرجو أن يوضح الرئيس عناصر هذه الشجاعة في الفلوجة او حديثة أو بلد.
ويكمل الرئيس قائلاً: laquo;حيث وقعت أخطاء فالمسؤولية عليّraquo;. وأنبّه الرئيس الى أنه مسؤول عن خوض حرب على العراق لأسباب ملفّقة، وأن حربه هذه قتلت مئات ألوف العراقيين، ما يجعله مذنباً بقدر ما كان صدام حسين مذنباً، واعترافه يمهّد لمحاكمته بتهمة القتل... طبعاً بعد خروجه من البيت الأبيض.
يقول الرئيس بعد ذلك إن من الواضح أن هناك حاجة الى تغيير استراتيجيتنا في العراق، وأقول من جديد ان الاستراتيجية الجديدة ستفشل. والرئيس يزعم ان فريقه من مسؤولي الأمن القومي والقادة العسكريين والديبلوماسيين أجرى عرضاً شاملاً للوضع laquo;وشاورنا أعضاء الكونغرس من الحزبين والحلفاء وخبراء آخرينraquo;.
أصر على ان الرئيس شاور الجميع، الا أنه في النهاية قَبِل نصح غلاة المحافظين الجدد الذين ورّطوه في الحرب أصلاً، وهم يريدون الآن ان يضرب ايران وسورية، مرة أخرى لأسباب اسرائيلية خالصة، كأسباب الحرب على العراق، لأن هذه الدول لا يمكن ان تهدد أمن الولايات المتحدة. فما يهدد الأمن الأميركي هو الالتزام الكامل بإسرائيل وشنّ حرب صليبية على الاسلام والمسلمين ثم الحديث عن الاسلاموفاشزم وتجاهل النازية الاسرائيلية.
الرئيس بوش يحذّر بعد ذلك من ان الفشل في العراق سيعود بكارثة على الولايات المتحدة. فالراديكالية الاسلامية ستقوى وتحصل على جنود جدد وتهدد بقلب الانظمة المعتدلة.
laquo;الخسن والخسين بنتا معاوية...raquo; فأنا لا أعرف كيف أبدأ. الرئيس بوش هو الذي أوجد في العراق وضعاً يهدد الفشل فيه بلاده، وهو بسياسته الخرقاء يدفع الشباب الى صفوف القاعدة ويجعل منهم ارهابيين، كما ان الخطر الأكبر على الانظمة المعتدلة هو قربها من الولايات المتحدة، فأي علاقة مع إدارة بوش سيفسّرها الشارع العربي والإسلامي على أنها موجهة ضد مصالح العرب والمسلمين.
ويعود الرئيس الى الكذبة التي دمّرت العراق عندما يشير الى ارهاب 11/9/2001، وينطلق منه ليقول إن أمن الشعب الأميركي يوجب النجاح في العراق، هل يجوز بعد كل المعلومات المتوافرة ان يستعمل هذا العذر الزائف، وقد ثبت نهائياً ان العراق لم تكن له علاقة بأي ارهاب، وإنما ضحي به وبأبنائه طلباً لأمن غير موجود ولن يتحقق بقتل مزيد من أبنائه.
الرئيس بوش مسكين، فهو لا يعرف، والذين كتبوا له خطابه قالوا: laquo;ان قادتنا العسكريين درسوا الخطة الجديدة التي تعالج اخطاءنا، وقالوا إنها ستنجح في معالجة الأخطاء، وإنها تستطيع النجاحraquo;.
الرئيس بوش استبدل قادة عسكريين يؤيدون زيادة القوات بالقادة في الميدان الذين عارضوا ذلك.
وأكتفي بشهادة الجنرال جون أبي زيد، قائد القوات الأميركية، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ بعدما دعا السيناتور جون ماكين الى زيادة القوات الأميركية في العراق.
قال أبو زيد مخاطباً ماكين: laquo;اجتمعت مع قادة الفرق، ومع الجنرال كايسي، ومع الجنرال ديمبسي، وسألتهم عن رأيهم المهني، وهل إن زيادة القوات الأميركية ستؤدي الى تحقيق النجاح، وردوا جميعاً: لاraquo;.
التعليقات